الحزب الحاكم في ماليزيا يراهن على تقديم الانتخابات

مؤتمر الحزب الحاكم طوى صفحة تهم الفساد وأسس لحملة انتخابية مبكرة
مؤتمر الحزب الحاكم بماليزيا طوى صفحة تهم الفساد وأسس لحملة انتخابية مبكرة (الجزيرة)
سامر علاوي- كوالالمبور

هيمنت ثلاث قضايا على الجمعية العمومية للحزب الحاكم بماليزيا (أمنو) المنعقدة من 29 نوفمبر/تشرين الثاني إلى الثالث من ديسمبر/كانون الأول الجاري، وهي الانتخابات العامة المقبلة والعلاقة مع الحزب الإسلامي الماليزي (باس) والتحديات التي فرضها انشقاق رئيس الوزراء الأسبق مهاتير محمد عن الحزب وانضمامه للمعارضة.

فقد تجاهل قادة حزب المنظمة المالاوية القومية المتحدة المعروف اختصارا باسم (أمنو) قضية الفضائح المالية التي لصقت برئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق على مدى عامين.

ولم تكن إجابات رئيس الوزراء شافية للرد على أسئلة الماليزيين بشأن الاتهامات التي وجهت إليه بالمسؤولية عن مديونية شركة الاستثمارات الحكومية 1MDB التي يترأسها، وفقدان نحو 13 مليار دولار من ميزانيتها، أو المبلغ المحول لحسابه الشخصي بنحو سبعمئة مليون دولار الذي قال إنه تبرع به سياسي سعودي، وقد اختفت الضجة التي سادت البلاد على مدى عامين من كلمات المسؤولين وقادة الحزب.

انتخابات مبكرة
بدا مؤتمر أمنو تدشينا لحملة انتخابية مبكرة، وذلك بتلميح رئيس الوزراء في كلمته الافتتاحية إلى تقديم الانتخابات البرلمانية المقررة عام 2018 إلى العام المقبل، واعتبار كثير من المراقبين الجمعية العمومية آخر مؤتمر للحزب الحاكم قبل الانتخابات الرابعة عشرة في البلاد.

‪مؤتمر الحزب الحاكم في ماليزيا يؤسس لحملة انتخابية مبكرة‬ (الجزيرة)
‪مؤتمر الحزب الحاكم في ماليزيا يؤسس لحملة انتخابية مبكرة‬ (الجزيرة)

ولجأ عبد الرزاق إلى تحذير المالاويين من فقدان السلطة لحساب حزب العمل الديمقراطي الذي يقود المعارضة ويمثل الصينيين الماليزيين.

أما زاهد حميدي نائب رئيس الوزراء فدعا إلى الاصطفاف بقوة خلف عبد الرزاق استعدادا للانتخابات المقبلة بوصفه زعيما ملهما، وشدد قادة أمنو على اعتبار "التحالف الوطني" الحاكم الضمانة الوحيدة للحفاظ على حقوق المالاويين المنصوص عليها بالدستور.

وربما لم تشهد العلاقة بين الحزب الإسلامي الماليزي (باس) وحزب أمنو الحاكم تقاربا كالذي يحدث اليوم، فرغم اختلافاتهما الفكرية والسياسية أشاد رئيس الوزراء بزعيم الحزب الإسلامي عبد الهادي أوانغ، وأثنى على مشروع تطبيق الحدود الشرعية الذي يطرحه حزبه أمام البرلمان والذي يثير جدلا واسعا في البلاد.

وكان الحزبان أمنو وباس على طرفي نقيض على مدى عقود إلى أن تخلى باس عن تحالف المعارضة قبل عامين، الأمر الذي أدى إلى انشقاقه وخروج حزب الأمانة الذي بقي على موقفه في التحالف مع المعارضة.

ويشير قادة في باس إلى أن التزامهم السابق بتحالف المعارضة كان مرتبطا بزعامة أنور إبراهيم الذي كان ينظر إليه على أنه ضمانة للحفاظ على الهوية الإسلامية لماليزيا وحقوق المالاويين والدفاع عن الإسلام.

ولكن بعد تصدر حزب العمل الديمقراطي الذي تهيمن عليه الأقلية الصينية وظهور التناقضات المتعلقة بالدين والعرق لم يجد الحزب الإسلامي بدا من التخلي عن مقعده في المعارضة.

ويعتقد إلى حد كبير أن الحزبين أمنو وباس سيلجآن إلى التنسيق فيما بينهما في الانتخابات المقبلة، وقد بدآ بالفعل التنسيق في برامج مشتركة لا تحتمل الخلاف مثل تسيير مظاهرات مناصرة لعرقية الروهنغيا في ميانمار.

مهاتير والمعارضة
تخطى رئيس الوزراء الأسبق مهاتير محمد خط العودة بانشقاقه عن الحزب الحاكم وتأسيس حزب وحدة أبناء الأرض "برساتو بومي بوترا"، مما سبب حرجا كبيرا لقيادة الحزب أمام قواعدها وسط انشغالها بمعالجة آثار الاتهامات بالفساد التي أودت بنائب رئيس الوزراء محيي الدين يسين ومعه أركان معسكر مهاتير في الحزب والحكومة.

‪الحزب الحاكم في ماليزيا يركز على العلاقات مع الحزب الإسلامي‬ (الجزيرة)
‪الحزب الحاكم في ماليزيا يركز على العلاقات مع الحزب الإسلامي‬ (الجزيرة)

لكن انضمام مهاتير إلى تحالف المعارضة جنبا إلى جنب مع حزب العمل الديمقراطي الذي يطلق عليه بين المالاويين بالحزب الصيني أتاح فرصة كبيرة لقادة حزب أمنو برد الصاع صاعين في الجمعية العمومية التي يغيب عنها مهاتير لأول مرة.

 فقد شن قادة حزب أمنو حربا مفتوحة على مهاتير، ووصفه رئيس الوزراء في كلمته الرئيسية في المؤتمر بارتكاب أقصى درجات الخيانة للحزب والدولة، واتهمه بتسريب معلومات سرية لأعداء البلاد مثل جورج سورس الذي اتهمه مهاتير نفسه بالتسبب بأزمة اقتصادية كبرى لماليزيا ودول آسيان عام 1998.

وتجاوز مهاتير الغزل مع حزب المعارضة الصيني (داب)، وحزب عدالة الشعب بقيادة أنور إبراهيم إلى التنسيق والعمل المشترك لإسقاط حكومة التحالف الوطني بقيادة أمنو.

ولعل التحالف مع أعداء الأمس أبرز نقاط ضعف مهاتير التي يركز عليها حزب أمنو في معركته المستقبلية في الانتخابات التي وصفها كثير من قادته بأنها حرب المالاويين الأخيرة في أن "نكون أو لا نكون".

التحالف الوطني
وبعد أن أخذ نجيب عبد الرزاق نفسا عميقا في نهاية مؤتمر الحزب الذي يقود تحالف الحكم في ماليزيا، حين ضمن الترشح للانتخابات المقبلة وتجاوز أزمة الفضائح المالية، بقي أمامه التحدي الكبير في الانتخابات المقبلة التي قد تعقد في غضون أشهر.

فحتى لو حافظ حزب أمنو على مستواه بسبب النظام الانتخابي الحالي فإن شركاءه في التحالف الوطني لا سيما أحزاب الأقليتين الصينية والهندية اللتين تشكلان أكثر من 35% من المخزون الانتخابي تضررت كثيرا في انتخابات 2013 وما بعدها، ولا يمكن لأمنو قيادة الحكومة منفردا دون تمثيل الأقلية إذا ما بقي أداؤها على تراجعه.

وبذلك فإن قادة أمنو يحضون شركاءهم في الجمعية الصينية الماليزية وحزب المؤتمر الهندي الماليزي على مضاعفة جهودهم في التحضير للانتخابات المقبلة، كما أن قادة أمنو لا يخفون مخاوفهم من التحديات المقبلة المتعلقة بمخاطبة الجيل الجديد الذي أغنته الأجهزة اللوحية عن آلة الدولة الإعلامية التي يسيطر عليها الحزب الحاكم، والذي يحتل السلطة منذ أن استقلت ماليزيا علم 1957.

المصدر : الجزيرة