وثائق بريطانية: الصهيونية تصرفت كالنازية

إحياء ذكرى مجزرة دير ياسين وهي عبارة عن لافتة تحمل أسماء بعض يتامى دير ياسين- اطفال يتمتهم الصهيونية وقتها
undefined

وديع عواودة-حيفا

يستدل من وثائق مأخوذة من الأرشيف البريطاني نشرتها جمعية إسرائيلية، وبعض الصحف الأجنبية أن الانتداب قد عرف قبل سحب قواته من فلسطين عام 1948 أن تقسيمها وإنشاء دولة يهودية فيها سيؤديان لحرب، ولخسارة العرب فيها.

وتواصل جمعية "يذكرن" تباعا نشر وثائق من الأرشيف القومي البريطاني في موقعها على الإنترنت، حول ما شهدته فلسطين خلال فترة الاستعمار البريطاني(1918-1948)، خاصة في آخر سنتين قبل النكبة.

وتتطابق مضامين الكثير من هذه الوثائق مع شهادات شفوية نشرتها الجمعية على لسان محاربين صهاينة قدامى، حول ارتكاب مجازر بهدف تهجير الفلسطينيين.

ويعبّر د. إيتان بورنشطاين المدير المؤسّس لـ"يذكرن" عن ارتياحه لنشر هذه الوثائق البريطانية، حول تورط الصهيونية بجرائم قتل وتهجير بحق الفلسطينيين.

ويقول بورنشطاين للجزيرة نت إن تلك الوثائق تشكّل مصادقة جديدة على الموقف العام لجمعيته، بأن المصالحة بين الشعبين تتأتى فقط من خلال اعتراف إسرائيل بجرائمها، وتحمل مسؤوليتها عنها.

وتفيد وثيقة لوزارة المستعمرات البريطانية -تعود لعام 1946- أن اليهود في فلسطين يؤيدون الإرهاب، في ظل السياسات البريطانية في المنطقة.

وفي وثيقة أخرى، يحذّر موظف كبير ضمن مذكرة سرية صدرت في أكتوبر/تشرين أول 1946 من أن أغلبية اليهود -أيضا- تعارض مبادرة تقسيم فلسطين، إلا إذا تم توسيع مساحة الدولة اليهودية لدرجة تدفع العرب لرفضها.

وتحّذر المذكرة وزير المستعمرات جورج هول من أن اليهود يؤيدون توجهات قادتهم في رفضهم لمكافحة بريطانيا الهجرة غير الشرعية لفلسطين، وتتابع "في هذه الحالة سيكون اللجوء للإرهاب نتيجة طبيعية".

يقظة عربية
وتنبه مذكرة أخرى للمخابرات البريطانية إلى أن تراجع حكومة الانتداب، نتيجة الإرهاب اليهودي، وضغوط اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، سيفضي ليقظة عربية خطيرة.

كذلك تحذّر الوثائق من أن استمرار عمليات الاستفزاز اليهودية سيؤدي لعمليات ثأر فلسطينية، من شأنها أن تتسع لتصبح مواجهة واسعة بين العرب واليهود.

‪‬ إيتان بورنشطاين: الوثائق البريطانية تعزز توجهات وموقف جمعية
‪‬ إيتان بورنشطاين: الوثائق البريطانية تعزز توجهات وموقف جمعية "يذكرن"(الجزيرة)

وفي وثيقة أخرى من وثائق 1948، تنقل سلطة الانتداب صورة الوضع في فلسطين لحكومة بريطانيا، وتقول إن خسارة كبيرة لحقت بالعرب، وإن آلاف الفلسطينيين يهجرون منازلهم، وتشير إلى "تحطم معنوياتهم" وضعف قادتهم.

وفي وثيقة أخرى بتاريخ 30 أبريل/نيسان 1948، يشبّه المندوب السامي الأخير في فلسطين أيلان غوردون كيننغهام (1945-1948) تصرف اليهود بالنازية، خاصة ما يخص احتفالاتهم بانتصاراتهم العسكرية.

وفي وثيقة أخرى يقول كيننغهام -المعروف بانحيازه للصهيونية- إن اليهود مستعدون لإعلان دولتهم، ولشن هجوم كاسح، مدججين بسلاح وعتاد دولة فاشية.

وتعزّز وثيقة بريطانية هامة أخرى الرواية الفلسطينية التاريخية حول مجزرة دير ياسين، التي سعت الصهيونية للتخفيف من وطأتها، واعتبارها "حدثا" غير مخطط له، تم تضخيمه من قبل العرب لأغراض دعائية.

قبل الذبح
وعلى غرار الرواية التاريخية الفلسطينية، توضح هذه الوثيقة أن الجنود الإسرائيليين قتلوا 250 من سكان دير ياسين في قضاء القدس بهجوم قاس، وتكشف أنهم أجبروا النساء والأولاد على خلع ملابسهم والاصطفاف في طابور، والتقاط صور لهم قبل ذبحهم.

تعزّز وثيقة بريطانية هامة الرواية الفلسطينية التاريخية حول مجزرة دير ياسين، التي سعت الصهيونية للتخفيف من وطأتها واعتبارها "حدثا" غير مخطط له، تم تضخيمه من قبل العرب لأغراض دعائية

كما تعزز هذه الوثيقة رواية المؤرخين الإسرائيليين الجدد حول جرائم الصهيونية في فلسطين، وتؤكد صواب توصيف أعمالها بـ"الإرهاب اليهودي" كما جاء في بعض كتب إيلان بابيه، وبيني موريس، وفي كتاب المؤرخ موطي غولان "المندوب السامي الأخير".

لكن الوثائق البريطانية متناقضة، ففي حين تتنبأ بعضها باندلاع مواجهة واسعة غداة اتخاذ قرار تقسيم فلسطين، وبخسارة العرب، يعرب المندوب السامي في وثيقة أخرى قبيل الانسحاب بخمسة أيام عن إيمانه باحتمال التوصل لوقف ناجح لإطلاق نار.

وتصف الوثائق اليهود كقوى منظمة تتمتع بالتدريبات والتكتيكات العسكرية، مقابل العرب الذين يملكون عتادا غير صالح، وقيادة سيئة، جبانة وفاشلة.

معلومات متطابقة
لكن المؤرخ المختص بتاريخ فلسطين د. جوني منصور يؤكد أنه رغم أهمية وثائق الأرشيف البريطاني، فإن مصادر أخرى سبق أن كشفت عن معلومات متطابقة.

ومع ذلك، يؤكد منصور للجزيرة نت أن الوثائق تؤكد تورط الإنجليز بخلق الفوضى في صفوف المجتمع الفلسطيني، والمساهمة بصورة غير مباشرة في هزيمة العرب، التي جاءت نتيجة أسباب أخرى طبعا.

ويؤكد منصور أن وثائق بريطانية أخرى أكثر خطورة ما زالت طي الكتمان حول الدور الخطير  للانتداب في دعمه الصهيونية سياسيا وعسكريا واستخباراتيا، ويضيف "لا شك أن المخفي أعظم". 

المصدر : الجزيرة