تساؤلات عن ترشح محدودي التعليم للانتخابات بالجزائر؟
يشتغل كمال حلاقا منذ ربع قرن في حي شعبي شرقي العاصمة الجزائرية، ولم يحصل على شهادته الثانوية، لكنه "مسيس" ويملك قدرة على النقاش وفهم ما يدور حوله من أحداث.
داخل محله الذي يعج بالزبائن لا يجد كمال صعوبة في التواصل وحتى الاندماج مع المواطنين الذين يتحدث إليهم بروح شعبية تميزه.
يقول للجزيرة نت إنه اختار الترشح للانتخابات المحلية انسجاما مع قناعاته السياسية. وعن رأيه في ترشح عدد كبير من محدودي التعليم مقابل امتناع حملة الشهادات العليا عن ذلك، يقول بأن "الكفاءة والنزاهة لا ترتبطان بالشهادات العلمية".
ويرى كمال أن إدارة المجلس البلدي تتطلب ممن يسيرها أن يكون أقرب ما يكون إلى الناس، وأن المستوى العالي للمرشح قد يعيقه عن التفاعل مع الناس.
وتستعد الجزائر لانتخابات مجالس البلديات والولايات (المحافظات) يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وسط جدل حصل بعدما كشف الأمين العام لوزارة الداخلية صلاح الدين دحمون أن أكثر من 75% من المرشحين لا يتعدى مستواهم الدراسي المرحلة الثانوية.
ويبلغ عدد المرشحين 165 ألفا للمجالس البلدية (1541 بلدية) و16.6 ألف مرشح لمجالس الولايات (48 ولاية). لكن ما استرعى الانتباه وأثار الجدل هو أن 25% فقط من المرشحين لديهم شهادات جامعية، بينما البقية أقل من ذلك. وتبلغ نسبة أصحاب المستوى الثانوي 59% والابتدائي 16%.
لا قيود ولا شروط
ولا يفرض القانون الجزائري أية قيود أو شروط فيما يتعلق بالمستوى العلمي أو الدراسي للمرشحين، غير أنه بذلك يثير جدلا في الشارع الجزائري. فالطالب الجامعي فاروق يؤكد للجزيرة نت أنه شخصيا لن يصوت لأشخاص مستواهم التعليمي ضعيف، لأن ذلك يؤدي إلى عزوف الناس يوم الاقتراع، حسب تعبيره.
وحسب قول فاروق، فإن أغلب هؤلاء ترشحوا لتحقيق المكاسب والحصول على مناصب، وكذلك الشأن بالنسبة لأصحاب الشهادات العليا، وهو يعتبر أن "الفساد يبقى فسادا سواء عند الدكتور أو العامل البسيط".
وقد طرحت الأرقام المقدمة من طرف السلطات أسئلة عن أسباب التهافت الكبير للأحزاب والمستقلين على ترشيح أعداد كبيرة من ذوي المستوى العلمي المحدود، فهل سبب ذلك عزوف أصحاب الشهادات العليا، أم رغبة هؤلاء في مناصب تمنحهم الامتيازات والصلاحيات؟
وبينما رأى البعض في الأمر أحد مقتضيات الديمقراطية الشعبية، دعا البعض الآخر إلى مراجعة القانون ووضع شروط تحفظ للانتخابات هيبتها.
رهان الرئاسة
يقول القيادي في جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف إنه يجب على الأقل أن يكون متصدرو القوائم من أصحاب الكفاءات العلمية، "لأنهم قانونيا من يتولون رئاسة البلدية في حال الفوز".
ويؤكد بن خلاف في حديث للجزيرة نت أن التجارب السابقة بينت أن مرشحين كثيرين "كان مكانهم السجن"، مشيرا إلى أنه تمت متابعة 1500 رئيس بلدية من حزب واحد قضائيا بسبب سوء التسيير وجهل القوانين.
ويرى أنه يتعين أن يتضمن القانون شروطا تتعلق بحصول المرشحين على مستوى علمي محترم، وعدم تورطهم في تبديد المال العام. لكنه يبدي أسفه لأن أغلبية القوائم تضم مرشحين لا تتوفر فيهم هذه الشروط، خاصة لدى أحزاب الموالاة لأن هدفها الأغلبية تحضيرا للمواعيد الانتخابية القادمة، حسب تعبيره.
مقتضيات الديمقراطية
أما الأمين العام لحركة النهضة محمد دويبي فعدّ ذلك رسالة سياسية واضحة، مفادها أن الكثير من أصحاب الشهادات وذوي الكفاءات العالية والأخلاق رفضوا الترشح، وأن هذا العزوف زاد هذا العام.
ويقول دويبي إن رفض ذوي الكفاءات العلمية يعود إلى اعتقادهم بأن مجالس البلديات والمحافظات دون صلاحيات وتخضع للسلطة التنفيذية، ولأنهم لا يريدون تحمل المسؤولية في ظل الظروف الصعبة.
أما بلعباس بلعباس رئيس الكتلة النيابية للتجمع الوطني الديمقراطي الذي يقوده رئيس الوزراء أحمد أويحيى، فيعتقد أنه ليس ضروريا أن يكون المرشحون من ذوي المستويات العلمية العالية.
ويقول إن حزبه يحبذ أن يكون المرشحون من ذوي المستويات العلمية العالية أو المتوسطة على الأقل، "رغم أن المستوى الثانوي مقبول وليس متدنيا أو كارثيا".
ويضيف أن هناك دوائر داخل البلدية تساعد المنتخبين في التسيير واتخاذ القرار، كما أن من يصلون إلى المجالس يخضعون لدورات تدريبية على مستوى وزارة الداخلية أو مستوى أحزابهم.