مؤسسات فلسطينية ترفض المساعدات الأميركية

فلسطين رام الله 20 ديسمبر 2017 فلسطينية تهتف بجانب يافطة غطت الأحذية فيها صورة للرئيس الأمريكي
فلسطينيون يهتفون ضد قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل (الجزيرة)

ميرفت صادق-رام الله

مشاريع تعليمية وأخرى زراعية قررت جامعات ومؤسسات فلسطينية وقفها ومقاطعة تمويلها الأميركي، على إثر إعلان الرئيس دونالد ترمب الاعتراف بمدينة القدس "عاصمة لإسرائيل" في السادس من ديسمبر/كانون الأول الجاري.

ففي مدينة أريحا جنوب الضفة الغربية، أعلنت الجمعية التعاونية لمزارعي النخيل مقاطعة مشروع ممول من الوكالة الأميركية للتنمية (USAID)، تستفيد منه نحو أربعين مزرعة لإنتاج التمور، ردا على إعلان ترمب.

ووفقا لرئيس الجمعية مأمون الجاسر، يُعنى المشروع بتركيب وحدات تسميد إلكترونية لمزارع النخيل في الأغوار الفلسطينية بقيمة خمسة ملايين دولار، وتحصل عليه هذه المزارع لأول مرة بعد موسم صعب سجل فيه قطاع التمور تراجعا في الإنتاج تجاوز 20% بسبب التغيرات المناخية.

ويقول الجاسر إنه "في الوقت الذي تحارب فيه أميركا الفلسطينيين بمنح مقدساتهم لعدوهم، لا يعقل أن نقبل منها دعما ماليا، أو أن يأتي ممثلوها إلى مزارعنا ويرفعوا العلم الأميركي ويبتسموا ليظهروا للعالم وجههم الجميل على أنقاض حقوقنا".

ووجهت جمعية مزارعي التمور رسالة للجمعيات التعاونية والزراعية والمؤسسات الأهلية الفلسطينية لمقاطعة التمويل الأميركي نهائيا.

مقاطعة مسابقة
على صعيد آخر، أعلنت كليات الحقوق في ثماني جامعات فلسطينية بالضفة الغربية مقاطعتها للمسابقة الدولية للقانون الدولي "جيساب"، التي تنظمها الحكومة الأميركية وتشارك فيها ثمانون دولة حول العالم.

وتجري المسابقة بالتنافس بين كليات الحقوق محليا ثم يتأهل الفائز للمشاركة في المسابقة العالمية التي تنظم في واشنطن في مارس/آذار من كل عام، وتشارك فيها فلسطين منذ سبع سنوات، وتمول بقيمة نصف مليون دولار من الحكومة الأميركية.

وقال عميد كلية الحقوق في جامعة الخليل معتز قفيشة إن الجامعات الفلسطينية قررت مقاطعة المسابقة ردا على إعلان ترمب بخصوص القدس.

ولا تجري هذه المسابقة في جامعات قطاع غزة بسبب رفض الأميركيين تمويل مشاريع مؤسسات تعليمية هناك، لوقوعها تحت إدارة حركة حماس.

ووجهت كليات الحقوق الفلسطينية رسالة للفرق المشاركة من أنحاء العالم، دعت فيها إلى مقاطعة المسابقة. وقالت إن الإدارة الأميركية "المتطرفة" انتهكت القانون الدولي بإعلانها "القدس عاصمة لإسرائيل"، ولا تعقل المشاركة في مسابقة حول القانون الدولي الذي تنتهكه هذه الإدارة.

وقال إن الإعلان الأميركي أعطى الحق في القدس لدولة تنتهك القانون الدولي أيضا، وتستمر في بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني يوميا.

وعمل قفيشة سابقا في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بجنيف وبيروت، وبرأيه فإن لدى الفلسطينيين خيارات لمواجهة الإعلان الأميركي من خلال تفعيل قضايا ضد انتهاكات القانون الدولي والمعاهدات الدولية في المحكمة الجنائية.

وبرأيه، فإن بإمكان السلطة الفلسطينية عرقلة نقل السفارة الأميركية للقدس من خلال الانضمام إلى البرتوكول الملحق باتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، والتي تضع قواعد للعمل الدبلوماسي ومنها بروتوكولات فتح السفارات أو نقلها من مكان لآخر، وضرورة موافقة الدولة المستضيفة.

وعلى اعتبار أن القدس الشرقية أرض محتلة بحسب القانون الدولي، فإن على الفلسطينيين منع نقل السفارة الأميركية أو أي سفارة أخرى إلى أراضيها.

فلسطينيون يتهمون أميركا برعاية الإرهاب حول العالم (الجزيرة)
فلسطينيون يتهمون أميركا برعاية الإرهاب حول العالم (الجزيرة)

دعم أميركي
ويتلقى الفلسطينيون دعما أميركيا منذ قيام السلطة الفلسطينية عام 1993، على مسارين: الأول لدعم الموازنة الحكومية وخاصة للبنية التحتية والأمن، والثاني لمؤسسات المجتمع المدني.

وأشارت مصادر في وزارة الاقتصاد بالسلطة الفلسطينية -للجزيرة نت- إلى تراجع الدعم الأميركي في الأعوام الأخيرة بشقيه الحكومي والأهلي.

وقللت المصادر من تأثير السياسة الأميركية المتجهة نحو قطع المساعدات عن الفلسطينيين، بسبب انحساره إلى أدنى مستوياته هذا العام.

وحسب بيانات وزارة المالية الفلسطينية، فقد تراجع الدعم الأميركي للميزانية الفلسطينية في الأعوام الخمسة الأخيرة حتى وصل إلى 265 مليون شيكل (75 مليون دولار) نهاية أكتوبر/تشرين الأول المنصرم.

وانحدر الدعم الأميركي -الذي كان يعد من أكبر مصادر التمويل الأجنبي إلى جانب تمويل الاتحاد الأوروبي– منذ قبول فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة عام 2012، وتوجهها للانضمام إلى معاهدات ومنظمات دولية رغم المعارضة الأميركية.

وكانت الولايات المتحدة من أكبر الممولين للسلطة الفلسطينية إلى جانب الاتحاد الأوروبي، بمساعدات سنوية تصل إلى 350 مليون دولار سنويا من أصل 1.2 مليار دولار هي قيمة المساعدات الخارجية الممنوحة للسلطة الفلسطينية سنويا.

ومع استمرار النقاشات حول تقليص الدعم الأميركي للفلسطينيين في الكونغرس الأميركي، وربطه بضرورة التزام السلطة الفلسطينية "بإدانة العنف وإنهاء المخصصات المالية الشهرية للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال"، قال رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله في تصريح سابق إن "المساعدات الأميركية المشروطة لا نريدها".

المصدر : الجزيرة