أميركا وحزب الله.. جولة تصعيد أم حرب قادمة؟

Members of Lebanon's Hezbollah wave Hezbollah and Lebanese flags during a rally marking the ninth anniversary of the end of Hezbollah's 2006 war with Israel, in Wadi al-Hujeir, southern Lebanon August 14, 2015. REUTERS/Aziz Taher
مراقبون يرون أن التصعيد الأميركي قد يؤدي لاستهداف حزب الله في سياق المواجهة مع إيران (رويترز)
محمد النجار-الجزيرة نت
مع ارتفاع حدة الخطاب الأميركي تجاه حزب الله، تعود التساؤلات لتطرح عن احتمالات اندلاع حرب جديدة في المنطقة، لا سيما مع دخول إسرائيل على خط التصعيد، عوضا عن تصريحات سعودية تطالب بتحالف دولي لمواجهة الحزب اللبناني.
ودخل الرئيس دونالد ترمب بقوة على خط أحدث جولة في تصعيد واشنطن تجاه الحزب، عندما غرد قبل يومين بأن بلاده لن تنسى جنودها الـ 241 الذين قتلهم الحزب عام 1983، في إشارة لتفجير مقر المارينز في العاصمة بيروت.
 

تصريح ترمب -عبر حسابه على تويتر– جاء في الذكرى الـ 34 للتفجير، وبعد يوم من تصريح نائبه مايك بينس بأن تفجير بيروت "كان الشرارة الأولى لانطلاق الحرب ضد الإرهاب" مؤكدا أن واشنطن "ستنقل الحرب لأرض الإرهابيين ووفق شروطنا".
هذه التصريحات جاءت في سياق تصعيد أميركي بدأ منذ أشهر ضد الحزب، وفي سياق التصعيد مع إيران الداعم الأكبر للحزب، وقد بدأت في ساحات الكونغرس، وانتقلت إلى مجلس الأمن الدولي، فيما لا يعرف أحد إلى أين ستنتهي.
 

حمية وشكر

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت واشنطن رصد مكافأة مقدارها 12 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي لاعتقال قياديين في حزب الله.
والقياديان هما طلال حمية -الذي تتهمه واشنطن بأنه "مدير الذراع الإرهابية الدولية لحزب الله" وأنه ضالع في عمليات أدت لخطف أميركيين- ورصدت سبعة ملايين دولار لاعتقاله.
 
والثاني هو فؤاد شكر المسؤول عن العمليات العسكرية الأخيرة في سوريا، وفق ما تدعي واشنطن. وأشارت إلى أنه ضالع في هجوم أدى لمقتل أكثر من مئتين من المارينز في بيروت عام 1983.
 
وكانت الولايات المتحدة قد فشلت في تعديل تفويض قوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في جنوب لبنان، في مسعى للتضييق على قوات حزب الله، وهو الأمر الذي رفضه حلفاؤها الأوروبيون.
 

ثلاثة تشريعات

وتسعى واشنطن لإقرار ثلاثة تشريعات الهدف منها التضييق على حزب الله ويضعه أحدها في سلة واحدة مع الحرس الثوري الإيراني.
 
التشريع الأول يتعلق بالصواريخ البالستية، ويشمل كل الجهات من أشخاص ومؤسسات ودول ساهمت في امتلاك إيران هذه الأسلحة، وكل الأطراف التي تستفيد منها أو من استخدامها، والثاني يتعلق بمطالبة الاتحاد الأوروبي بتصنيف حزب الله بشقيه السياسي والعسكري تنظيما إرهابيا، والضغط على الأوروبيين لفرض عقوبات على ذلك الحزب. 
أما الثالث فيتعلق بفرض عقوبات على الحزب على خلفية مشاركته في الحرب في سوريا، واتخاذه المدنيين دروعا بشرية.
 
وتثير التشريعات ذعر المصارف والمؤسسات المالية اللبنانية التي تتوقع أن تمسها جولة العقوبات الأميركية الجديدة والتي تأتي استكمالا لعقوبات أقرت عام 2015، مما جعل محللين لبنانيين يتوقعون توجه واشنطن لمعاقبة لبنان كله في سياق جولة الضغوط الجديدة على حزب الله.
 
وقرأ مراقبون في جولة التصعيد الأخيرة بأنها تأتي في أوج المواجهة الأميركية مع إيران، ورفض ترمب المصادقة على الاتفاق النووي معها، وهو ما جعل محللين يرون أن التصعيد ضد الحزب يدخل في خانة المواجهة المفتوحة بين واشنطن وطهران.
 

إسرائيل والسعودية

إسرائيل التي لا تكف عن توجيه الاتهامات لحزب الله، دخلت على خط التصعيد مع الحزب اللبناني الذي تمدد من الوجود على حدودها مع لبنان ليقيم قواعد بالقرب من حدودها مع الجولان المحتل، وفقا لما تنشره وسائل إعلام إسرائيلية بين الفينة والأخرى.
ومؤخرا صعد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان من لهجته تجاه حزب الله، حيث اعتبر نهاية سبتمبر/أيلول الماضي أن احتمالات الحرب مع حزب الله واردة، وذلك في سياق رده على قيام تل أبيب بإسقاط طائرة من دون طيار قالت إن حزب الله سيرها نحو إسرائيل.


السعودية
-التي تعيش على وقع توتر متصاعد في علاقاتها بإيران، وتعلن بين الفينة والأخرى مواقف متشددة من حزب الله- لم تكتف على لسان وزيرها لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان بالترحيب بـ العقوبات الأميركية على إيران مطلع الشهر الجاري، بل ذهب للدعوة لتحالف دولي لمواجهة الحزب "ومن يعمل معه".

ورد أمين عام حزب الله حسن نصر الله على دعوة السبهان باعتبار أنها "اعتراف ضمني بقوة الحزب كقوة إقليمية" تحتاج لتحالف دولي لمواجهتها، وأن العقوبات الأميركية ليست حلا معتبرا أن حزبه "أكبر من أن يواجهه السبهان وسادته بتحالف محلي لبناني".
 

احتمالات الحرب
إسرائيليا، تبدو احتمالات الحرب مستبعدة، فتل أبيب تكتفي منذ فترة بتوجيه ضربات لحزب الله في سوريا، إما عبر ضرب قوافله قرب الحدود اللبنانية، أو الإعلان عن استهداف مخازن للسلاح للحزب، أو استهداف قيادات وعناصر للحزب كما حدث أكثر من مرة.

ويرصد تحليل -نشره معهد واشنطن عن احتمالات هذه الحرب- أن تل أبيب تدرك أن حربا أخرى ستكون مكلفة جدا لها. ويشير إلى ترسانة حزب الله التي ارتفعت من ٣٣ ألف صاروخ وقذيفة قبل عام ٢٠٠٦ إلى ١٥٠ ألفا تقريبا في الوقت الحاضر، وهذه الأسلحة أكثر تقدما اليوم وقد تسبب أضرارا جسيمة لإسرائيل.
 
وفي نفس السياق، يؤكد المحلل السياسي اللبناني المقرب من حزب الله قاسم قصير أن المعطيات على الأرض لا تؤشر لأي مواجهة محتملة مع إسرائيل.
وقال قصير -في تحليل لمعهد كارنيغي- إن إسرائيل تريد من الحرب أن تحقق لها أهدافها دون وقوع أضرار على الداخل، وهو ما يبدو صعبا في ضوء تطوير الحزب لقدراته القتالية والصاروخية بشكل غير مسبوق، خاصة أن الحرب السورية حولته إلى "حزب إقليمي يتجاوز حدود لبنان، وبات اليوم أقرب للجيش منه إلى مجرد قوات محلية".
وبينما يرى مراقبون أن الحرب مستبعدة ضمن المعطيات الحالية، فإن احتمالات اندلاعها قد تأتي في سياق المواجهة الأميركية الإيرانية غير المباشرة باستهداف الذراع الأقوى لطهران بالمنطقة، أو في سياق رد إسرائيلي قد يشمل مؤسسات الدولتين السورية واللبنانية، عوضا عن احتمالات أن تندلع المواجهة تبعا لحسابات داخلية لدى إسرائيل حيث كان سياسيوها يهربون دائما من أزماتهم عبر شن الحروب على غزة وجنوب لبنان بالذات.
المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي + وكالات