جنوب السودان بين الوصاية الدولية وتشرذم الحركة الشعبية

epa00635990 US President George W. Bush greets the Minister Transportation, Roads and Bridges for the Government of Southern Sudan Rebecca Garang Demabior in the Oval Office of the White House in Washington, DC Friday 10 February 2006. EPA/SHAWN THEW
ربيكا قرنق خلال زيارة سابقة لها إلى واشنطن (الأوروبية-أرشيف)

مثيانق شريلو-جوبا

أثارت تصريحات ربيكا أرملة مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق الرافضة لمقترح فرض الوصاية الدولية من الأمم المتحدة أو أي تكتل إقليمي أو عالمي على دولة جنوب السودان، تساؤلات حول مغزى التصريح وتوقيته.
 
وأدلت ربيكا قرنق بموقفها الأسبوع الماضي أثناء وجودها في الولايات المتحدة، علما بأن صاحب المقترح هو الأمين العام السابق للحركة الشعبية باقان أموم أوكيج، وقد طرحه أيضا من منفاه الاختياري في ذلك البلد.

ورأت ربيكا -المحسوبة على مجموعة أموم- في تصريحات أمام حشد من مواطني جنوب السودان في أميركا، أن الحل الوحيد لاستعادة الاستقرار يتمثل في تنحي سلفاكير ميارديت من السلطة، حتى تتسنى إعادة وحدة الحركة الشعبية لتحرير السودان من أجل إنقاذ البلاد من الانهيار التام.

ويرى متابعون أن تصريحات ربيكا قرنق تمثل ضربة قاضية لمقترح باقان أموم الحليف السياسي المقرب منها ومن زوجها الراحل. وبالرغم من تمسك ربيكا قرنق بضرورة تنحي الرئيس سلفاكير ميارديت من السلطة، فإنها -كآخرين من قادة جنوب السودان- ترى أن وحدة الحزب الحاكم هي المخرج الوحيد لإنقاذ الدولة الوليدة من الانهيار، وهو موقف لا يزال يثير الكثير من الجدل السياسي في ظل الخراب والحرب التي تشهدها البلاد.

‪‬ باقان أموم طرح فكرة الوصاية وروّج لها(الجزيرة)
‪‬ باقان أموم طرح فكرة الوصاية وروّج لها(الجزيرة)

ومع تعالي الأصوات المؤيدة لمقترح الوصاية الدولية أو الإدارة الأجنبية لدولة جنوب السودان، انتقد وزير الإعلام في الحكومة مايكل مكوي هذه المقترحات، ووصف المروجين لها بأنهم عملاء ويخدمون أجندات أجنبية تهدف لإعادة استعمار جنوب السودان، وقال إن خطة الأمين العام السابق باقان أموم لتغيير النظام عبر الدعوة لفرض الوصاية الدولية فاشلة.

فصائل متناحرة
يشار إلى أنه عقب اندلاع الحرب الأهلية في ديسمبر/كانون الأول 2013 بفعل خلافات سلفاكير ميارديت وخصمه السياسي رياك مشار، دعا سياسيون إلى إعادة وحدة الحزب من جديد باعتبارها حلا للأزمة السياسية في البلاد لتجنب انهيارها.

ولاقت الدعوة معارضة شخصيات اجتماعية وسياسية مثل لام أكول أجاوين أبرز قادة المعارضة في ذلك الوقت، ورأى هؤلاء أن وحدة الحزب الحاكم لم تحقق لجنوب السودان سوى التراجع في تحقيق التنمية وتقديم الخدمات للمواطنين واستشراء الفساد والمحسوبية في كافة مؤسسات الدولة الوليدة.

ويرى البرلماني القيادي في الحركة الشعبية أتيم قرنق، أن ثمة مفاهيم عديدة خاطئة دفعت إلى الترويج بأن تشرذم الحزب الحاكم يعني الانهيار التام للدولة.

وقال أتيم للجزيرة نت إن الذين يرون أن وحدة الحركة الشعبية تعني الاستقرار في الدولة الوليدة عليهم أن يكونوا الأكثر التزاما بنتائج التداول السلمي للسلطة داخل الحزب قبل الدولة، واتهم من تمت الإطاحة بهم من مناصبهم السياسية بشخصنة القضايا للدرجة التي أوصلت البلاد إلى هذه المرحلة.

من جهته يرى الصحفي والمحلل السياسي إبراهيم أوول نيكير أن الحقائق الماثلة على أرض الواقع تشير إلى أن تشرذم الحزب الحاكم في جنوب السودان هو الذي قاد إلى حالة الاضطراب الأمني منذ عام 2013، عقب الخلافات التي اجتاحت صفوف قيادات الحزب بسبب الصراع على السلطة.

وفي إشارة إلى تصريحات ربيكا قرنق، يؤكد نيكير أن حالة الشعور بفقدان النفوذ والسلطة هي التي دفعتها إلى رفض الوصاية الدولية وتركيز حديثها على وحدة الحزب، من أجل إعادة النفوذ والسلطة من جديد.

واعتبر تصريحاتها الأخيرة محاولة للتغريد خارج سرب المجموعة السياسية التي يقودها باقان أموم، بالإضافة إلى أن دلالات تصريحاتها تعكس مراجعتها لمواقفها السياسية السابقة.

المصدر : الجزيرة