قراءات متباينة لدعوات عباس لتدخل عربي بفلسطين

الرئيس الفلسطيني محمود عباس
عباس وصف التدخل العربي في اليمن بالمقبول والمستحسن قائلا إن الفلسطينيين أول من عانوا الانقسام (الجزيرة)

عوض الرجوب-الخليل 

قوبلت دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتدخل عربي لإنهاء الانقسام الفلسطيني بقراءات متباينة في الأوساط الفلسطينية، ففي حين رأت فيها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) دعوة لتكرار تجربة التدخل في اليمن سارع مقربون من الرئيس إلى رفض هذا التفسير.

وكان عباس قد وصف التدخل العربي في اليمن بأنه "مقبول ومستحسن". وقال إن هناك قضايا أخرى وبلدانا أخرى، وإن الفلسطينيين أول من عانوا الانقسام، قائلا "نأمل أن تكون هناك مواقف عربية موحدة، ونحن ملتزمون بكل ما سيصدر عن هذه القمة".

وتزامنت دعوة الرئيس الفلسطيني خلال القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ أمس مع تسريبات لمستشاره وقاضي القضاة محمود الهباش دعا فيها إلى عملية تكرار عاصفة الحزم مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قائلا "إن ما جرى في غزة انقلاب وليس انقساما، ويجب التعاطي معه بالحزم والحسم"، في إشارة إلى العملية العسكرية ضد الحوثيين في اليمن.

‪تسريبات تضمنت أن الهباش دعا لتكرار عاصفة الحزم مع حماس‬ (الجزيرة)
‪تسريبات تضمنت أن الهباش دعا لتكرار عاصفة الحزم مع حماس‬ (الجزيرة)

تسريبات الهباش
لكن بعد مضي ساعات على هذه الأقوال خلال خطبة الجمعة الماضية وصفت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) ما نقل عن الهباش بأنه "لغط"، ونقلت عنه قوله إن البعض اختلق كلاما لم يرد على لسانه.

وبارك الهباش "الحشد العربي بقيادة السعودية"، معربا عن أمله في أن تكون "بداية لنهضة عربية ولوحدة موقف عربي".

ورحب بأي جهد عربي للمساعدة في إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية شريطة "أن يأخذ بعين الاعتبار الرعاية المصرية للحوار الفلسطيني والتنفيذ الأمين لما اتفق عليه في الدوحة، والقاهرة، وغزة".

واعتبرت حركة حماس أن دعوة الرئيس الفلسطيني هي دعوة لتكرار عملية اليمن في غزة. وقال الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري في بيان له إن "تصريحات محمود عباس التي دعا فيها إلى تكرار نموذج عاصفة الحزم ضد الشعب الفلسطيني هي تصريحات خطيرة وغير وطنية"، داعيا الأطراف العربية "إلى معاقبة محمود عباس على تبني هذه المواقف المنسجمة مع رغبات الاحتلال في ضرب الشعب الفلسطيني".

وكان عضو الجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تيسير خالد وجه انتقادات حادة للهباش، مؤكدا أن "دور العبادة ليست المكان المناسب لبث التحريض والكراهية والعنتريات الفارغة"، وأنها ليست "منابر سياسية وظيفتها التستر بالشرعية للتخريب على التوجهات السياسية للقيادة الشرعية".

‪أبو زهري وصف تصريحات عباس بأنها خطيرة وغير وطنية‬ (الجزيرة)
‪أبو زهري وصف تصريحات عباس بأنها خطيرة وغير وطنية‬ (الجزيرة)

وقال في تغريدة له على تويتر إن تصريحات الهباش جاءت في الوقت الذي تسعى فيه اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لإنهاء الانقسام واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني للسلطة الفلسطينية من خلال الحوار، في إشارة لاعتزام وفد يمثل المنظمة التوجه إلى غزة لتنفيذ المصالحة على ما اتفق عليه.

دعوة للضغط
من جانبه، نفى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنا عميرة أن يكون المقصود بدعوة الرئيس تكرار التدخل في اليمن، مضيفا أن المقصود هو رعاية الحوار والخروج بصيغة مقبولة على الجميع، ودعم خطوات المصالحة.

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن قرار منظمة التحرير هو المضي في المصالحة، موضحا أن وفد المنظمة يعتزم التوجه إلى غزة قريبا للمساعدة في تهيئة الظروف لتطبيق ما اتفق عليه.

وفي الاتجاه ذاته، نفى أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح أمين مقبول أن يكون الرئيس الفلسطيني قد دعا لتكرار تجربة التدخل في اليمن، مضيفا أن الرئيس استند إلى سياسة الحوار، وأنه يتبنى الحوار الشامل.

‪العمايرة: سكوت عباس على أقوال الهباش‬ (الجزيرة)
‪العمايرة: سكوت عباس على أقوال الهباش‬ (الجزيرة)

وأضاف أن المقصود بدعوة الرئيس لتدخل عربي لإنهاء الانقسام هو "الضغوطات والتأثيرات، ولم يرد على لسانه أنه يريد تكرار عملية عاصفة الحزم في غزة، ولم يقصد هذا المعنى الذي حاول البعض تفسيره".

السكوت علامة الرضا
بعيدا عن حرفية النصوص وتصريحات السياسيين، اعتبر خالد العمايرة المحلل السياسي ومدير مركز القدس للإعلام سكوت الرئيس الفلسطيني على أقوال الهباش دليلا على رضاه عنها.

وأضاف أن "محمود عباس يتحرج من أن يقول هذا الكلام بصريح العبارة، لكن سكوته عن ما قاله الهباش في خطبة الجمعة دليل رضا عنه"، مشيرا إلى أن الهباش يتحدث في خطب الجمعة أمام الرئيس وبموافقته وكأنه في ثأر شخصي مع حركة حماس.

وتابع أن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يسمح الرئيس الفلسطيني بأن ينطق هذا الكلام المسموم أمامه؟ "هذا يدين محمود عباس كما لو قال هذا الكلام بنفسه".

المصدر : الجزيرة