أسرى محررون يغيثون عائلات غزية سحقها الفقر

أحمد عبد العال-غزة

ربما أسهمت سنوات الأسر التي قضوها في سجون الاحتلال الاسرائيلي، بمضاعفة شعورهم بالمسؤولية تجاه شعبهم، فسارعوا إلى تشكيل فريق "ربى الخير"، بهدف بناء منازل جديدة وترميم القديمة لعدد من الأسر الفقيرة، التي لا يتوفر لها مأوى في قطاع غزة.

ولا تصدق الفلسطينية أم شعبان الدن أنها أصبحت تعيش في منزل متكامل الأركان، فهي الآن تستطيع الحصول على قسط من الراحة دون مضايقة الحشرات والجرذان، ولن تضطر للاستيقاظ مبكرا لجمع الأخشاب وإشعال النار في موقدها الحديدي القديم لتعد الطعام لأفراد عائلتها.

وبينما تجلس في منزلها الجديد، لا تغيب عن ذاكرة الفلسطينية المريضة، تلك السنوات التي عاشتها مع زوجها المريض وأبنائها الثمانية وابنتها المطلقة وأحفادها الأربعة في غرفة لا تتجاوز مساحتها عشرين مترا مربعا بأرضيتها الرملية، وسقفها المكون من ألواح الصفيح.

أم شعبان: كنا نعيش ولكننا ننتظر الموت (الجزيرة)
أم شعبان: كنا نعيش ولكننا ننتظر الموت (الجزيرة)

بانتظار الموت
وتقول أم شعبان "كنا 15 فردا أربعة منا مرضى وجرحى، نعيش في غرفة ضيقة أشبه بالخرابة، لا تقي حر الصيف أو مياه الأمطار وبرد الشتاء، ولا يوجد فيها حمام أو مطبخ أو أغطية كافية ولا حتى ملابس".

وتضيف "الجرذان والحشرات لم تكن تغادر غرفتنا، فلا نستطيع النوم، وكنت أطهو على نار الموقد، ولا يتوفر لدينا مياه نظيفة أو كهرباء، أو شبكة صرف صحي، "كنا نعيش ولكننا ننتظر الموت".

وتابعت "في فصل الشتاء الماضي زارنا اثنان من الأسرى المحررين، وعندما اطلعوا على ظروف حياتنا القاسية، قاموا بجمع تبرعات وهدموا الغرفة القديمة، وبنوا لنا منزلا مكونا من ثلاث غرف وصالة للجلوس ومطبخ وحمام، وقدموا لنا بعض الأجهزة الكهربائية المنزلية والفراش، وساهموا في علاج مرضى العائلة".

الأسير المحرر منصور ريان، أحد مؤسسي الفريق، قال للجزيرة نت "قمنا بزيارة هذه العائلة في نهاية فصل الشتاء الماضي، ورأينا الظروف الإنسانية القاسية التي تعيش فيها، وبعد جمع التبرعات اللازمة هدمنا الغرفة القديمة، ونجحنا في بناء منزل كامل خلال شهر واحد، لتعيش فيه هذه العائلة الفقيرة حياة كريمة".

ريان: جمعنا التبرعات من مصادر مختلفة (الجزيرة)
ريان: جمعنا التبرعات من مصادر مختلفة (الجزيرة)

مصادر التبرعات
وأوضح أن فريقه يجمع التبرعات من مصادر مختلفة، بينها متبرعون من دول عربية متنوعة، وهو يبحث عن العائلات الفقيرة التي لا تصلها مساعدات من أي من الجمعيات الخيرية الموجودة ليقدموا لهم المساعدة، من خلال بناء منازل جديدة لمن لا يتوفر لهم مأوى، أو تقديم مساعدات مالية أو عينية.

أما الأسير المحرر علي المغربي -وهو من مؤسسي الفريق الخيري- فأوضح أن فريقه مكون من أسرى محررين مبعدين إلى غزة والخارج، وهو يعمل بجهود فردية على تقديم المساعدة للعائلات الفقيرة.

وأضاف للجزيرة نت أن فكرة تشكيل الفريق جاءت بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، حيث تفاقمت الحالات الإنسانية وارتفعت نسبة الفقر، "وقررنا تقديم المساعدة للأسر المهمشة، التي لا تصلها الجمعيات والمؤسسات الخيرية".

وأشار إلى أن فريقه تمكن في الأشهر القليلة الماضية من ترميم ما يزيد عن 12 منزلا، وبناء 9 منازل جديدة للعائلات الفقيرة، لافتا إلى أن لدى فريقه مخططا لترميم وبناء عدد جديد من المنازل.

كما قام الفريق ببناء مسجد وتوزيع آلاف السلال الغذائية، وتقديم كفالات لطلاب الجامعات الفقراء والأيتام.

وحسب تقرير أصدره البنك الدولي في مايو/أيار الماضي، يقع 40% من سكان قطاع غزة تحت خط الفقر، و43% منهم يعانون من البطالة، بالإضافة إلى أن نحو 80% من الفلسطينيين في غزة يتلقون شكلا من أشكال الإعانة الاجتماعية.

المصدر : الجزيرة