فلسطينيو 48 بين مطرقة إسرائيل وسندان تنظيم الدولة

مظاهرة حاشدة لفلسطينيي 48 ببلدة باقة الغربية تنددا بجرائم "تدفيع الثمن" وتدنيس المقدسات والإساءة للرسول الكريم، خلال رفعت الرايات الإسلامية السوداء، التقطت الصور في شهر ديسمبر – كانون الأول 2013.
مظاهرة حاشدة لفلسطينيي 48 تنديدا بتدنيس المقدسات الإسلامية العام الماضي رفعت فيها رايات إسلامية (الجزيرة نت-أرشيف)

محمد محسن وتد-أم الفحم

لم تكد عائلة أبو القيعان من النقب بالداخل الفلسطيني تحتفل بنجاح نجلها عثمان بالحصول على رخصة مزاولة مهنة الطب، حتى صدمت بوفاته بسوريا بعد انخراطه بالقتال بصفوف تنظيم الدولة الإسلامية.

المأساة التي تعيشها عائلة الطبيب عثمان الذي أنهى دراسته بالأردن تعصف بعشرات العائلات من فلسطينيي 48 التي تواجه المصير نفسه، بعضها فجعت بمقتل نجلها في ساحات الصراع بالعراق وسوريا لعلمها بأنه يدرس في الأردن أو أوروبا، ومنها من تلقى اتصالات هاتفية من أبنائها الذين سافروا للاستجمام بتركيا تبلغها بانخراطهم بالقتال بصفوف التنظيمات الجهادية السلفية.

ولا تتوقف معاناة العائلات عند حد الموت والفراق الذي تسلل خلسة دون وداع أو المصير المبهم لأولادها، لتجد الأسرة نفسها أو بعض أفرادها في خنادق الصراع وغياهب السجون والتحقيقات لدى تل أبيب، إذ يعكس هذا الواقع حال عائلة أبو القيعان التي تجهل مصير نجلها إدريس المعتقل منذ نحو شهر لدى المخابرات الإسرائيلية بزعم علمه بوجهة شقيقه الطبيب وإسناده بالمال للسفر إلى سوريا للقتال بجانب تنظيم الدولة.

مصطفى أكد اقتصار الانخراط في صفوف تنظيم الدولة على أفراد يدرسون بالخارج (الجزيرة نت)
مصطفى أكد اقتصار الانخراط في صفوف تنظيم الدولة على أفراد يدرسون بالخارج (الجزيرة نت)

نزع الشرعية
ويأتي ذلك وسط القلق الذي عبرت عنه الفعاليات السياسية والحقوقية حيال انخراط عشرات الشباب بصفوف تنظيم الدولة والحركات الجهادية ليحاربوا في سوريا والعراق، وذلك رغم الإجماع على أن الحديث يدور عن حالات فردية لا تعكس الواقع بأراضي 48 الذي يرفض هذا التوجه وينزع الشرعية عن الانضمام للتنظيمات الجهادية السلفية.

واستغلت تل أبيب هذه الحالات -حسب المحامي حسين أبو حسين- لتوظفها في تشديد الخناق على فلسطينيي 48، خاصة أن القانون الإسرائيلي أداء طيعة للسياسيين وللمؤسسة الأمنية، حيث وقع وزير الدفاع موشيه يعالون على أمر ومرسوم -بموجب أنظمة الطوارئ المعمول بها من العام 1945- اعتبر فيه أن تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم كتائب عبد الله عزام تنظيمان إرهابيان، وجاء ذلك بناء على توصيات من جهاز الأمن العام (الشاباك).

ولفت أبو حسين للجزيرة نت إلى أن مرسوم يعالون ينسجم مع طلب وزير السياحة عوزي لاندو، إسقاط الجنسية الإسرائيلية عن كل شاب من داخل الخط الأخضر يسافر لسوريا والعراق للقتال في صفوف تنظيم الدولة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع عودتهم إلى البلاد، وتخويل جهاز المخابرات تكثيف التحقيقات والاعتقالات مع كل من يدعم التنظيم أو الحركات الجهادية ليكون ذلك رادعا.

‪عبد الفتاح: إسرائيل تضخم بعض الحالات تحت ذريعة
‪عبد الفتاح: إسرائيل تضخم بعض الحالات تحت ذريعة "الإرهاب"‬ (الجزيرة نت)

الإسلاموفوبيا
وعن أسباب انضمام بعض الشباب للتنظيمات الجهادية وإذا ما كان الحديث يدور عن ظاهرة أخذت تتغلغل بالداخل الفلسطيني، نفى الباحث في الحركات الإسلامية مهند مصطفى هذه الادعاءات، وشدد على أن هذا السلوك فردي ورغم محاولات فهمه إلا أنه يحظى بنزع شرعية.

وعزا ذلك -في حديثه للجزيرة نت- لتأثر فلسطينيي 48 بمجمل ما يحصل بالإقليم ومنها الأيديولوجيات الجهادية، لكنه أكد اقتصار الانخراط في صفوف تنظيم الدولة على بعض الأفراد ممن يدرسون خارج البلاد، بيد أن المؤسسة الإسرائيلية وبعد العدوان على قطاع غزة تحاول تأجيج الصراع وفكرة "الإسلاموفوبيا" رغم أن التيار الإسلامي بالداخل معتدل في خطابه السياسي والاجتماعي ويتناقض مع فكر وطرح تنظيم الدولة.

لكن الأخطر -حسب الأمين العام لحزب التجمع الوطني عوض عبد الفتاح- هو تمادي المؤسسة الإسرائيلية في تضخيم هذه الحالات تحت ذريعة "الإرهاب الإسلامي" وتوظيفها لقمع الحراك النضالي لفلسطينيي 48 لنيل حقوقهم المدنية والقومية والحد من الحريات مع مواصلة التحريض العنصري".

وفي حديث للجزيرة اعتبر عبد الفتاح أن إسرائيل التي تقوم بالتطهير العرقي ضد الفلسطينيين باعتمادها أساليب حديثة، تمثل عمليا الوجه الآخر لتنظيم الدولة وفكرها الذي نشأ في غياب الحرية للفرد والوطن وفي ظل الاستبداد.

ويرى أن تل أبيب تسعى لزرع بذور الفتنة الطائفية وتأجيج الصراع المذهبي لتفتيت النسيج المجتمعي بالداخل الفلسطيني، لتستغل انشغال المجتمع الدولي بالصراعات الإقليمية بالشرق الأوسط لإحداث نكبة جديدة.

المصدر : الجزيرة