ثورة للأمهات بمصر على مناهج التعليم

الكتب الدراسية اكتظت بها حقائب التلاميذ فأحنت ظهورهم لكنها لم تملأ عقولهم.
الكتب الدراسية اكتظت بها حقائب التلاميذ فأحنت ظهورهم لكنها لم تملأ عقولهم وفق منظِمات الحملة (الجزيرة نت)

عبد الله حامد-القاهرة

اتجهت آلاف الأمهات المصريات نحو الفضاء الإلكتروني للاحتجاج على المناهج التعليمية الشديدة التعقيد والجفاف برأيهن، أملا في تطوير المنظومة التعليمية وإزالة الحشو من المقررات.

واختارت منظمات الحملة شعارات وصياغات حملة "تمرد" السياسية التي سبقت إطاحة الجيش بالرئيس المعزول محمد مرسي، "وذلك لسد الطريق أمام أي محاولة للسلطات في الطعن في الحملة بدعوى أنها إخوانية"، وفق نجلاء محمد إحدى المشاركات في الحملة.

فالأطفال واقعون تحت ضغط نفسي وعصبي بالغ الأثر، كما تقول نجلاء للجزيرة نت، نظراً لتردي المناهج وحشوها، و"مطلوب مني أن أحشرها في عقل ابنتي".

وقال بيان الحملة المنشور على فيسبوك "نحن أمهات مصر نطالب وزارة التعليم بضرورة تغيير هذه المناهج لجعلها مواكبة للعصر الذي يعيش فيه أطفالنا".

استفتاء مفاضلة
وطرحت الحملة على المشاركين استفتاء للمفاضلة بين الدعوة لمقاطعة الدراسة أو تنظيم وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم، ورجحت الأصوات المشاركة فكرة المقاطعة.

وبوصف إيمان عبده فإن المناهج الحالية لم تنتج لا علماً ولا تطوراً حقيقياً في عقليات الأبناء بقدر ما أصابت "الأولاد بانحناء في الظهر من ثقل الكتب في الحقائب المدرسية".

وليست المناهج فقط هي ما يحتاج للتغيير والتطوير وإنما يتعدى الأمر إلى الامتحانات التي لا تختبر الفهم بل الحفظ، برأي المعلم سمير سعيد، الذي أضاف للجزيرة نت أن "الكثافة العالية للطلبة في الفصول وإنفاق الميزانية المخصصة لتدريب المعلمين على القيادات التعليمية أمرٌ مهدر لطاقات المعلمين، حتى لو تطورت المناهج".

طرحت الحملة على المشاركين استفتاء للمفاضلة بين الدعوة لمقاطعة الدراسة أو تنظيم وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم، ورجحت الأصوات المشاركة فكرة المقاطعة.

ومن وجهة نظر خبير تكنولوجيا المعلومات سامي عبد الغني فإن الحل يكمن في تطوير المنظومة لتعتمد على برامج للتعليم عن بعد، ملمحاً إلى أن مشكلة المحتوى لها حل تقني لا يجعل المناهج تعتمد على التلقين، بل على التفاعل الإلكتروني، "في ظل وجود مصممي محتوى تعليمي محليين أكفاء، يقدمون خبراتهم للدول الأخرى".

وتقول التلميذة آيات بالصف الخامس الابتدائي للجزيرة نت إنها تدرس أهمية السياحة لمصر مثلا دون إشارة لواقع السياحة الحالي كما تسمعه من أبويها منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011.

أما الطالب هيثم فقال للجزيرة نت "سألني أخي الأصغر وهو يذاكر عن مرادف كلمة أسد، أتذكر أنني درستها لكنني نسيتها، فلماذا يعلموننا أشياء ننساها بسرعة لأننا لا نستعملها؟".

تطوير المنظومة
وبشأن صدى الفعالية، أعلنت الممثلة داليا البحيري تضامنها مع الحملة، أما الناشر إبراهيم المعلم فأكد أن الأمهات معهن كل الحق، "فمنظومة التعليم بشكلها الحالي تفرز مجتمعين اثنين، وبدلاً من أن يصهر التعليم طاقات البلد والطبقات الاجتماعية، يفرق بينها، فالقادر يدخل ابنه تعليماً خاصاً، وقريبه غير القادر يلتحق بتعليم عادي".

ومضى المعلم في حديث تلفزيوني إلى أن "الفساد ينتج كتباً تضر الأجيال القادمة، فتطرح وزارة التعليم كتاباً مدرسياً غير جيد ولا جذاب، فيضطر المجتمع للقيام بمجهود آخر لإنتاج كتاب خارجي، والمضحك أن من يكتبون كتاب المدرسة هم أنفسهم مؤلفو الكتاب الخارجي".

وأكد ضرورة توفر إرادة سياسية للتطوير، مطالباً بالاستعانة بخبرات عالمية وإجراء مسابقة محلية بين المطورين.

وفي مداخلة تلفزيونية للمتحدث الرسمي لوزارة التعليم بشير حسن كشف أن الوزير الهلالي الشربيني يتابع حملة "تمرد الأمهات على المناهج الدراسية"، مشيرا إلى أنه "تم النظر في هذه الشكاوى، وجار الآن تطوير المناهج الدراسية وحذف بعض الدروس غير المفيدة للطلاب".

ويعلق مدير المعاهد القومية سابقا ناجي الشهابي بالقول للجزيرة نت إن "الإعلان عن تطوير الوزارة للمناهج الدراسية إجراء روتيني مصاحب لتولي كل وزيرِ تعليمٍ مهامه، ومن الضروري أن يستصحب تطوير المناهج رؤية شاملة لتحديث طريقة التدريس والتفكير والامتحانات، ويخلص الطلاب من الحفظ والتلقين ليحل محلها التأمل والبحث والتفكير والإبداع".

ورأى أنه لكي تنجح هذه الحملة فلا ينبغي أن تستهدف فقط إزالة الحشو والتكرار، "فلن ينجح وزير في تطوير حقيقي للمناهج الدراسية إلا إذا امتلك الرؤية الكافية والكفيلة بالتطوير" لذلك "لا بد من اختيار وزير التعليم من الشخصيات السياسية التي تمتلك الرؤية والإرادة على تنفيذها".

المصدر : الجزيرة