الوساطة الأفريقية بالسودان.. الآفاق والمآلات
عماد عبد الهادي-الخرطوم
فبينما يرى متابعون أن اللقاءات هدفت لاستطلاع رأي المعارضة والطلب منها عدم التأثير على الحركة لعرقلة التفاوض بحجة ثنائيته، يعتقد آخرون أن أمبيكي يسعى لتسويق رؤيته التي اقترحها للطرفين بعيد انهيار المفاوضات وتعليقها قبل أقل من أسبوعين.
وفي ظل تباعد المواقف بين طرفي المفاوضات -الحكومة وقطاع الشمال- برزت الدعوة إلى الحل الشامل لقضايا البلاد، التي نادت بها المعارضة من قبل ضمن مقترحات الوسيط الأفريقي كعقبة ترفض الحكومة التفاوض مع القطاع بشأنها.
وكان الدكتور حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض قال بعد اجتماع مطول مع الوسيط الأفريقي مساء الأربعاء إن حلحلة القضايا الوطنية بطريقة ثنائية بين الحكومة وحاملي السلاح لن تكون مفيدة لإحلال السلام بالبلاد.
لكنه أكد للصحفيين ضرورة إجراء الحوار الوطني بين كل المكونات السياسية السودانية داخل السودان "حتى يتم التوصل لتوافق بين الجميع".
غير أن أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة بحري حمد عمر حاوي يرى أن المشاورات دليل على اقتناع الوساطة بضرورة الانفتاح على حل قضية المنطقتين السياسية في إطار شامل للأزمة السودانية.
ويؤكد في حديثه للجزيرة نت أن ما يجريه كبير الوسطاء من مشاورات مع القوى السياسية "مؤشر على تنبهه للتعقيدات الملازمة لمسار مفاوضات الحكومة وقطاع الشمال"، مشيرا إلى أن مشكلة المنطقتين ذات صلة بالقضية الرئيسية.
ولا يستبعد حاوى أن الوساطة الأفريقية هي ما كانت خلف الدعوة للحوار التي وجهها الرئيس عمر البشير لكل الأطراف السودانية.
ورغم تفاؤله بحل الأزمة في نهاية المطاف، يبدي أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية محمد نوري الأمين عدم ثقته بكل الوسطاء الدوليين الذين يتحركون في فضاء الأزمة السودانية.
ويقول إن مجموعة الدول الأعضاء في هيئة التنمية الحكومية لدول شرق أفريقيا المعروف باسم (إيغاد) والوسطاء الأفارقة، "تحركهم قوى دولية" في إطار سعيها الحثيث لعزل السودان إستراتيجيا وسياسيا واقتصاديا، منبها إلى فشل الوسطاء الأفارقة في معالجة أي من القضايا التي تولوا أمرها.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن ما يشاهد الآن من تحركات لرئيس الوسطاء الأفارقة "أمر تقف من خلفه جهات دولية وإقليمية تهدف لزعزعة استقرار البلاد ثم عزلها عن محيطها الطبيعي والإطاحة بنظام الحكم استفادة من الأوضاع المضطربة في كامل المنطقة العربية".
ويرى نوري الأمين أن الحكومة السودانية "في أضعف حالاتها، مما جعلها نهبا لمخططات الآخرين"، مشيرا إلى أن الحكومة هي من يملك الحل الحقيقي لمشكلات البلاد الحالية.
ولم يستبعد أن تكون خطوة الوسطاء بمقابلة زعماء المعارضة "محاولة لاستكشاف الأوضاع عن قرب بعد تطابق أو تشابه مطالبها مع مطالب المتمردين في جميع ولايات السودان".
ويرى أستاذ العلوم السياسية أن ثمة قناعة لدى الحكومة والوسطاء الأفارقة بفشل نظام الحزب الواحد والرأي الفردي في إدارة شؤون البلاد، متسائلا عن إمكانية قبول الحكومة بأطروحات الوسيط الأفريقي التي تنادي بالحل القومي لقضايا السودان بدلا من الحلول الثنائية الحالية.