انسحاب "كارتر" من مصر يحفظ ماء وجهه ويُحرج النظام
دعاء عبد اللطيف-القاهرة
أعلن مركز الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر (معهد كارتر) إغلاق أبوابه في مصر وعدم إرسال بعثة لمراقبة الانتخابات البرلمانية المقبلة، بسبب "التضييق على الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المعارضة للنظام".
وأكد المركز -في بيان رسمي صدر الخميس- أنه من غير المرجح أن تقدم الانتخابات المقبلة في مصر تحولاً ديمقراطيا حقيقياً، مشيراً إلى أن البيئة الحالية لا تساعد على المشاركة المدنية الفعلية.
ودعا المركز -الذي افتتح مكتبا له بالقاهرة عام 2011 بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك– السلطات المصرية إلى إنهاء "قمع المعارضين والصحفيين بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين ومؤيدوها"، وفق ما جاء في البيان.
ورغم عدم تحديد السلطات المصرية موعدا لإجراء الانتخابات البرلمانية، فإن محللين يؤكدون تأثر العملية الانتخابية بقرار "كارتر" وإمكانية حذو منظمات محلية ودولية حذوه، مما يؤثر سلباً على سمعة مصر دولياً.
وبحسب محللين، فإن العنف الذي تمارسه سلطة الانقلاب العسكري منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي ضد معارضيها، وصولاً إلى قتل الطلاب داخل الجامعات مع بدء العام الدراسي، توجب معه حفظ ماء وجه منظمات حقوقية مثل "كارتر" والانسحاب من المشهد المصري.
قرار موفق
المحامي والناشط الحقوقي محمد زارع قال إن قرار مركز كارتر يتماشى مع رغبة الحكومة المصرية في تقليص دور المجتمع المدني خاصة خلال إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وأضاف زارع في حديثه للجزيرة نت أن "كارتر" آثر السلامة بالنظر إلى الإجراءات الحكومية التي تتسم بالتضييق على المجتمع المدني، ومنها قانون الجمعيات الأهلية، فضلاً عن الممارسات القمعية ضد المعارضين للسلطة.
وعن تأثر سمعة مصر دوليا بقرار انسحاب معهد كارتر، أكد الناشط الحقوقي تأثر مصر، لكن في الوقت نفسه شدد على أن مصالح الدول هي التي تحدد مستقبل العلاقات في ما بينها وليست قضايا التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان.
ودلل على حديثه قائلا "كل الأنظمة العربية القمعية لها علاقات قوية مع دول أوروبا وأميركا ولم تتأثر بممارساتها مع شعوبها"، متوقعا أن تحذو منظمات محلية ودولية حذو معهد كارتر في الانسحاب من مراقبة العملية الانتخابية المقبلة.
تأثير الانسحاب
من جهته، قال رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية مختار غباشي إن معهد كارتر من المنظمات المهمة محليا ودولياً وانسحابه من مراقبة الانتخابات قد يدفع منظمات أخرى للانسحاب.
وقال غباشي في حديثه للجزيرة نت إن القرار يؤثر سلباً على الإدارة السياسية في مصر التي تسعى لمزيد من الاعتراف بشرعيتها وبإجراء انتخابات تتسم بالنزاهة.
وفي ما يتعلق بانسحاب منظمات أخرى على غرار "كارتر" أشار إلى أن الأمور ستتضح مع صدور قانون ترسيم الدوائر الانتخابية وقرب باب فتح الترشح للانتخابات.
حفظ ماء الوجه
وأوضح المحلل السياسي أسامة الهتيمي أنه على الرغم من الملاحظات على موقف الإدارة الأميركية تجاه ما يجري في مصر، فإن "المؤسسات البحثية والمدنية الأميركية حريصة على حفظ ماء وجهها اتساقا مع ما ترفعه من شعارات عن الحقوق الحريات".
وقال الهتيمي للجزيرة نت إن موقف معهد كارتر يأتي "اتساقا مع إدراك كل جهات المراقبة على مسار العملية الديمقراطية في مصر أن الأجواء التي تعيشها البلاد لا تسمح على الإطلاق بإجراء انتخابات يمكن أن توصف بالنزاهة ولو في حدها الأدنى".
وبحسب المحلل السياسي، فإن النظام المصري لا يلتفت لمثل تصرف "كارتر"، وأردف "سبق أن أعلنت بعض جهات المراقبة انسحابها في الانتخابات الرئاسية ومع ذلك فإنه تم إجراء الانتخابات وسط دعاية مكثفة".
وتابع "ربما تنظر السلطة إلى قرار إغلاق المكتب باعتباره تحصيل حاصل يلحق بما صدر من تقارير لمنظمات حقوقية دولية عن تردي الأوضاع الحقوقية في البلاد، ولم تكن له أي انعكاسات إيجابية على تطوير هذا الواقع المزري".