كيف ينظر اللاجئون لأونروا في الذكرى 67 لتأسيسها؟

المسنة مريم شحادة، لاجئة فلسطينية من بلدة المجدل.
مريم شحادة: وكالة أونروا كانت تغطي جميع احتياجاتنا في السابق (الجزيرة نت)
أحمد فياض-غزة

لا تنسى اللاجئة مريم شحادة وهي في نهاية عقدها الثامن كيف كانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تغطي كل متطلبات الحياة لها ولغيرها من اللاجئين بعد مرور نحو عامين على ترحيل العصابات الصهيونية أسرتها من بلدة المجدل صوب قطاع غزة.

وتقول مريم إن اللاجئين في بدايات عمل الوكالة لم يكن ينقصهم شيء، بل إن ما يتلقونه من مساعدات كان يفيض عن حاجتهم أحيانا، ولكن في السنوات الأخيرة لم تعد تتسلم مساعدات غذائية سوى مرة كل ثلاثة أشهر، أما أبناؤها فقطعت الوكالة خدماتها عنهم.

وعبرت شحادة عن عدم رضاها عن خدمات الوكالة، مشيرة إلى أن الكثير من جيرانها في مخيم جباليا يضطرون إلى شراء مواد غذائية أساسية إلى جانب ما يتسلمونه من الوكالة كي يسدوا به رمقهم.

ويستقبل اللاجئون الفلسطينيون ذكرى مرور 67 عاما على تأسيس الأمم المتحدة لأونروا في 8 ديسمبر/كانون الأول 1949، بإضرابات واحتجاجات متكررة على تراجع خدمات المنظمة على صعيدي الإغاثة والتشغيل.

تراجع تدريجي
ويقول رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عصام عدوان إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بدأت في السنوات الأخيرة بالتراجع تدريجيا عن تقديم خدماتها، وتحميل أعباء اللاجئين على الحكومات المستضيفة في مناطق اللجوء الخمس.

‪عصاد عدوان حمل المجتمع الدولي وأونروا مسؤولية أوضاع اللاجئين الصعبة‬  (الجزيرة نت)
‪عصاد عدوان حمل المجتمع الدولي وأونروا مسؤولية أوضاع اللاجئين الصعبة‬  (الجزيرة نت)

ويضيف أن الوكالة في العقود الأولى من تأسيسها دأبت على الوفاء بكل حاجات اللاجئين في كل المجالات، ولكن التراجع التدريجي عن تقديم خدماتها ومحاولتها توطين اللاجئين في بعض المناطق ودمجهم في اقتصادها يشي بأن الوكالة الدولية باتت تؤدي دورا سياسيا كلفتها به الأمم المتحدة لتنفيذ مخطط يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.

وحمل عدوان في حديثه للجزيرة نت المجتمع الدولي والوكالة نفسها مسؤولية الأوضاع الصعبة التي آل إليها حال اللاجئين، لأن الوكالة -حسب تعبيره- هي من تكبل يديها عبر تذرعها بالعجز عن جمع المساعدات، امتثالا لتوجهات دولية تهدف إلى تخلي أونروا عن مهامها تدريجيا.

من جانبه يرى المحاضر الجامعي الباحث في مركز اللاجئين للتنمية المجتمعية سمير مدللة أنه منذ توقيع اتفاق أوسلو في العام 1994 طرأ تغيير على وظيفة أونروا، وأخذت الدول المانحة تقلص من مساعداتها المقدمة لها.

جوهر الأزمة
وينظر المختص في شؤون اللاجئين، وهو عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية أيضا، إلى أزمة أونروا على أنها سياسية في جوهرها، ومالية في مظهرها، "فالمبالغ المالية التي تقدمها أونروا للدول المانحة هي مبالغ قليلة جدا، وهو ما قاد إلى تراجع خدماتها وأثر مباشرة على قطاع الصحة والتعليم وبرامج إصلاح المأوى والتوظيف".

‪سمير مدللة: نسب التشغيل تتراجع ومعدلات الفقر والبطالة في ارتفاع (الجزيرة نت)‬ سمير مدللة: نسب التشغيل تتراجع ومعدلات الفقر والبطالة في ارتفاع (الجزيرة نت)
‪سمير مدللة: نسب التشغيل تتراجع ومعدلات الفقر والبطالة في ارتفاع (الجزيرة نت)‬ سمير مدللة: نسب التشغيل تتراجع ومعدلات الفقر والبطالة في ارتفاع (الجزيرة نت)

ويرى مدللة في حديثه للجزيرة نت أن مستقبل اللاجئين سيكون مظلما إذا ما بقيت أونروا على هذا الحال، لأن نسب التشغيل تتراجع، في مقابل ارتفاع معدلات البطالة والفقر، ووصولها إلى أعلى معدلاتها في أوساط الشباب، إذ بلغت نسبة البطالة 60%، وتجاوزت نسبة الفقر معدل 65%.

الحل سياسي
من جانبه أكد المستشار الإعلامي لأونروا عدنان أبو حسنة أن الوكالة لا تستطيع وحدها مواجهة المآسي والانهيار الكبير في أوضاع اللاجئين الناجمة عن الزيادة الطبيعية في أعدادهم ووصولها إلى 5.5 ملايين نسمة، وتفاقم آثار الحروب والحصار وتأثيراتها على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية.

‪عدنان أبو حسنة: لا نستطيع وحدنا مواجهة التردي الكبير في أوضاع اللاجئين‬  (الجزيرة نت)
‪عدنان أبو حسنة: لا نستطيع وحدنا مواجهة التردي الكبير في أوضاع اللاجئين‬ (الجزيرة نت)

وأضاف أن من أفضل ما قامت به أونروا منذ تأسيسها اهتمامها بالتنمية البشرية للاجئين الفلسطينيين، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن قضية اللاجئين ليست بحاجة لحل إنساني، بقدر احتياجها لحل سياسي عادل وشامل يرضى به اللاجئون بموافقة جميع الأطراف التي لها علاقة بقضيتهم.

وذكر للجزيرة نت أن أحدا لا يستطيع على الإطلاق إنهاء خدمات أونروا إلا بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة بجميع أعضائها، ولفت أيضا إلى أن المفوض العام لأونروا يبذل في هذ الأيام جهودا كبيرة من أجل تجنيد مانحين جدد كالصين وماليزيا وتركيا وكوريا الجنوبية، لتوسيع رقعة الخدمات اللازمة للاجئين.

المصدر : الجزيرة