تفرض سرعة التوافق على تثبيت التهدئة بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي بوساطة مصرية أسئلة عما حققته جولة التصعيد الفلسطينية، التي جاءت بعد ساعات على اغتيال إسرائيل ناشطين من سرايا القدس، وآخرين في الضفة الغربية المحتلة.
واستطاعت حركة الجهاد بقوة نيرانها وكثافتها، وبدعم سياسي من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تقود الحكومة في غزة، فرض شروطها على إسرائيل هذه المرة، أو هكذا بدا حتى الآن، فالتهدئة التي جرى التأكيد عليها وتثبيتها، تلزم إسرائيل بوقف الاغتيالات وتؤكد أحقية المقاومة في الرد على أي عدوان إسرائيلي.
وكان لافتا تجاوز جهاز المخابرات المصرية -الذي أدار الاتصالات حول تثبيت التهدئة مع إسرائيل والجهاد- لحركة حماس، غير أن مصادر واسعة الاطلاع في غزة أكدت للجزيرة نت أن "تنسيقا على أعلى المستويات كان بين الجهاد وحماس في جولة التصعيد وجولة تثبيت التهدئة".
رسالة التصعيد ويؤكد القيادي بحركة الجهاد أحمد المدلل أن الرسالة الأهم التي وصلت "للعدو الصهيوني" من هذه الجولة هي أنه لم يعد مسموحا له التمادي في الاعتداءات ضد الشعب الفلسطيني، وأن أي اعتداء على الشعب سيواجه بحزم من المقاومة الفلسطينية.
وفي حديث للجزيرة نت، أوضح المدلل أن تثبيت التهدئة في ظل ما فرضته المقاومة بالميدان سيمنع مخططات الاحتلال التي تهدف إلى بقاء يده طويلة ضد الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن المقاومة "فرضت معادلتها، فالعدوان سيقابله رد قوي، والهدوء سيقابله هدوء".
وأشار إلى أن المقاومة "تتعامل مع العدو الصهيوني بحكمة عالية، وقادرة على فرض معادلاتها عليه، وفي الوقت نفسه قادرة على الدفاع عن شعبها"، مشدداً على وجود توافق داخلي فلسطيني حول رد المقاومة على الخروقات التي تمادت فيها إسرائيل.
تنسيق كامل من ناحيته، أكد الناطق باسم حماس سامي أبو زهري أن الرد الفلسطيني على الاعتداءات الإسرائيلية، شكل كسرا لمحاولات الاحتلال فرض رؤيته الخاصة للتهدئة، وهي أن يغتال من يريد دون أن يجد ردا من المقاومة الفلسطينية.
ولفت في حديث للجزيرة نت إلى أن حركته كانت على تواصل مع حركة الجهاد أثناء اتصالاتها بالجانب المصري لتثبيت التهدئة، وفي الميدان أيضا كان هناك تنسيق عالي المستوى، مؤكدا أن "حماس لم تكن لتترك الجهاد عرضة للتفرد الإسرائيلي إن قرر الاحتلال توسيع عدوانه".
وشدد أبو زهري على أن الهدوء سيسود إذا التزم الاحتلال الإسرائيلي ببنود التهدئة، وإن لم يلتزم "فالمقاومة وعلى رأسها كتائب القسام على أهبة الاستعداد لمواجهته"، مشيرا إلى أن رهان إسرائيل على ضعف المقاومة جراء الحصار والتضييق عليها فشل.
من جانبه، تحدث مدير مركز أبحاث المستقبل إبراهيم المدهون عن "تنسيق واسع بين حماس والجهاد"، وما بدا أنه دعم من كتائب القسام لتوجه سرايا القدس بالرد على الاعتداءات الإسرائيلية، لاعتبارات عدة، أبرزها اشتداد الحصار وازدياد الهجمة الإقليمية على المقاومة.
استعداد حماس ولفت المدهون في حديث للجزيرة نت إلى أن حماس كانت على أهبة الاستعداد في حال تطور الواقع الميداني، وهذا قلل من فرص استهداف الاحتلال والاستفراد بحركة الجهاد كما كان يحدث في السابق، غير أنه نبه إلى أن "الاحتلال ربما يعود، حين تسمح له الظروف لاستهداف أقسى للجهاد".
بدوره، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، أن "تجاوز مصر حركة حماس في اتصالاتها لتثبيت التهدئة رسالة سياسية أكثر منها أي شيء آخر"، غير أنه لفت إلى أن الجهاد وحماس بدتا وكأنهما نسقتا كل شيء قبل التصعيد وبعده.
ويمكن أن يعطي الدور المصري في تثبيت التهدئة فرصة لحركة الجهاد الإسلامي، كي تتدخل لدى السلطات المصرية لتخفيف الخناق على قطاع غزة، وفتح معبر رفح، كما قال الدجني، الذي توقع أن تقوم الجهاد بهذا الدور إن كان ممكنا.