سد النهضة.. هل يقود إلى مواجهة أم حرب باردة؟

A partial view shows Gibe III hydroelectric dam during its inauguration in Shoma Yero village in Southern Nations, Nationalities, and Peoples' Region in Ethiopia, December 17, 2016. REUTERS/Tiksa Negeri
إثيوبيا أعلنت في فبراير/شباط الماضي تعرض قواتها لهجوم استهدف سد النهضة (رويترز- أرشيف)

وصل الموقف المصري من سد النهضة الإثيوبي -الذي بدأت أديس أبابا بناءه في أبريل/نيسان 2011 على النيل الأزرق بمدينة قوبا على الحدود الإثيوبية-السودانية- إلى المربع صفر، فاتحا باب التكهنات على مصراعيه بشأن الخطوات القادمة التي ستلجأ إليها القاهرة.

وتحفل بورصة التكهنات بالكثير، خاصة بعد إعلان الحكومة الأربعاء الماضي أنها ستتخذ الإجراءات الواجبة على كافة الأصعدة للتعامل مع الأزمة، باعتبار الأمن المائي من الأمن القومي المصري.
 
كما تحفل بأسئلة كثيرة حول الخيارات القادمة أمام القاهرة؛ بين السؤال عن الخيار العسكري، أو اللجوء إلى القانون الدولي ودبلوماسية الحرب الباردة.

‪رئيس الوزراء الإثيوبي والسيسي خلال لقائهما في أديس أبابا ربيع عام 2015‬ (أسوشيتد برس)
‪رئيس الوزراء الإثيوبي والسيسي خلال لقائهما في أديس أبابا ربيع عام 2015‬ (أسوشيتد برس)

الخيار العسكري
وفي نهاية فبراير/شباط الماضي، ذكرت إثيوبيا أن قواتها تعرضت لهجوم مسلح شنته حركة "قنبوت سبات "المعارضة والمحظورة ضد سد النهضة، بحسب مصادر سياسية وإعلان حكومي رسمي. فهل تتكرر مثل تلك الهجمات؟ وهل ثمة علاقة بينها وبين الخيار العسكري المطروح؟

يقول الخبير العسكري المصري واللواء المتقاعد طلعت مسلم "القوة العسكرية تستخدم في حل أي مشكلة عندما تقرر الدولة ذلك، وليست بالضرورة ضربة عسكرية ستوجه للسد، وهناك حلول عسكرية عديدة خلاف ذلك"، لكنه تحفظ على ذكرها.

أما السفير المتقاعد إبراهيم يسري فيرى أن الضربة العسكرية "مستبعدة، لكن الحلول العسكرية كثيرة وتتعلق بحصار بحري وخلافه بحسب ما تقرره الدولة".

ووفق الخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية عاطف السعداوي فإن المفاوضات كانت أحد المسارات، وتم اللجوء لها بالفعل منذ فترة طويلة وفشلت، أما الخيار العسكري والتهديد به مشكلة كبيرة لأن تداعياته أمام المجتمع الدولي سلبية في ظل تدهور أوضاع المنطقة.
 
ويرى السعداوي أن خيار اللجوء للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية والتحكيم الدولي "أصبح الخيار المطروح، وسيكون عمليا أقوى لمصر، وهو مسار إجباري وليس اختياريا لعدم قدرة المسارات الأخرى على تحقيق ذلك".

‪تزايد القلق حول حصة مصر من مياه النيل‬ (الجزيرة)
‪تزايد القلق حول حصة مصر من مياه النيل‬ (الجزيرة)

الحرب الباردة
وعن دبلوماسية الحرب الباردة التي يبدو أن مصر تنتهجها مؤخرا في أزمة سد النهضة، يري السعداوي أن مصر نجحت دبلوماسيتها مؤخرا في تفكيك أزمات لها بين دول حوض النيل، واستقطبت وحيدت دولا أفريقية أخرى، وستستمر في ذلك بشكل غير مسبوق الفترة المقبلة، ولكنها ستواجه بدبلوماسية إثيوبية تتحرك وتدافع".
 
وحول هذا المسار، يؤكد السفير المتقاعد إبراهيم يسري -الذي شغل منصب المدير الأسبق لإدارة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بالخارجية المصرية- أهمية التحرك السريع في الملف القضائي الدولي وعدم التأخر، في ظل ما يراها حقوقا مصرية مائية يضرها السد.
  
وغير بعيد عن الرأي السابق، يقول الأكاديمي المصري جهاد عودة، المتخصص في العلاقات الدولية، إن مصر لديها خيار في أزمة سد النهضة بالتصعيد الدولي الدبلوماسي وتقديم شكاوى دولية للمجالس الأممية.

ويشير عودة إلى الإعلان المصري عن تحركات دبلوماسية واسعة مصرية في إطار الضغوط والمناورات، مضيفا أنه من "الوارد أن تنجح وتصل لحلول وسط في الأزمة الحالية".

من جهته، يرى الأكاديمي المصري المتخصص في القانون الدولي مساعد عبد العاطي أن إثيوبيا لم تلتزم بمبادئ قانونية في السد؛ أهمها الإخطار المسبق، فضلا عما تقوم به حاليا، وبالتالي يمكن لمصر أن تتقدم بشكوى للأمم المتحدة أو مجلس الأمن، خاصة أن الدول الثلاث: مصر والسودان وإثيوبيا أعضاء بالأمم المتحدة.

وأضاف عبد العاطي في تصريحات متلفزة: "من صلاحيات مجلس الأمن إذا رأى أن نزاعا يهدد السلم الدولي أن يستدعي الأطراف المتنازعة لتسوية النزاع، أو يوصي بذهاب الدول الثلاث إلى التحكيم الدولي، وفي حال رفضت إثيوبيا ذلك سيكون الموقف المصري أقوى دوليا ويمكن الضغط عليها".

وتتخوف مصر من تأثيرات سلبية محتملة للسد الإثيوبي على حصتها المائية البالغة 55.5 مليار متر مكعب، في حين تحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب.

وتقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصر، وإن الطاقة الكهربائية التي سيولدها السد (منها 6000 ميغاوات داخليا و2000 للبيع للدول المجاورة) ستساعد في القضاء على الفقر، وتعزيز النهضة التنموية في إثيوبيا.

المصدر : وكالة الأناضول