قاسم.. فلسطيني رفض الملايين للتنازل عن أرضه
ميرفت صادق-رام الله
ورغم أن القرار لا يتيح لقاسم الوصول إلى أرضه والعودة لزراعتها بالعنب كما كان يفعل هو ووالده وأجداده، فإنه تعهد بالقول "سيتمكن من ذلك أبنائي وأحفادي يوما".
بدأت قصة قاسم (77 عاما) عندما صادرت إسرائيل أرضه ومساحتها 14 دونما عام 1984 "لأغراض عسكرية" ضمن قرارات شملت أكثر من ألف وثمانمئة دونم من أراضي قرية دورا القرع وشمال مدينة البيرة لإقامة مستوطنة "بيت إيل" التي كانت مقرا للحكم العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ عام 1978.
يقول قاسم إنه طرق أبوابا حقوقية وسياسية فلسطينية كثيرة من أجل استعادة أرضه على مدار العقود الثلاثة الماضية ولكن دون جدوى. وعندما بدأت إحدى شركات المقاولات الإسرائيلية بالحفر لإنشاء إسكان للمستوطنين على أرضه غرب بيت إيل عام 2009، قرر قاسم بدء معركة قانونية في المحاكم الإسرائيلية ذاتها.
واستند صاحب الأرض في دفاعه إلى سند تسجيل يعود إلى عام 1962مصدق من السلطات الأردنية التي حكمت الضفة الغربية حتى الاحتلال الإسرائيلي عام 1967. كما يمتلك نسخة "إخراج قيد" للأرض ذاتها مصادق عليها من الإدارة المدنية الإسرائيلية عام 1983.
وبعد عام أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قرارا يقضي بوقف البناء على أراضي قاسم. لكن المستثمر الإسرائيلي لم يمتثل للمحكمة واستمر بالبناء، واتصل بقاسم عارضا عليه مبلغ 28 مليون دولار مقابل شراء الأرض "أو أي مبلغ يطلبه". فكان رد قاسم "الأرض ليست للبيع، لا لعربي ولا ليهودي".
ويقول قرار الهدم إن موقف الحكومة الإسرائيلية تبدّل خلال مداولات القضية، ففي حين عبرت عن التزامها بالهدم في بدايتها وطلبت مهلة للتنفيذ، فإنها تحدثت عن إمكانية إعداد مخطط هيكلي جديد للمنطقة لاحقا بحيث تضم المبنيين المقرر هدمهما لمخطط المستوطنة المعترف به. إلا أن المحكمة رفضت موقف الحكومة وقالت إن عدم استخدام هذه الأراضي لفترة طويلة ثم محاولة شرعنة استغلالها لسكن المستوطنين يبرر إلغاء أمر مصادرتها من ملكية صاحبها.
قاسم والد لستة أبناء وجدّ لـ25 حفيدا بعضهم يساعده في ترتيب أوراق أرضه، بينها وثيقة تتضمن قرار هدم الاستيطان عليها والدعوة التي رفعها ضد جيش الشرطة الإسرائيلية في المنطقة ورئيس "الإدارة المدنية الإسرائيلية" والمجلس المحلي لمستوطنة بيت إيل. وقد جاء القنصل الأميركي في القدس المحتلة إلى بيت قاسم بعد تحريك الدعوى ضد البناء على أرضه.
يقول قاسم إنه "جاء لتقديم إغراءات من أجل سحب الدعوى أيضا فقلت له إن الإسرائيليين قتلوا تسعة شبان على هذه الأرض وهم يدافعون عنها، أربعة من مخيم الجلزون المجاور وخمسة من قريتي دورا، بينهم ابني إبراهيم الذي كان طالبا جامعيا عليها عام 1991 فلو أن ابنك قتل لأجل أرضك، هل تبيعها؟".
أرض قاسم أصبحت واقعة داخل المستوطنة ومحاطة بسياج حديدي ويلفها جدار إسمنتي. لكنه يقول وهو واثق من نفسه "هذا غير مهم الآن، يوما ما سيخرجون من بيت إيل، ونحن نجاهد لاستعادتها حتى نموت".