أكاديميان ألمانيان: السيسي يستغل الإرهاب ليخطب ود الغرب

السيسي يطالب المجتمع الدولي بمواجهة ما يحدث بليبيا
السيسي استخدم بمقابلته مع دير شبيغل لغة يمكن أن تجلب له رضا الغرب على سياساته (الجزيرة)

خالد شمت-برلين

اعتبر خبيران ألمانيان بارزان بشؤون العالم العربي والشرق الأوسط أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستغل الحملة الدولية الراهنة ضد ما يسمى "الإرهاب" لكسب ود الغرب والحصول على دعم لنظامه.

وحذر الخبيران من أن القمع المتزايد بمصر منذ مجيء السيسي إلى السلطة يغذي استمرار انتشار العنف وعدم الاستقرار في هذا البلد.

وعلق مدير معهد فيدرينا هومبولدت الألماني لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مقابلة للسيسي، مع مجلة دير شبيغل، حذر فيها الغرب من أن خسارته للحرب التي يقودها ضد "الإرهاب" بمصر ستعرض الشرق الأوسط للاضطراب لخمسين سنة مقبلة، وتهدد أوروبا بهجمات المتطرفين.

وقال بروفسور أودو شتاينباخ للجزيرة نت إن السيسي تحدث للمجلة الألمانية بمنطق غير مقنع، وبدا وكأنه يبرر كل ما قام به بما في ذلك تصنيفه جماعة الإخوان المسلمين على أنهم إرهابيون ووضعهم في سلة واحدة مع الجماعات الجهادية بسيناء وتنظيم الدولة الإسلامية.

وأشار الخبير الألماني إلى أن مقابلة السيسي لم تتعد حملة علاقات عامة استهدف منها رسم صورة إيجابية لنفسه عند المستشارة أنجيلا ميركل كي تفتح له بوابة برلين التي يعول عليها للخروج من عزلته.

ونشرت دير شبيغل مقابلة السيسي تحت عنوان اقتبسته من تصريحات الأخير لها، وهو "90 مليون مصري يحتاجون الخبز" وطالب السيسي بهذه المقابلة الألمان إدراك أن "استقرار مصر يعني استقرار أوروبا".

شتاينباخ: السيسي استخدم مع دير شبيغل لغة يمكن أن تجلب له رضا الغرب (الجزيرة)
شتاينباخ: السيسي استخدم مع دير شبيغل لغة يمكن أن تجلب له رضا الغرب (الجزيرة)

حرب أهلية
وقال السيسي إنه بدأ الحرب على الإرهاب بمصر قبل 18 شهرا من نشأة التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، وعبر عن قناعته بأن "جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم الدولة يتبعان أيديولوجيا واحدة، وأن الإخوان هم المصدر الرئيسي لكل الجماعات المتطرفة".

ورفض السيسي قول الصحفيين الألمان له إن الغرب يعتبر أن وصوله لمنصبه الحالي جاء عبر انقلاب أطاح بالقوة برئيس منتخب ديمقراطيا.

وقال للصحفيين إن وصفهما غير دقيق لأنهما جاءا من بيئة مختلفة ثقافيا، ورأى أن عدم تدخل الجيش لإسقاط مرسي كان سيعد تخليا تاريخيا وأخلاقيا عن مسؤوليته ودفعا بمصر لحرب أهلية.

وذكر صحفيا المجلة للسيسي أن إسقاطه لمرسي أثار عوامل الحرب الأهلية، وأدي لقتل المئات والزج بكثيرين آخرين بالسجون، وجعل الإرهاب بسيناء يهدد وحدة مصر.

ورد السيسي داعيا الصحفيين "للنظر لهذه الأمور بنسبية" وأوضح أن عدد من قتلوا منذ انقلابه يعد رقما صغيرا في بلد كبير كمصر، إذا ما قورن بمن قتلوا في سوريا والعراق واليمن وليبيا في السنوات الأخيرة.

وردا على اتهامه بالمسؤولية عن قتل مئات المتظاهرين بمذبحة ميدان رابعة العدوية صيف 2013، قال السيسي إن عدد الضحايا "كان سيتضاعف عشر مرات، لو تم اقتحام الميدان من المواطنين المصريين الذين كانوا مستعدين لهذا".

وقال شتاينباخ إن السيسي استخدم بمقابلته مع دير شبيغل لغة يمكن أن تجلب له رضا الغرب على سياساته، برفعه شعار الحرب ضد الإرهاب، وحديثه عن العنف الدائر بسيناء.

رول: ألمانيا الرسمية غير متحمسة للاقتراب من مصر السيسي (الجزيرة)
رول: ألمانيا الرسمية غير متحمسة للاقتراب من مصر السيسي (الجزيرة)

تكرار الأخطاء
واعتبر شتاينباخ أن الغرب يكرر الآن أخطاءه السابقة مع الرئيس المخلوع حسني مبارك بتجاهله ما جرى بمصر خلال الشهور الأخيرة من قمع فاق ما حدث في عهد مبارك، ورأى أن استمرار شيطنة وملاحقة الإخوان المسلمين سيزيد العنف وعدم الاستقرار في هذا البلد.

وفي السياق نفسه، اعتبر باحث بالمؤسسة الألمانية للدراسات السياسية والأمنية أن السيسي وجه من خلال مقابلته مع دير شبيغل رسالة إلى الغرب مفادها "أنا أو الإرهاب".

وقال شتيفان رول للجزيرة نت إن كلمات السيسي ستجد صدى لدى معسكر غربي كبير يعتقد بضرورة الاعتماد على الأنظمة المستبدة لمواجهة الإرهاب.

وأوضح الباحث الألماني أن ما قاله السيسي سيواجه رفضا من معسكر غربي آخر يتزايد منذ عام 2011، ويعتبر أن الإرهاب هو المحصلة الطبيعية للقمع كالذي يجري بمصر، ولفت إلى أن توازن كفة المعسكرين بألمانيا جعل برلين تؤجل الاقتراب من مصر السيسي.

ومن جانبها، قالت نائبة مدير مركز دراسات الشرق الحديث ببرلين للجزيرة نت إن السيسي لعب بمقابلة دير شبيغل على وتر حساس لدى الغرب، بإبرازه توجهه العلماني وتكراره دعوة علماء الأزهر لتقديم تفسير جديد للإسلام.

وذكرت سونيا حجازي أن السيسي أخطأ التقدير بظنه أن المستثمرين الألمان يمكن أن يعودوا لمصر دون ضمانات قانونية، أو أن السياحة الألمانية ستتدفق مجددا بدون إطلاق سراح نشطاء ثورة يناير/كانون الثاني 2011 المعتقلين.

المصدر : الجزيرة