الكهرباء.. حلقة بسلسلة العقاب الإسرائيلي للفلسطينيين

نابلس- إسرائيل تزود الفلسطينيين عبر شركة الكهرباء القطرية- يظهر بالصورة اعمدة الكهرباء من مدن الداخل الفلسطيني الذي تحتله إسرائيل- مدينة تل ابيب- ومدينةقلقيلية الفلسطينية بالشق الثاني وبينهما جدار الفصل العنصري- عاطف دغلس-الجزيرة
إسرائيل تزود الفلسطينيين بالكهرباء عبر شركة الكهرباء الإسرائيلية (الجزيرة نت)

عاطف دغلس-نابلس

فاقمت قضية انقطاع التيار الكهربائي معاناة الشاب الجامعي ياسين رمضان من قرية تل قضاء نابلس شمالي الضفة الغربية، وأضافت مأساة أخرى لظروفه القاسية واعتماده على جهاز حاسوب قديم (كمبيوتر) في دراسته.

ويقول رمضان إن جميع المشاكل والأعطال التي تصيب حاسوبه باستمرار تهون أمام قطع إسرائيل للتيار الكهربائي "وتوقف" حياته الدراسية.

وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد فصلت الكهرباء دون تحذير عن محافظتي نابلس وجنين قبل ثلاثة أيام، وعاودت الكرّة بحجة الديون المتراكمة، وهو ما نفاه غسان الشكعة رئيس بلدية نابلس وعزاه لإجراء سياسي وعقاب إسرائيلي آخر للفلسطينيين.

رمضان روى معاناة الأسرة وابنه الطالب الجامعي بسبب انقطاع الكهرباء (الجزيرة)
رمضان روى معاناة الأسرة وابنه الطالب الجامعي بسبب انقطاع الكهرباء (الجزيرة)

تعطل الأعمال
ويقول ياسين (24 عاما) إنه وبينما كان يحضّر لاختبار نطق الكلمات وسماعها باللغة الانجليزية، قطع التيار الكهربائي عن منزله وعن القرية وعن محافظة نابلس كلها.

وأضاف أن الانقطاع المفاجئ أفقده البرنامج المخصص لحفظ المادة الدراسية، كما ألغيت الوظائف التي كانت مترتبة عليه.

وتكتمل حلقة المعاناة أكثر لدى الشاب ياسين وأسرته التي يعمل ربها خالد رمضان موظفا حكوميا، حيث الانقطاع للراتب وتسلم 60% منه فقط للشهر الثاني على التوالي.

مستحقات شهرية
ويقول رمضان -والد ياسين- إن راتبه يصل إلى 1800 شيقل فقط (الدولار يعادل 3.89 شيقلات)، وأنه تسلم منه في الشهر الأول من الانقطاع 60% فقط، فأخّر دفع فواتير شهرية مستحقة عليه مثل الكهرباء، كما استغنى عن احتياجات كثيرة.

وليس ياسين وعائلته من عانوا فقط من انقطاع الكهرباء، فقد وجد الصحفي في قناة القدس سامر خويرة نفسه أمام معضلة كبيرة بعد انقطاع التيار الكهربائي، حيث توقفت عملية تقطيع الصور التلفزيونية لأكثر من ساعة ونصف الساعة، مما حرم التقرير من أخذ حقه ضمن النشرة الإخبارية المقررة.

ويقول خويرة للجزيرة نت إن أحد ضيوف القناة حرم الظهور برسالة تلفزيونية مباشرة، وإن المؤسسة اتخذت تدابير خاصة واحتياطات لتجنب أي انقطاع طارئ عبر شراء مولدات وشواحن كهربائية.

خويرة: تضرر عملي كثيرا بسبب انقطاع الكهرباء (الجزيرة نت)
خويرة: تضرر عملي كثيرا بسبب انقطاع الكهرباء (الجزيرة نت)

توليد كهرباء
ولجأت مؤسسات ومحال تجارية في نابلس وشمال الضفة الغربية لشراء أجهزة توليد وشحن كهرباء، ولا سيما بعد تصاعد تهديد إسرائيل بقطع الكهرباء وتخفيض الأحمال بنسبة 50% عن التجمعات السكانية في مناطق السلطة الفلسطينية، وفقا لتصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية (وفا) عن مسؤول بسلطة الطاقة الفلسطينية.

وعزا محللون ومسؤولون قطع الاحتلال الإسرائيلي الكهرباء عن مناطق في الضفة الغربية إلى سياسة العقاب الجماعي المضاف إلى حجب أموال السلطة الفلسطينية منذ أكثر من شهرين، وتوقعوا تصاعد أشكال القمع الإسرائيلي.

وقال حنا عميرة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن "إسرائيل وبرعاية أميركية ودولية تمارس ضغوطا على السلطة الفلسطينية ستؤدي لانهيارها".

‪نابلس عانت فصل إسرائيل للتيار الكهربائي عنها مرتين خلال بضعة أيام‬ (الجزيرة)
‪نابلس عانت فصل إسرائيل للتيار الكهربائي عنها مرتين خلال بضعة أيام‬ (الجزيرة)

تصعيد إضافي
وأكد للجزيرة نت أن هذا ليس مرده فقط إلى الانتخابات الإسرائيلية والدعاية المسبقة لها، وإنما ناجم عن توجه الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية والمؤسسات الدولية، وحذّر من خطورة العنف و"القرصنة" الإسرائيلية لأموال الفلسطينيين.

وتوقع المسؤول الفلسطيني أن "تتوسع" إجراءات الاحتلال كما لا نوعا، بحيث تزيد من احتجازها للأموال وتوسع المناطق المستهدفة بقطع الكهرباء وتحد من حركة سفر الفلسطينيين، وقال إن "ذلك لن يؤثر على الفلسطينيين أو يساومهم على قرارهم".

وطالب العالم بالتدخل والضغط على إسرائيل لوقف العنصرية وعدم الانجرار وراء الموقف الأميركي المؤيد لإسرائيل على حساب الفلسطينيين.

أما المحلل والخبير بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان، فقال إن إسرائيل قد تلجأ إلى خطوات عقابية أخرى، مثل منع العمال الفلسطينيين من الدخول إلى مناطقها، وتقييد حركة الفلسطينيين وسحب امتيازات التنقل من كبار المسؤولين، ومنع إدخال البضائع الفلسطينية إلى الداخل المحتل ومنع فلسطينيي 1948 من القدوم إلى مناطق السلطة.

وقال أبو علان إن الكل الإسرائيلي "يمينا ويسارا" متفقون على أن السلطة تقوم بخطوات أحادية مثل التوجه إلى محكمة الجنايات والمؤسسات الأممية، وأن ذلك لا يجلب السلام الذي لا يكون إلا عبر "المفاوضات المباشرة"، لذا فإن كل إجراءات الاحتلال "سياسية" مغلفة بغطاء الديون وغيرها من المبررات.

المصدر : الجزيرة