أزمة الحكومة بالعراق تولد مزيدا من الأزمات
أزمة حكومة
أزمة حكم
بعض النواب يرون أن إقالة الجبوري تعد أول خطوة في إسقاط ما يسمونها "رؤوس المحاصصة"، واعتبر المحلل السياسي العراقي وليد الزبيدي أن أبرز الأخطار الراهنة في العراق هي الرئاسات الثلاث والبرلمان الذي لا يمكن حدوث تغيير في ظل حمايته لحكومات المحاصة الطائفية.
لكن إقالة الجبوري ونائبيه -ولاحقا رئيسي الحكومة والدولة- قد تعصف بالعملية السياسية برمتها، وهو ما قد يؤدي إلى أزمة طويلة الأمد، ويؤكد النائب أحمد المساري (عن تحالف القوى العراقية) إن الدعوات إلى الإقالة "ستؤدي إلى إنهاء مفهوم الشراكة السياسية ومبدأ التوافق الذي قامت عليه العملية السياسية".
ويتمسك "تحالف القوى العراقية" -الذي ينتمي إليه رئيس البرلمان- بالجبوري رئيسا، باعتبار ذلك خيارا للتحالف وجزءا من معادلة شاملة توافقت عليها الكتل السياسية، وهو ما قد تتمسك به أيضا بقية المكونات السياسية بينها الأكراد الذين لم يتحمسوا كثيرا لمسألة التكنوقراط.
وفي هذا السياق، يرى الشمري أن حصول تغيير في العراق يستوجب هدم العملية السياسية الحالية بأكملها وإحداث تغيير أفقي وعمودي في الدستور والذي هو أس البلاء في العراق، وذلك لا يمكن حدوثه إلا بانقلاب أو ثورة على حد تعبيره.
وهذه الفرضية التي يتبناها أيضا الكثير من المحللين قد تعصف بالنسبة لآخرين بالبناء السياسي الهش الذي تأسس على مقاربات سياسية ملغومة -بعد سقوط النظام السابق- ترى في التوازنات الطائفية وسيلة للحفاظ على العراق موحدا على مستوى الشكل.
وقد أكد الجبوري نفسه بعد تصويت أعضاء البرلمان بإقالته، أن ما يجري في البلاد "مؤامرات يجب التنبه إليها" محذرا من أن "كل تصرف غير مدروس من شأنه أن يؤدي إلى نتائج كارثية".
ووصف العبادي من جهته ما حصل في البرلمان بـ"الفوضى السياسية التي لا تمت لعملية الإصلاح بأي صلة" كما تتهم أطراف مقربة من العبادي جهات لم تسمها بتقويض توجهه الإصلاحي واستهدافه سياسيا.
أزمات الإقليم
ويقول إحسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي العراقي -وهو قريب من العبادي- إن زعامات سياسية من الشيعة والسنة والأكراد تسعى لعرقلة المشروع الإصلاحي للعبادي لأنه يستهدف مراكز نفوذهم المحمية بموجب نظام المحاصة الحزبية والطائفية.
وتشير مصادر عراقية مقربة من العبادي إلى أن الحراك النيابي الأخير شارك فيه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، بهدف إضعاف الحكومة الحالية.
ويقول الكاتب الصحفي اللبناني علي الأمين -في قراءة للحراك النيابي- إن ما حدث في البرلمان العراقي الخميس بإقالة رئيسه هو استعراض قوة إيراني وتمهيد لحل يكون من إخراج إيران.
وفي غمرة الأزمة السياسية الحاصلة في بغداد، يرى محللون عراقيون أن الأزمة الناشبة داخل البرلمان قد تنذر بحله بما يعنيه ذلك من صعوبة إعادة إجراء انتخابات جديدة وتعطيل الوضع السياسي في البلاد، كما تشكل تهديدا لحكومة العبادي.
وهذه الأزمة السياسية هي آخر ما يحتاجه العراق في ضوء الحرب القائمة على تنظيم الدولة الإسلامية وفتح إحدى أخطر جبهاتها في الموصل، وكذلك في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، وهي تؤشر في النهاية لصعوبة ميلاد إصلاح سياسي حقيقي إلا بشكل "قيصري" لا تغيب عن ملامحه مشكلات الحكم والنظام معجونة بأزمة الثقة بين المكونات السياسية وأزمات المنطقة والعالم.