قصص الحياة وسط الحرب بعين العرب

الطبيب محمد احمد يعالج مصاب بطلق ناري
الطبيب محمد أحمد يعالج مصابا برصاصة بما يتوفر لديه من إمكانيات طبية (الجزيرة)

كمال شيخو-عين العرب (كوباني)

بعد شن تنظيم الدولة الإسلامية هجوما واسعا على مدينة عين العرب (كوباني) قبل شهرين ونصف، وسيطرته على الريف وقسم من المدينة فر كثير من أهل المدينة إلى الحدود التركية، فيما فضل بعضهم البقاء فيها رغم ظروف الحرب. ومن جانبهم، قرر بعض العالقين على الحدود السورية التركية العودة إلى المدينة مع تزايد شدة البرد وأجواء الشتاء على الحدود.

وتسعى الإدارة المدنية رغم سوء الأوضاع إلى تأمين الاحتياجات الأساسية من مواد غذائية وتأمين الخبز، وإيصال مياه الشرب، ولا يزال المشفى الميداني الوحيد يعمل ويستقبل الجرحى والمصابين.

ويقدم المشفى ضمن الإمكانيات المتاحة العلاج المجاني للمصابين. ويقوم الأطباء بجولات ميدانية على المدنيين وخدمتهم في أماكنهم، كما تذهب لجنة طبية إلى نقطة تل شعير ومرسميله حيث يوجد عالقون على الحدود، لتوزيع الدواء والكشف على المرضى.

خدمات طبية
الطبيبان الصديقان محمد أحمد، وهو طبيب مختص بالجراحة العامة، ودارا محمود -وهو طبيب نسائية- كانا يقيمان في أوكرانيا، ومنذ صيف العام الجاري قررا العودة إلى عين العرب لتقديم المساعدة بعد هجرة الكثير من الخبرات والكوادر الطبية لخارج المدينة، وبقيا منذ بداية الحرب فيها.

ويقول أحمد إنها أول حرب يشارك فيها كطبيب ميداني، و"عندما أسمع أصوات الطيران وقذائف الهاون أشعر بالخوف، ولكن عندما أفكر أن هناك مقاتلا قد يسقط جريحا في أي لحظة أتحرر من فكرة الخوف لأقدم له الرعاية الطبية".

وفي حديثه للجزيرة نت يشكو الطبيب الميداني من قلة الأطباء الاختصاصيين، ويقول "أنا طبيب جراح وعند إجراء أي عمل جراحي أحتاج إلى طبيب تخدير، ولكن للأسف لا يوجد لدينا هذا التخصص".

وقال الدكتور أحمد إنه "عندما ينتهي يومي من العمل وأعود إلى الغرفة المخصصة للنوم لا تمر دقائق حتى أخلد للنوم مرتاح الضمير والبال لأني قدمت واجبي تجاه هؤلاء المدافعين عن المدينة". ويواصل "بعد إجراء عملية لجريح ننقله إلى بيت المرضى، وأنا أشرف عليهم وأتابع رعايتهم".

الممرضة المتطوعة جيهان في صيدلية المستشفى الميداني(الجزيرة)
الممرضة المتطوعة جيهان في صيدلية المستشفى الميداني(الجزيرة)

ممرضة متطوعة
أما جيهان فهي ممرضة تعمل متطوعة في المستشفى الميداني المتبقي في مدينة عين العرب، وكانت تعمل سابقا ممرضة في المستشفى المركزي، وخوفا على المدنيين المتبقين قررت سلطات المدينة تقليص الكادر الطبي، واتخذت قرارا بترحيل القسم الأكبر إلى الجانب التركي، وكانت جيهان من بينهم وبقيت عشرين يوما في الجانب التركي، ثم عادت للمدينة بعد تحسن الأوضاع نسبيا.

وتضيف في حديث للجزيرة نت "عندما وصل مقاتل مصاب بنزيف داخلي، وعجز الكادر الطبي عن علاجه لشدة إصابته قام الأطباء بإسعافه ونقله إلى المعبر لإدخاله إلى تركيا إلا أن السلطات التركية لم تسمح لهم بالعبور".

وأعربت جيهان عن حزنها العميق للحادثة، قائلة "بقي أربع ساعات ينزف وبعدها فارق الحياة، وبقيت عدة أيام حزينة وكئيبة لأنها كانت لحظات مؤلمة وقاسية".

العودة للمدينة
ويؤكد رئيس المجلس التنفيذي لمقاطعة عين العرب المحامي أنور مسلم أن الإدارة تعلم تماما أنها لا تستطيع تقديم كل شيء للمدنيين المتبقين في مدينة عين العرب، أو العالقين عند نقطة تل شعير بين الحدود السورية التركية.

وعن أعداد العوائل الموجودة حاليا في المدينة، قال مسلم إن المئات من العائلات لم تغادر، كما قرر قسم آخر من المدنيين العالقين في المنطقة "المحرمة" بين الحدود السورية التركية العودة إلى داخل المدينة بعد قدوم فصل الشتاء البارد وهطول الأمطار.

وأضاف مسلم متحدثا للجزيرة نت "نحاول تقديم ما أمكن، نقدم المواد الغذائية الأساسية مجانا، إضافة إلى الأدوية والوقود، وبقي المخبز الآلي يعمل بشكل يومي، ولدينا مشفى ميداني واحد بطاقم طبي متكامل يقدم الإسعافات الأولية للجرحى والمصابين".

وأوضح أن أغلب المساعدات المقدمة لهم جاءت من أكراد تركيا، ووفروا لهم معظم احتياجاتهم الغذائية والأدوية وحتى مياه الشرب.

المصدر : الجزيرة