انطلاق مؤتمر "العرب والكرد" ببحث التعايش والصدام

صورة للمتدخلين في الجلسة الأولى من مؤتمر العرب والكرد المنعقد في الدوحة
صورة للمتحدثين في الجلسة الأولى من مؤتمر العرب والكرد المنعقد بالدوحة (الجزيرة)

المحفوظ فضيلي-الدوحة

انطلقت اليوم السبت في العاصمة القطرية الدوحة أعمال مؤتمر "العرب والكرد.. المصالح والمخاوف والمشتركات" بمداخلات لباحثين متخصصين ومؤرخين عرب وأكراد من العراق وسوريا تضمنت جهات نظر متعددة وحتى متضاربة في بعض الجوانب بشأن جذور القضية الكردية -خاصة في العراق وسوريا– وما يكتنفها من أوجه التعايش والتصادم.

وانصبت جل المداخلات في افتتاح المؤتمر -الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات على مدى ثلاثة أيام- على محاولة تبيان نشأة المسألة الكردية تاريخيا في نطاق الدول العربية الناشئة بعد الدولة العثمانية وبعد الانتداب الأجنبي، وعلى التطور التاريخي للقضية الكردية في العراق وسوريا.

ورصد الأكاديمي العراقي سيار الجميل ملامح جدلية التعايش التاريخي بين العرب والكرد في ولاية الموصل شمال بلاد الرافدين، وقال إن ذلك التعايش يمتد أنثروبولوجيا إلى أزمنة قديمة، وهو ما شكل أرضية لمشاركة الكرد في الحياة العراقية، خصوصا على ضوء المشتركات السياسية على مستوى الأحزاب أو التمثيل النيابي.

وتوقف الباحث عبد الوهاب القصاب عند أحوال الكرد في العهد الملكي بالعراق وما اعتبرها "محاولة ناجحة في بناء الهوية الوطنية العراقية الجامعة"، وقال إن الدولة العراقية اعترفت منذ تأسيسها بخصوصيتهم القومية وهويتهم الثقافية، ولم تمارس ضدهم أي حالة من حالات التمييز خلافا لما حصل لهم في تركيا وإيران وسوريا.

وفي الحالة السورية، أوضح الباحث جمال باروت أن نشوء المسألة الكردية في الجزيرة السورية ارتبط بطبيعة نشوء الاجتماع الحضري فيها، أما في تركيا فقد نشأت بعد تحطيم معاهدة سيفر (عام 1920) والتحول إلى معاهدة لوزان (عام 1923)، ونشوء الجمهورية التركية على أنقاض فكرة الكيان القومي الكردي والدولة الأرمنية، وعلى حساب الأراضي السورية.

عدد من الأكاديميين والباحثين في افتتاح مؤتمر العرب والكرد الذي سيتواصل طوال ثلاثة أيام(الجزيرة)
عدد من الأكاديميين والباحثين في افتتاح مؤتمر العرب والكرد الذي سيتواصل طوال ثلاثة أيام(الجزيرة)

وقال إن كرد الجزيرة السورية تعرضوا لاحقا -بعد استقرار أجيالهم- إلى قانون الإحصاء الاستثنائي وبرنامج حكومة خالد العظم في مرحلة الانفصال السوري (1961-1963) لإصلاح الجزيرة (عام 1962)، وهذا أساس نشوء مشكلة من هم "بدون" في سوريا.

ومن زاوية نظر مختلفة، أوضح الباحث هوكر طاهر توفيق من كردستان العراق أن العلاقات الكردية والعربية كانت قبل ما سماه خضوع الكرد للعرب طبيعية، وإن الكرد والعرب وجدوا أنفسهم مرات عديدة في خندق واحد ضد الدولة العثمانية.

وقال إن بلاد الكرد (كردستان) قسمت بعد الحرب العالمية الأولى بين أربع دول (تركيا، إيران، العراق وسوريا) فدخلت العلاقات الكردية-العربية منعطفا خطيرا وصل إلى حد إنكار الهوية الكردية في سوريا، والقيام بحملات إبادة جماعية ضد الكرد في العراق.

ويأتي المؤتمر في إطار سلسلة مؤتمرات العرب والعالم التي دأب المركز العربي على تنظيمها دوريا منذ عام 2010، وتتناول عادة علاقات العرب مع جيرانهم في الإقليم وكذلك مع القوى الدولية الفاعلة على الساحة الدولية.

وتناولت الدورات السابقة في سلسلة "العرب والعالم" علاقات العرب مع كل من إيران وتركيا والقرن الأفريقي والولايات المتحدة وروسيا والصين.

ويسعى المؤتمر لتقديم فهم أكثر عمقا للمسائل الإشكالية في علاقات العرب والكرد في ضوء التطورات السياسية المتسارعة التي تعيشها دول المشرق العربي.

ويعد المؤتمر أوسع تظاهرة أكاديمية في الموضوع، حيث يشارك فيه باحثون وأكاديميون عرب وأكراد لمناقشة قضايا إشكالية راهنة تفرض نفسها بقوة على الأجندات البحثية العربية والكردية معا، وتتنوع مواضيعها بتنوع التخصصات العلمية والأكاديمية.

المصدر : الجزيرة