الكنيست.. ساحة أخرى للصراع الفلسطيني الإسرائيلي

1 جلسة الكنيست التي أدرها النائب أحمد الطيبي وطرد خلال الوزير زئيف إليكن
جانب من جلسة الكنيست التي أدارها النائب أحمد الطيبي وطرد خلالها الوزير زئيف إليكن (الجزيرة)

محمد محسن وتد-أم الفحم

عكست جلسة الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) التي ناقشت سياسة الحصار والإغلاق حول مدينة القدس المحتلة، جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بما يحمل في طياته من توتر وتداعيات على مستقبل العلاقة بين الطرفين والمدينة المحتلة والأماكن المقدسة.

وتجلى ذلك الصراع بمعان مختلفة من خلال سابقة في تاريخ الكنيست، حين أنزل النائب أحمد الطيبي -بصفته رئيس الكنيست بالإنابة- أثناء إدارته للجلسة وزير الاستيعاب والوزير المسؤول عن شؤون القدس، زئيف إلكين عن المنصة وطرده من القاعة.

وأتى طرد الوزير إلكين بعد تحريضه على النواب العرب واتهامه لهم بتشجيع "الإرهاب" ونشر ما اعتبره بالأكاذيب بقيام الحكومة بتغيير الوضع القائم في ساحات الحرم القدسي، وتحميلهم مسؤولية سفك الدماء بالجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

صاحب السيادة
وفجر طرد النائب الطيبي للوزير الإسرائيلي إلكين سجالا بين الأوساط السياسية الإسرائيلية، حين تعالت الأصوات التي تحذر من تعاظم التمثيل السياسي لفلسطينيي 48 بالبرلمان، فيما استغلت بعض الأوساط الحدث وروجت لما سمته "الديمقراطية الإسرائيلية".

‪‬ حزب الليكود وظف في دعايته خلال انتخابات الكنيست الأخيرة صورة الدكتور أحمد الطيبي(الجزيرة)
‪‬ حزب الليكود وظف في دعايته خلال انتخابات الكنيست الأخيرة صورة الدكتور أحمد الطيبي(الجزيرة)

ورأى النائب الطيبي في تصريحات الوزير إليكن تجاوزا لخطوط حمراء وهو تحريض دموي يشجع على القتل، خصوصا وأنه شخصيا كما الكثير من قيادات من فلسطينيي 48 يتعرضون لحملات تحريضية محمومة دون أن تشجب القيادات الإسرائيلية تلك الحملات بل تغذيها أحيانا.

وقال الطيبي بتصريح صحفي تلقت الجزيرة نت نسخة منه "وضعوا صورتي في زي النازية ولم يستنكر أي نائب إسرائيلي ذلك لأنني عربي وعندما فعلوا ذلك لنواب يهود جميعهم كانوا يستنكرون، فأنا لم أدع أبدا للعنف، ولم أقتل أحدا بل أجلب الحياة إلى العالم كما فعلت دائما كطبيب، بينما يوجد بقاعة الكنيست أشخاص يتفاخرون بأنهم أصابوا أشخاصا، وقسم منهم، يمجد الموت".

ديمقراطية إسرائيلية
وعلى الجانب الإسرائيلي، يعتقد مراسل الشؤون الحزبية والسياسية لصحيفة "هآرتس" بالكنيست يهونتان ليس، بأن "الحادثة التي تعتبر تاريخية أحدثت عاصفة وسجالا على الخارطة السياسية والحزبية، من ناحية النائب الطيبي استغل صلاحياته ووظفها بصورة مثيرة للإعجاب ولقن النواب اليهود درسا بالسياسة، بالمقابل تجلت الديمقراطية الإسرائيلية بأبهى مشهد".

ولفت إلى أن الطيبي الذي طالما اشتكى من سلب حقه بالتعبير عن الرأي، رد بالمثل على من كان بالسابق يمنعه من الكلام وأخذ كنائب عربي زمام المبادرة والأمور بفضل الصلاحيات والسيادة التي يتمتع بها كرئيس للكنيست بالجلسة وطرد وزيرا من القاعة.

وأشار إلى أن الحادث أثار تساؤلات بالشارع الإسرائيلي عن حجم التمثيل السياسي للعرب بالكنيست وهناك من حذر من تعاظمه بالمستقبل، بيد أن بعض الأصوات اعتبرته انتصارا للديمقراطية الإسرائيلية، والبعض قلل من أهمية هذه النقاشات في ظل الأوضاع كون المواطنين بالجانبين يتوقون للهدوء والاستقرار.

أمل جمال: الوضع المشحون أعطى لحادث الكنيست زخما إعلاميا (الجزيرة)
أمل جمال: الوضع المشحون أعطى لحادث الكنيست زخما إعلاميا (الجزيرة)

لعبة سياسية
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة تل أبيب الدكتور أمل جمال، فرأى أن الوضع المشحون أعطى للحادث زخما إعلاميا، وهناك مصالح لكل الجهات بإظهار ذلك وتوظيفه لأجندته السياسية.

وقال جمال للجزيرة نت إن "النائب الطيبي أراد أن يظهر صلابته وقدرته وعدم الخوف من المواجهة مع السياسة الإسرائيلية لصيانة الحقوق الفلسطينية، بالمقابل يتغطى اليمين الإسرائيلي بورقة التوت من خلال الادعاء بأن الحادث إثبات قاطع على ديمقراطية إسرائيل".

ويرى أن ما حصل يندرج ضمن القرار الإستراتيجي لبعض النخب السياسية بالداخل التي قررت أن تكون جزءا لا يتجزأ من اللعبة السياسية بالكنيست اعتقادا منها بأن أي غياب عن الساحة سيؤدي إلى تدهور الوضع، ولذلك التوجه أبعاد رمزية وإن لم يكن تأثيرها واسعا، بيد أن ذلك لن يحرر الشعب الفلسطيني من الاحتلال، وما حصل جزء من الصراع والمناكفة.

المصدر : الجزيرة