مشروع تركي لإعادة بناء البيوت المدمرة في غزة

محمد عمران-غزة

تعبر الفلسطينية صباح أبو سعيد عن فرحتها ببدء مشروع إنشاء 320 وحدة سكنية للمدمرة بيوتهم في قرية وادي غزة وسط القطاع، رغم أن عائلتها وأبناءها لم يضافوا بعد إلى قائمة المستفيدين من المشروع، لكن مجرد إعادة الإعمار تعيد الأمل لديها ولأصحاب البيوت المدمرة بإمكانية إنهاء معاناتهم في وقت قريب.

وتعيش أم محمد مع اثنين من أبنائها في كرفانين منفصلين، بينما اضطر بقية أبنائها الأربعة المتزوجين للعيش في منازل مستأجرة، بعد أن هدم الاحتلال منزلين للعائلة خلال الحرب الأخيرة على غزة، دون أن تفلح في إعادة إعمارهما رغم مرور 19 شهراً على وقف العدوان.

وتستعرض الخمسينية فصول معاناتها من العيش في الكرفان خلال الصيف والشتاء، وتشتيت أبنائها وأحفادها، لكنها تصر على تحمل هذه المعاناة، أملاً في إعادة إعمار منزليها في مكانهما القريب من حدود إسرائيل، لاعتبارها مجرد الثبات في المنطقة وجها آخر لمقاومة الاحتلال.

وتقول للجزيرة نت بلغتها البسيطة "إن مطّرت في بلاد بشّر بلاد"، فإعمار مئات المنازل المدمرة يعني قرب دورها في الإعمار، وتقليص فترة الانتظار بما تحمله من معاناة، مضيفة أنه كلما سمعت عن مشاريع إعمار جديدة يتبدد لديها اليأس والقنوط، ويتجدد الأمل واليقين برؤية منزليها وقد عمرا من جديد. 

جانب من الاحتفال بانطلاق المشروع التركي (الجزيرة)
جانب من الاحتفال بانطلاق المشروع التركي (الجزيرة)

بطء الإعمار
وفي ظل ما توصف بحالة الركود التي يشهدها ملف إعادة إعمار غزة منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، بدأت وكالة التنسيق والتعاون التركي (تيكا) بتنفيذ مشروع إنشاء 320 وحدة سكنية في منطقة وادي غزة وسط القطاع، والذي استعيض به عن مشروع سابق لإنشاء ألف بيت متنقل بنظام الجدران الإسمنتية الجاهزة.

ويقام المشروع على مساحة 20 ألف متر مربع بواقع عشرين عمارة سكنية تضم كل واحدة منها أربعة طوابق بمعدل أربع شقق لكل طابق، مع توفير البنى التحتية من طرق وشبكات مياه وصرف صحي وكهرباء وغيرها، وفقا لمدير مكتب فلسطين بوكالة التنسيق والتعاون التركي بولنت كوركماز.

وبينما يؤكد المسؤول التركي في حديث للجزيرة نت أنهم يعمدون إلى تنفيذ المشاريع التي تمس احتياجات الفلسطينيين كالإعمار والصحة والتعليم في القدس والضفة وغزة، يبين أن هذا المشروع -الذي يكلف 13.5 مليون دولار- يؤدي دوراً مهما في التخفيف من معاناة أصحاب البيوت المدمرة.

بيد أن أهمية المشروع بحسب رئيس بلدية وادي غزة سالم أبو عيادة تتجاوز مجرد إعادة الإعمار إلى طمأنة الفلسطينيين بأن قضية الإعمار ما زالت تتصدر الاهتمامات الرسمية، وأن معاناتهم لن يطول أمدها.

ورغم تأكيد المسؤول البلدي في حديثه مع الجزيرة نت أن مجموع المشاريع الإسكانية ببلدته تغطي أكثر من نصف المنازل المدمرة لديه والبالغة ثمانمئة، فإنه يبدي قلقا من وتيرة الإعمار التي تتراجع مقارنة بالوعود السياسية التي أعلنت بعد الحرب الأخيرة.

المشروع التركي يستهدف نصف المهدمة بيوتهم في منطقة وادي غزة خلال العدوان الإسرائيلي (الجزيرة)
المشروع التركي يستهدف نصف المهدمة بيوتهم في منطقة وادي غزة خلال العدوان الإسرائيلي (الجزيرة)

عدم التزام
وتشهد غزة مؤخراً وقفات ومظاهرات متكررة احتجاجاً على ما يعتبره أصحاب المنازل المدمرة بطء إعادة الإعمار، خصوصاً التأخر في صرف المستحقات المالية للإعمار ضمن المنحة الكويتية التي سيعاد من خلالها بناء نحو ألفي منزل مدمر.

ويعزو وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني مفيد الحسانية ما حدث بالمنحة الكويتية إلى "إجراءات إدارية ومالية من حق الدول المانحة اتخاذها لضمان ترتيباتها وفق مقتضيات العمل"، لكنه أكد بدء المشروع الكويتي بشكل متزامن للمنازل والبنى التحتية والزراعة وغيرها مطلع الشهر المقبل.

ومع تأكيده على أهمية المشروع التركي الأخير، إضافة إلى تقديم المانحين التزامات مالية لنحو خمسة آلاف منزل مدمر، فإنه يشكو من غياب التمويل لإعمار نحو ستة آلاف منزل دمرت خلال الحرب الأخيرة.

ويقول الوزير الفلسطيني للجزيرة نت إن حكومته تتواصل مع كافة الأطراف العربية والدولية لتوفير البدائل والمنح المالية للإعمار ومطالبة الدول بالالتزام بوعودها، مضيفا أن المانحين في مؤتمر القاهرة للإعمار قدموا 30% فقط من أصل 5.4 مليارات دولار.

المصدر : الجزيرة