الأسر يفرق عائلة العيساوي لأكثر من ربع قرن

أسيل جندي-القدس المحتلة

لم تنل سلسلة المطاردات والاعتقالات وهدم المنازل من عزيمة عائلة العيساوي في القدس المحتلة، فرغم الألم الذي تعيشه فإن الابتسامة لا تفارق وجه رب الأسرة طارق، أما الأم ليلى فتجسد الصمود والإرادة رغم وجود ثلاثة من أبنائها في الأسر، هم: سامر ومدحت وشيرين، بينما أطلق سراح ابنها شادي قبل أيام.

تقول الأم ليلى "منذ 26 عاما وأنا منشغلة بشكل دائم باعتقال أبنائي وتوزيع وقتي بين زيارة السجون وحجز مواعيد لمراجعة الأطباء بسبب التدهور المستمر في حالتي الصحية، وعندما أفرج عن سامر قبل عام اجتمعت الأسرة في المنزل للمرة الأولى منذ 26 عاما، إلا أننا شعرنا بالوحدة من جديد بعد إعادة اعتقالهم وهذا صعب جدا".

ورغم قسوة الشهور التي مرت على العائلة خلال خوض ابنها سامر إضرابا عن الطعام استمر 257 يوما فإن ابنتها المحامية شيرين كانت العصا التي يتكئ عليها الوالدان المسنان، والعنوان الذي لجأ إليه الإعلام وجميع المؤسسات الشعبية والرسمية. والآن يمر على اعتقال شيرين تسعة أشهر، وأصبحت كأشقائها تتنقل بين المحاكم والسجون بانتظار تنشق نسيم الحرية الذي لا يبدو أنه قريب المنال.

وعن اعتقال شيرين، تقول الأم "بعد زيارتي لها في السجن ورؤية أوضاعها غير المطمئنة تدهورت حالتي الصحية بشكل كبير، فهي تقبع في العزل الانفرادي وترفض تناول أي وجبة طعام تقدم لها من السجن منذ تسعة أشهر، كما ترفض إدارة السجن إدخال الملابس والأغطية الشتوية لها، فهي تعيش بظلم واضطهاد كبيرين".

وأضافت أن "شيرين هي ابنتي الوحيدة والمدللة، وكانت تهتم بي وتأخذني لمواعيد الأطباء والمستشفيات بشكل مستمر، والآن هي في السجن وأنا بالمنزل وتحتاج لمن يعتني بها، وهذا شكل ضغطا نفسيا وصحيا كبيرين علي".

‪طارق العيساوي: قضيتنا هي قضية كل بيت فلسطيني‬ (الجزيرة)
‪طارق العيساوي: قضيتنا هي قضية كل بيت فلسطيني‬ (الجزيرة)

قضية وطن
أما والد الأسرى طارق العيساوي فيحاول إخفاء مرارة ما تمر به العائلة بابتسامة دائمة، ويتحدث بشكل مستمر باسم جميع أبناء الشعب الفلسطيني وليس باسم أبنائه فقط، لأنه يعتبر أن قضيتهم هي قضية حاضرة في كل بيت وعائلة فلسطينية.

ويقول "من الصدفة أن تكون الزيارة للسجن هي ثلاثة أيام متتالية في الأسبوع، وهذا مرهق جدا لنا، حيث يبدأ يومنا من الرابعة فجرا، لتنطلق بنا الحافلات في تمام الخامسة والنصف باتجاه السجن المقررة زيارته".

وأضاف "في بعض الأحيان عندما تصل بنا الحافلة إلى السجن لا نستطيع النزول منها لشدة برودة الطقس، لأن أطرافنا تكون قد تجمدت بسبب مكوثنا ثلاث ساعات في الحافلة بطريق صحراوي شديد البرودة في فصل الشتاء، ولكن هذا قدرنا ولا مفر منه".

وكانت الأسيرة شيرين العيساوي قد فازت بجائزة "الكرامة لحقوق الإنسان" لعام 2014، والتي تمنحها "منظمة الكرامة السويسرية لمساندة ضحايا التعذيب والاعتقال التعسفي".

وبشأن الجائزة، قال والدها "فوجئنا بالجائزة ولم يكن لدينا أدنى فكرة عنها عندما اتصلوا بنا من جنيف وأخبرونا أن شيرين إحدى المرشحات لها، وتمت دعوتنا أنا ووالدتها لاستلامها بالنيابة عنها".

وتابع "كانت جائزة مشرفة لنا ولجميع الشعب الفلسطيني، وعندما أخبرنا شيرين بها أثناء زيارتنا الأخيرة للسجن قالت إنها لا تعتبر الجائزة شخصية لها وإنما لكل أسير فلسطيني، لأنهم جميعا يدافعون عن كرامة الشعب الفلسطيني".

يودع الزائر منزل العيساوي تاركا خلفه تجسيدا لحال من الصمود رغم التجارب المريرة المتكررة لعائلة ذاقت -ولا تزال- علقم الشتات والظلم والاضطهاد، إلا أن الأمل في مستقبل أفضل حاضر في كل فصولها.

المصدر : الجزيرة