تجاذب واستقطاب يسبقان انتخابات الرئاسة بتونس

انطلاقة خجولة لحملات مرشحي الانتخابات الرئاسية بتونس
27 مرشحا يشاركون في الانتخابات الرئاسية بتونس انسحب منهم أربعة (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

شهد سباق الانتخابات الرئاسية في تونس المقرر إجراؤها الأحد القادم انسحابات مفاجئة لـمرشحين بارزين، مما يجعل المعركة تتجه أكثر إلى الاستقطاب الثنائي بين المرشحين الباجي قايد السبسي (89 عاما) زعيم نداء تونس، والرئيس الحالي المنصف المرزوقي (69 عاما).
 

وبلغ عدد المنسحبين من السباق الرئاسي أربعة مرشحين، هم عبد الحليم الزواري مرشح الحركة الدستورية والوزير السابق، وزعيم حزب التحالف الديمقراطي محمد الحامدي، والنقابي السابق نور الدين حشاد، وأخيرا محافظ البنك المركزي السابق مصطفى كمال النابلي.

وبرر بعض هؤلاء المرشحين انسحابهم من السباق الرئاسي -الذي تقدم إليه 27 مرشحا- من أجل تفادي تشتيت الأصوات ودعم مرشحين معينين، لكن مرشحين آخرين عللوا انسحابهم بعدم رضاهم على ما يحدث في الحملة الانتخابية من تجاذبات وتجذير لحالة الاستقطاب الثنائي.

وعلى عكس ما حدث خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة التي غاب عنها العنف السياسي والتراشق بالاتهامات برزت مع بداية العد التنازلي للانتخابات الرئاسية حالة من التجاذب والاستقطاب، ولا سيما بين السبسي والمرزوقي.

استطلاعات الرأي
ويتصدر هذان المرشحان على التوالي نتائج استطلاعات الرأي، لكن أطرافا سياسة شككت في واقعية هذه الاستطلاعات، واعتبرتها موجهة بغرض اصطناع حالة من الاستقطاب الثنائي بين السبسي والمرزوقي من أجل حصر السباق بينهما وانتقاص حظوظ نجاح مرشحين آخرين.

‪حميدان: الانسحابات من السباق الرئاسي ترفع حالة الاستقطاب‬ (الجزيرة)
‪حميدان: الانسحابات من السباق الرئاسي ترفع حالة الاستقطاب‬ (الجزيرة)

ويقر سليم بن حميدان القيادي في حزب المؤتمر الذي أسسه المرزوقي بوجود استقطاب بين هذين المرشحين، مشيرا إلى أن الانسحابات من السباق الرئاسي قد ترفع حالة الاستقطاب إلى درجة الاستهداف، مؤكدا أن الاستقطاب الذي تعيشه البلاد في الانتخابات الرئاسية لا يقوم على أساس برامج، وإنما على أرضية الإيمان بمبادئ الثورة من عدمه.

وأضاف للجزيرة نت أن أنصار المرزوقي متخوفون من عودة الاستبداد في ظل حكم السبسي والمحيطين به من رموز المنظومة السابقة، مشيرا إلى أن بعض قيادات نداء تونس طالبت مؤخرا بحل أحزاب سياسية أعلنت دعمها ترشيح المرزوقي، وأنها هددت بقمع حرية الصحافة، وفق قوله.

غير أن القيادي في حزب نداء تونس عبد العزيز القطي يقول إن اتهام السبسي بمحاولة التغول على السلطة والرجوع بالبلاد إلى الوراء "فزاعة ومحاولة لبث سموم الفتنة في البلاد من قبل أنصار المرزوقي الذين هزموا في الانتخابات التشريعية ويحاولون البقاء في السلطة بأي طريقة".

ويضيف للجزيرة نت أن السبسي كان أول رئيس للوزراء يسلم السلطة إلى حكومة منتخبة بطريقة سلمية وحضارية عقب انتخابات المجلس التأسيسي عام 2011، وأشار إلى أن صعوده كرئيس للجمهورية سيخلق تناغما مع رئاسة الحكومة لحل المشاكل التي تعاني منها البلاد.

ويقر القطي هو الآخر بوجود استقطاب ثنائي، معربا عن ترحيبه بانسحاب بعض المرشحين لفسح المجال للسبسي باعتبار أن "عدم الحسم من الجولة الأولى ومرور السبسي والمرزوقي للجولة الثانية فيهما خطورة حقيقية على استقرار البلاد".

القطي: الانسحابات من السباق الرئاسي تفسح المجال لفوز السبسي (الجزيرة)
القطي: الانسحابات من السباق الرئاسي تفسح المجال لفوز السبسي (الجزيرة)

مناخ متوتر
ومن وجهة نظر المحلل السياسي نور الدين النيفر فإن ما يحصل حاليا في الحملة الانتخابية من استقطاب ثنائي يضر بترسيخ التقاليد الديمقراطية، ويدخل البلاد في مناخ توتر هي في غنى عنه "لأنها ما زالت في وضعية الرضيع الذي يتعلم خطواته الأولى في مسار الديمقراطية".

وحمل النيفر كل الأطراف السياسية مسؤولية هذا التجاذب السياسي، مؤكدا أنه لا يخدم مبدأ التعددية حتى في ظل كثرة المرشحين، وذلك بسبب حصر السباق في مرشحين اثنين وعدم تمكين بقية المرشحين من الحظوظ والفرص نفسها للاتصال بالناس بالتساوي.

وقال للجزيرة نت "كان على الأحزاب الكبرى أن تكون قاطرة التوجه الأخلاقي، وأن تساهم في نشر خطاب أرقى من هذا لخلق مناخ من الاحترام المتبادل"، مؤكدا أن استمرار التجاذب الحالي ستكون له تداعيات سلبية على بقية المسار الانتقالي.

المصدر : الجزيرة