عودة قناة "الناس" المصرية.. حضور صوفي وغياب سلفي

مذيعو ومقدمو قناة الناس الجدد
قناة "الناس" الجديدة ستعتمد على وجوه صوفية وتستبعد بشكل تام دعاة الإخوان والسلفيين وحتى السلفيين المقربين من السلطة (الجزيرة)

عبد الرحمن أبو الغيط-القاهرة

لم يكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ينهي بيان الانقلاب في الثالث من يوليو/تموز 2013، حتى داهم عشرات الجنود المدججين بالسلاح، مقر قناة "الناس" الفضائية بمدينة الإنتاج الإعلامي، وقاموا بإغلاقها، دون إذن قضائي مع مصادرة أجهزة البث، شأنها في ذلك شأن 14 فضائية إسلامية.

وبعد نحو عامين من إغلاق القناة الدينية المملوكة لشركة "البراهيم" السعودية، فوجئ المشاهدون بحملة إعلانية ضخمة وغير مسبوقة على العديد من الصحف الحكومية والخاصة، للإعلان عن عودة "الناس" غدا يوم 17 من الشهر الجاري، ولكن هذه المرة بوجوه صوفية وفي غياب تام لدعاة الإخوان والسلفيين وحتى السلفيين المقربين من السلطة.

وتعود "الناس" بعد أن قام أحد رجال الأعمال المصريين بشرائها من مالكيها السعوديين، ولكن بمضمون مختلف، حيث تشهد الفواصل الإعلانية ظهور النساء والموسيقى، الأمر الذي كانت ترفضه إدارة القناة السابقة، وسط تكهنات بأن يكون المفتي الأسبق علي جمعة مديرا عاما للقناة.

وأثارت عودة قناة "الناس" الكثير من علامات الاستفهام حول أسباب هذه العودة ودلالات التوقيت، وما هو المحتوى الجديد الذي ستقدمه؟ وهل يمكن أن يتقبلها الناس بعد تغيير جلدها؟

‪يحيى: عام 2006 كانت
‪يحيى: عام 2006 كانت "الناس" فنية وترفيهية وبعد عام من انطلاقتها تحولت لقناة سلفية‬  (الجزيرة)

مواجهة التطرف
ويصف أحد المعدين بقناة "الناس" الجديدة، القناة بأنها "تهدف إلى عرض الإسلام النقي، ونشر الفكر الوسطي، والتصدي للأفكار المتطرفة والهدامة، والمحافظة على منظومة القيم والأخلاق في المجتمع".

وأضاف المعد الذي فضل عدم ذكر اسمه -في تصريح للجزيرة نت- أن "الناس" تسعى لتقديم رسالتها، من خلال مجموعة متنوعة من البرامج التي تُلبِّي رغبات المشاهدين، على اختلاف أعمارهم وثقافاتهم، لذلك قامت بالتخلي عن جميع العاملين في القناة القديمة "لمشاركتهم في التحريض على العنف ضد المعارضين لعهد الرئيس المعزول محمد مرسي".

وشدد على أن انطلاق "الناس" بثوب جديد "خطوة جيدة لتجديد الخطاب الديني، ومحاربة الفكر المتشدد والأفكار التكفيرية التي انتشرت في عهد الإخوان المسلمين، خاصة أن القناة تستعين بشكل كامل بشيوخ الأزهر لتعليم الشعب المصري صحيح الدين".

من جانبه، أكد أحمد يحيى (معد سابق بفضائية الناس) أن القناة مرت بمرحلتين قبل عودتها الأخيرة، المرحلة الأولى عند الإنشاء عام 2006، حيث كانت فنية وترفيهية، وبعد عام من انطلاقتها بدأت المرحلة الثانية، وهي تحولها الديني بالصبغة السلفية.

‪عوف: إعادة قناة كان لها مكانة كبيرة في نفوس الناس هدفه ترسيخ مفاهيم الإسلام الرسمي‬  (الجزيرة)
‪عوف: إعادة قناة كان لها مكانة كبيرة في نفوس الناس هدفه ترسيخ مفاهيم الإسلام الرسمي‬ (الجزيرة)

الإسلام الرسمي
وأضاف يحيى -في تصريح للجزيرة نت- أنه منذ عام 2007 وحتى إغلاقها الثاني عام 2013 بعد الانقلاب العسكري، ظلت القناة محافظة على الصبغة السلفية، من عدم ظهور النساء وعدم استخدام الموسيقى بكافة أنواعها.

وأردف قائلا "التحول الثالث في تاريخ القناة، تمثل في بيعها لأحد رجل الأعمال، حيث ستظهر بإطلالة صوفية، وهو الاتجاه الديني المفضل من قبل السلطات المصرية الحالية، حيث يغلب على الطابع الصوفي الانعزال التام عن الحياة، والانصياع الكامل للحاكم تحت أي ظروف".

وتابع أن إعادة بث "الناس" التى كانت تحتل المرتبة الأولى في صفوف القنوات الدينية، رسالة تهدف لمحو الأثر الذي تركته تلك القناة على مدى عقد من الزمان داخل المجتمع المصري، عبر بث رسالة مخالفة تماما لرسالة القناة السابقة.

بدوره، أكد عضو جبهة علماء الأزهر الشيخ محمد عوف أن الهدف الرئيس من إعادة قناة كان لها مكانة كبيرة في نفوس الناس، هو ترسيخ مفاهيم "الإسلام الرسمي" الذي يقتصر على شعائر دينية دون التدخل في السياسة، وهو ما يفسر عودة القناة بوجوه صوفية فقط.

وأضاف -في تصريح للجزيرة نت- أن مفهوم الإسلام الرسمي يتلخص في "فكر ديني قاصر على فقه العبادات وبعض الشعائر الدينية بعيدا عن شمولية الإسلام، متعصب للصوفية ومحرض ضد الحركات الإسلامية، يسمح بالانحلال ويرسخ للعلمانية بدعوى الانفتاح".

المصدر : الجزيرة