التعليم بدير الزور ضحية "التنظيم" وغياب الدولة

المدارس في دير الزور
مدارس دير الزور بعضها مفتوح وبعضها مغلق (الجزيرة)

ياسر العيسى-دير الزور

يشكو المعنيون بالعملية التعليمية في محافظة دير الزور السورية حالة التردي التي وصلت إليها هناك، في ظل قرارات تنظيم الدولة الإسلامية التي تضمنت إغلاق مدارس ووضع شروط تكوين للمدرسين، فضلا عن قضايا المناهج والمقررات.
 
وقبل عدة أشهر قرر التنظيم إغلاق جميع المدارس الحكومية في المحافظة، وألغى المناهج الدراسية القديمة ريثما يتم الانتهاء من إعداد مناهج جديدة، كما اشترط على كل من يعمل في هذا المجال الالتحاق بدوراته الشرعية حتى يسمح له بالعمل.

لكن الحقيقة على أرض الواقع تبدو غير ذلك كما يقول المدرس أحمد، "فقد مضت أشهر على هذه القرارات دون تطبيقها فعليا بشكل كامل، سواء ما يتعلق بإغلاق المدارس، أو المناهج والدورات".

‪نموذج لأحد قرارات تنظيم الدولة المتعلقة بالتعليم‬ (الجزيرة)
‪نموذج لأحد قرارات تنظيم الدولة المتعلقة بالتعليم‬ (الجزيرة)

قرارات
وأوضح أن بعض القرارات تم تطبيقها في بعض مناطق المحافظة دون أخرى، وبعض المدارس أعيد فتحها بعد إغلاقها فترات قصيرة، كما هو الحال في منطقة حطلة في ريف دير الزور الشمالي، أو في منطقة السيال في ريف مدينة البوكمال، أقصى شرق المحافظة.

وبالنسبة للدورات الشرعية، قال أحمد للجزيرة نت إنها شهدت "إحجاما من أغلب المدرسين تقريبا خوفا من قطع رواتبهم من قبل النظام، ولعدم اقتناعهم بهذه الدورات، أو بقرارات التنظيم في هذا المجال".

ويرى أحمد أن أغلب الملتحقين في الدورات الحالية هم "من غير أهل الاختصاص، وممن ليست لديهم خبرة في التدريس، أو من حملة الشهادة الثانوية فقط. وهدف الكثير منهم تحصيل مصدر للرزق، خاصة أن تنظيم الدولة وعدهم بالعمل في المدارس بعد إعادة افتتاحها وفق المناهج الجديدة، وهذا لم يحصل حتى الآن رغم انتهاء العديد من الدورات، بل عودة المدارس للعمل وفق المناهج القديمة، عدا التربية الوطنية والفلسفة".

وقال أحد المعنيين بالتعليم في دير الزور -ورفض ذكر اسمه- إن المدينة حاليا تضم ثلاث مدارس، الأولى لحركة نشطاء وتتوزع في أحياء العمال والجبيلة والحميدية، ويلتحق بها نحو 325 طالبا وطالبة، إضافة إلى مدرسة جمعية شام للأيتام، وأخيرا مدرسة ساطع الحصري التي لا تتبع لأي جهة، وإنما تم افتتاحها من قبل مجموعة من مدرسي المدينة.

‪الأطفال ضحية التخبط‬  (الجزيرة)
‪الأطفال ضحية التخبط‬ (الجزيرة)

أفواج
وأوضح أن جميع هذه المدارس للمرحلة الابتدائية فقط، عدا مدرسة العمال التي تضم طلابا وطالبات من الروضة وحتى الصف التاسع، وهي تعمل ضمن نظام الأفواج مع الخضوع لبعض الشروط التي فرضها تنظيم الدولة، ومن بينها منع الاختلاط بين الإناث والذكور اعتبارا من الصف الرابع، وعدم تدريس التربية الوطنية والفلسفة.

أما المعلمة آية التي جرى تعيينها في منطقة حطلة، فتقول "الشعبة الصفية الواحدة عيّن فيها أكثر من ثلاثين مدرسا، بسبب إغلاق أغلب مدارس المحافظة من جهة، ومن جهة أخرى قربها الجغرافي من مدينة دير الزور التي تضم العدد الأكبر من الكادر التدريسي على مستوى المحافظة، لكن لا يوجد فيها مدارس حكومية منذ نحو ثلاثة أعوام، بقرار من النظام فيما سبق، ومن تنظيم الدولة الإسلامية لاحقا".

ولا يختلف الحال في ريف دير الزور كثيرا، حيث يؤكد المدرس أكرم -الذي اعتزل التدريس حاليا بسبب رفضه الالتحاق بالدروة الشرعية للتنظيم- أن التعليم في أغلبه مقتصر على المدارس الابتدائية أو الدورات التي تعلم اللغة العربية والقرآن الكريم، و"هذا الأمر يسمح به تنظيم الدولة في مناطق دون أخرى دون معرفة الأسباب".

ويرجع أكرم ذلك إلى "عدم وجود قرار مركزي لتنظيم الدولة، ليس فقط فيما يتعلق بالتعليم بل في شتى القضايا الأخرى". مضيفا أن التنظيم شدد على إغلاق المدارس في مدينة الميادين خاصة، لكن العديد من الدورات التي تقام حاليا تدرس المناهج القديمة سرا، ويقوم التنظيم أحيانا بمداهمة هذه الدورات، فيقال لهم بأنها دورات باللغة العربية أو القرآن الكريم"، وقال أكرم إن عناصر التنظيم "يركزون في مداهماتهم على قضايا اللباس وعدم الاختلاط أكثر من المناهج التي يتم تدريسها".

المصدر : الجزيرة