نجيب عبد الرزاق.. سياسي ماليزي ختم مسيرته بالسجن

Former Malaysian Prime Minister Najib Razak walks out from the Federal Court during a court break, in Putrajaya
رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق في طريقه للمثول أمام المحكمة الاتحادية (رويترز)

سياسي ماليزي ينحدر من أسرة عريقة في السياسة، تولى والده وعمه رئاسة الوزراء، وتقلّد هو المنصب نفسه لنحو 11 عاما، ثم سقط بعدها بتهم فساد مالي أثبتتها المحاكم وأدانته لينتهي به الحال في السجن.

المولد والنشأة

ولد نجيب محمد بن تون حاجي عبد الرزاق يوم 23 يوليو/تموز 1953 في مدينة كوالاليبيس الصغيرة بإقليم فهغ دار المعمور.

هو الابن الأكبر بين 6 أبناء لحاجي عبد الرزاق الذي كان ثاني رئيس وزراء في تاريخ ماليزيا (1970-1976).

عمّه تون حسين عون هو ثالث رئيس وزراء في تاريخ ماليزيا، وتولى المنصب من 1976 إلى 1981 تاريخ تنازله عن الحكم لمصلحة رئيس الوزراء مهاتير محمد.

الدراسة والتكوين

درس عبد الرزاق مرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي في مؤسسة سانت جونز بكوالالمبور، ثم التحق بكلية مالفيرن في ورشستر بإنجلترا.

حصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد الصناعي عام 1974 من جامعة نوتنغهام البريطانية.

الزواج

عام 1976، تزوج نجيب من كوي يي، وأنجبا ولدين هما محمد نزار ومحمد نظيف الدين، وبنتا هي بوتيري نورليسا. وفي عام 1987 طلق كوي يي ليتزوج من داتين سري روزما منصور، وأنجبا طفلين هما محمد نورشمان ونوريانا نجوى، التي تزوجت من ابن شقيق الرئيس الكازاخستاني السابق نور سلطان نزارباييف.

الوظائف والمسؤوليات

عام 1974، عاد عبد الرزاق إلى ماليزيا، ودخل عالم الأعمال، وعمل مدة وجيزة في البنك المركزي الماليزي ثم مع شركة بتروناس "شركة النفط الوطنية الماليزية" (Petroliam Nasional Berhad) مديرًا للشؤون العامة قبل أن يتجه للعمل السياسي.

التجربة السياسية

بدأ دخول نجيب عبد الرزاق غمار السياسة عام 1976 عندما انتُخب لعضوية البرلمان عن حزب المنظمة الوطنية المتحدة للملايو "يو إم إن يو" (UMNO) ليحل محل والده الراحل في مقعد بيكان بولاية فهغ.

وعام 1978، عيّن عبد الرزاق لأول مرة في مجلس الوزراء وعمره 25 عاما كنائب لوزير الطاقة والاتصالات والبريد، ليصبح أصغر نائب وزير في البلاد.

وعام 1982، أصبح عبد الرزاق وزيرًا أول في فهغ، وفي 1986 أعيد انتخابه لعضوية البرلمان، وفي العام نفسه عيّن وزيرا للثقافة والشباب والرياضة في حكومة مهاتير محمد.

وفي عهده وزيرا للرياضة، حققت ماليزيا أفضل أداء لها على الإطلاق في ألعاب جنوب شرق آسيا "سي إي إيه" (SEA) عام 1989 التي أقيمت في كوالالمبور.

وتقلد نجيب عبد الرزاق عددا من الحقائب الوزارية بما في ذلك فترتان وزيرا للدفاع (1991-1995) و(1999-2004)، وتدرج في المناصب السياسية حتى أصبح في السابع من يناير/كانون الثاني 2004 نائبًا لرئيس الوزراء في عهد رئيس الوزراء عبد الله أحمد بدوي الذي حل مكان مهاتير محمد إثر تقاعده.

وفي مؤتمر حزب الحاكم "يو إم إن أو" يوم 26 مارس/آذار 2009، انتخب نجيب عبد الرزاق زعيما للحزب، مما مهد الطريق لنقل السلطة من رئيس الوزراء عبد الله أحمد بدوي إلى عبد الرزاق الذي تولى المنصب في الثالث من أبريل/نيسان 2009 عقب استقالة بدوي من الحزب.

وفي مايو/أيار 2013، فاز ائتلاف الجبهة الوطنية الحاكم بزعامة عبد الرزاق بالانتخابات العامة بأغلبية بسيطة ليمدّد حكمه للبلاد المستمر منذ 56 عاما، بعد أن تأكد حصوله على أكثر من 112 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 222 مقعدا.

تآكلت شعبية عبد الرزاق بعد أن فرض ضريبة غير شائعة بنسبة 6% على السلع والخدمات في أبريل/نيسان 2015، وفي وقت لاحق من ذلك العام تورط في فضيحة فساد مالي.

وقتها برز مهاتير محمد الذي شغل منصب رئيس وزراء ماليزيا من 1981 إلى 2003، بوصفه زعيما للمعارضة.

رفض عبد الرزاق عودة مهاتير إلى السياسة، ووصفها بأنها مقامرة يائسة من قبل المعارضة، لكن التأييد بدأ يتجمع حول مهاتير، خاصة بعد إعلانه في يناير/كانون الثاني 2018 أنه سيكون مرشح المعارضة لرئاسة الوزراء في الانتخابات العامة.

وفي التاسع من مايو/أيار 2018، وجه الناخبون ضربة قاسمة لنجيب عبد الرزاق والجبهة الوطنية عندما فاز ائتلاف المعارضة بزعامة مهاتير بأغلبية ضئيلة في البرلمان، منحته رئاسة الحكومة، منهيا سيطرة الجبهة الوطنية على السلطة والتي استمرت 6 عقود، ليغادر عبد الرزاق منصبه في اليوم التالي.

وفي مارس/آذار 2021، قرر حزب نجيب عبد الرزاق "يو إم إن أو" وقف التعاون مع حكومة رئيس الوزراء الماليزي الحالي محيي الدين ياسين، في الانتخابات المقررة في سبتمبر/أيلول 2023.

وفي 16 أغسطس/آب 2021، استقال محيي الدين ياسين من رئاسة الحكومة بعد أقل من 18 شهرا في منصبه بسبب النزاعات الداخلية في ائتلافه التي أدّت إلى فقدانه أغلبيته البرلمانية.

وفي 20 أغسطس/آب 2021، عين إسماعيل صبري يعقوب (61 عاما) رئيسا جديدا للوزراء، وهو ينتمي لحزب "المنظمة الوطنية المتحدة للملايو"، الذي أطيح به من الحكم قبل 3 سنوات.

وفي 19 سبتمبر/أيلول 2021، قال عبد الرزاق إنه لا يستبعد السعي لإعادة انتخابه في البرلمان خلال العامين المقبلين، على الرغم من إدانته بتهم فساد تمنعه من الترشح.

وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قاد عبد الزراق حزبه للفوز في الانتخابات التشريعية المحلية لولاية ملقا الجنوبية مع شركائه في الحكومة الوطنية.

وفاز الحزب بثلثي مقاعد برلمان الولاية، وسيطر عبر تحالفاته على 21 من المقاعد الـ28 المتنافس عليها، في حين ضمن شريكه في الحكومة مقعدين.

قضايا الفساد

وعقب تولّيه منصب رئاسة الوزراء مجددا في 2015، وجهت لعبد الرزاق اتهامات بـ"الفساد المالي" من وزير السياحة الذي قال إن "ملايين الدولارات وضعت في الحساب البنكي لنجيب عبد الرزاق من دولة شقيقة".

في الوقت ذاته ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" (Wall Street Journal) الأميركية أن تحقيقات كشفت أن نحو 700 مليون دولار أودعت في حسابات شخصية لعبد الرزاق.

وردّ عبد الرزاق باستعداده للكشف عن مصدر الأموال الموجودة في حساباته البنكية إذا كشفت الأحزاب المعارضة عن أرصدتها، ونفى تلقي أموال من الصندوق السيادي الماليزي "1إم دي بي" (1MDB)، أو أي جهة بغرض الربح الشخصي.

وقتها خرجت إلى الشارع الماليزي مظاهرات تطالب باستقالة عبد الرزاق، وتدين سوء الإدارة والفساد المالي، وتدخّل رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد داعيا إلى اتخاذ إجراءات لحجب الثقة عن عبد الرزاق واتهمه بشراء ولاء البرلمانيين بالمناصب.

في أغسطس/آب 2015، برّأت الوكالة الماليزية لمكافحة الفساد (هيئة خاصة) عبد الرزاق من اختلاس 700 مليون دولار، وقالت إن هذا المبلغ كان عبارة عن مساهمات من متبرّعين وليست من الصندوق، ولا علاقة لها بفضيحة فساد أو اختلاس أموال.

وفي الثالث من يوليو/تموز 2018، ألقي القبض على نجيب عبد الرزاق من قبل هيئة مكافحة الفساد الماليزية، وبعد أسبوع أدى مهاتير محمد اليمين رئيسا للوزراء، وتعهّد بالتحقيق في فضيحة الكسب غير المشروع الخاصة بعبد الرزاق.

وصرحت مصادر ماليزية يوم 11 مايو/أيار 2018 بأن مهاتير سيعين مستشارا من وزارة المالية للإشراف على استعادة مليارات الدولارات التي سُرقت من الصندوق. وفي اليوم التالي، أصدرت إدارة الهجرة الماليزية قرارا بحظر سفر عبد الرزاق وزوجته.

في البداية واجه عبد الرزاق 42 تهمة بالفساد وغسيل الأموال، وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 أعلن القاضي محمد نزلان محمد غزالي أمام المحكمة العليا في كوالالمبور أن عبد الرزاق يواجه 7 تهم ترتبط باختلاس 42 مليون رينغيت (10 ملايين دولار) من أحد فروع الصندوق.

وفي 28 يوليو/تموز 2020، حكم عليه بالسجن 12 عاما ودفع غرامة بقيمة 210 ملايين رينغيت ماليزي (50 مليون دولار)، في نهاية أولى 5 محاكمات متعلقة بالكسب غير المشروع على نطاق واسع خلال السنوات التسع التي عمل فيها رئيسا للوزراء.

ورفضت محكمة الاستئناف الماليزية في الخامس من أبريل/نيسان 2021 تأجيل النظر في الطعون التي رفعها عبد الرزاق ضد قرار إدانته من قبل المحكمة العليا، وتلقى إخطارا بالإفلاس لتخلفه عن سداد ضرائب تتجاوز 400 مليون دولار، في تحرك وصفه نجيب عبد الرزاق بـ"محاولة تدمير مسيرته السياسية".

وفي السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2021، رفضت محكمة الاستئناف الطعن الذي قدمه عبد الرزاق ضد إدانته بتهم الفساد السبع، وأقرت المحكمة عقوبة السجن 12 عاما الصادرة بحقه في يوليو/تموز 2020.

وطعن عبد الرزاق مرة أخرى في الحكم أمام المحكمة الاتحادية (التمييز) -أعلى محكمة في ماليزيا- وظل خارج القضبان بكفالة حتى صدر الحكم النهائي في القضية اليوم الثلاثاء 23 أغسطس/آب 2022.

الهوايات

يعرف عن نجيب عبد الرزاق أنه من محبي لعبة الغولف، وأنه مارس اللعبة مع رئيسي الولايات المتحدة الأميركية السابقين باراك أوباما ودونالد ترامب، والأخير وصفه بـ "رئيس وزرائي المفضل".

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية