دور بريطانيا في تحويل وعد بلفور لحقيقة

لعبت السياسة البريطانية دورا بارزا في تكريس مضمون وعد بلفور وتحويله إلى حقيقة تخدم الأقلية اليهودية على حساب الأغلبية العربية الفلسطينية.

وقد تجلّت هذه السياسة بشكل واضح في فترة الانتداب الممتدة بين عامي 1920 و1947، وذلك عبر تقديم الدعم والتدريب العسكري للعصابات الصهيونية التي هزمت الجيوش العربية عام 1948.

وقد ارتبطت السياسة البريطانية الاستعمارية بعلاقة مع الحركة الصهيونية منذ أوائل نشأة الحركة الصهيونية في أوروبا، لكنّها ازدادت تطورا، وتعززت أواصرها أكثر خلال الحرب العالمية الأولى لتلاقي أهداف الجانبين.

وكانت أهداف البريطانيين بالدرجة الأولى إستراتيجيةً، ولم يكن هدفهم الأول تحقيق وطن قومي لليهود، لأنهم أرادوا بعد الحرب العالمية الأولى السيطرة على الأراضي الفلسطينية بهدف حماية قناة السويس شرقي مصر والتي تشكل عنصرا مهما لهم باتجاه الهند.

وتمثل هدف البريطانيين الثاني في الحصول على مرفأ حيفا المطل على البحر الأبيض المتوسط الذي يؤمن لهم نقل النفط الذي تم اكتشافه في العراق.

وعندما ثار الفلسطينيون ضد الاحتلال البريطاني والتوسع الصهيوني في أواخر العشرينيات والنصف الثاني من ثلاثينيات القرن الماضي، أمّد البريطانيون العصابات الصهيونية بالأسلحة والتدريب العسكري لإخماد الانتفاضة الفلسطينية.

قمع وتنكيل
وتتمثل المفارقة في أن أساليب القمع والتنكيل التي علّمها الجيش البريطاني للعصابات الصهيونية عادت لمطاردته قبل انسحابه من فلسطين.

وقال السياسي البريطاني السابق والباحث في تاريخ الشرق الأوسط روجر هنغستون إنه خلال بدايات الحرب العالمية الثانية تغيرت الأوضاع مجددا، كما ساهمت عوامل مختلفة -بينها معسكرات الاعتقال النازية– في قيام المجموعات اليهودية بمهاجمة الجيش البريطاني بالشدة نفسها التي ظلت تهاجم بها العرب، وكان هدفها التعجيل بإعلان دولة إسرائيل.

من جهتهم يذكر بعض المؤرخين أنهم اطلعوا على وثائق في مؤسسات بريطانية تبيّن أن الأساليب التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي حاليا ضد الفلسطينيين مستوحاة من الأساليب ذاتها التي استخدمها الجيش البريطاني عام 1936 في فلسطين كهدم بيوت المدنيين وأساليب العقاب الجماعي الأخرى.

المصدر : الجزيرة