"أم فايز" تصارع مستوطنة بأكملها

أم فايز البوم تقف على ارضها وقرب منزلها الذي تهدد مستوطنة عيليه بالخلف بمصادرته- الجزيرة نت
undefined
 
عاطف دغلس-نابلس

يمنة ويسرة، تارة أمام المنزل وتارة خلفه، تقضي الحاجة أم فايز -من بلدة قريوت جنوب من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية– جُل يومها في حراسة منزلها من المستوطنين والدمار الذي يحدثونه.

وحكاية معاناة أم فايز مع مستوطني "عيليه"، تلك المستوطنة الجاثمة على أرضها وقرب منزلها، لا تنتهي، فالاعتداءات صارت شبه يومية، تبدأ بالاقتحام والترويع وتنتهي بالقمع والضرب مرورا بالاحتجاز وتدمير الممتلكات.

لا يهم أم فايز (65 عاما) ما إذا كانت تحتفل بعيدها مثلها مثل باقي الأمهات، فالأهم بالنسبة لها هو أن تواظب على حراسة منزلها، فهي لا تقدر أن تتركه أو تغيب عنه ولو لبعض الوقت خشية اعتداء مفاجئ يفقدها كل ما عملت من أجله.

مستوطنون مهاجمون
وروت أم فايز للجزيرة نت معاناتها قائلة إنها تصارع مستوطنة بأكملها ومستوطنين "لا يملون الهجوم".

‪منزل أم فايز، وهو لا يبعد سوى أقل من مائتي متر عن مستوطنة عيليه‬ (الجزيرة نت)
‪منزل أم فايز، وهو لا يبعد سوى أقل من مائتي متر عن مستوطنة عيليه‬ (الجزيرة نت)

وأشارت إلى أن آخر اعتداء وقع عليها كان قبل أقل من أسبوع حين باغتها مجموعة مستوطنين وجنود الاحتلال في ساعات متأخرة من الليل، واحتجزوها وأبناءها أربع ساعات متواصلة، وهددوها بنصب برج للمراقبة على سطح منزلها الذي تقطنه منذ ثلث قرن، و"أصبت بنوبة إثر ذلك ونقلت للمشفى".

وكانت أول هذه الاعتداءات عام 2000، بعد أن أطلق مستوطنون النار على نجليها بعد احتجازهم داخل غرفة المنزل، "وهددوا بتصفيتي وعائلتي إذا ما قمت بأي فعل  ضدهم".

تلت ذلك اعتداءات هي أكبر من الاقتحام وأخطر بالنسبة لأم فايز، حيث أقدمت مجموعات المستوطنين على قلع وحرق وتدمير مئات أشجار الزيتون الخاصة بها، لا سيما تلك المعروفة بـ"الزيتون الرومي" التي ترجع لآلاف السنين.

ولم تكتف سلطات الاحتلال بمصادرة أرض أم فايز التي تزيد على مائتي دونم (الدونم ألف متر مربع)، بل سعت لتهجيرها من منزلها كحال جيرانها الذين هجّروا مكرهين "بعد مضايقات يصعب العيش معها".

وتابعت أم فايز بعد جولة قامت بها الجزيرة نت في محيط منزلها "إن تركت منزلي فإن نصف القرية سيسقط بيد المستوطنين"، كما سقطت تلك الأراضي قبل نحو 24 عاما حين أقيمت مستوطنة عيليه، واعدة بأن تظل "حارسة" لمنزلها وأرضها وأراضي باقي المواطنين.

‪زيتون أم فايز تعرض للحرق مرارا على أيدي المستوطنين‬  (الجزيرة نت)
‪زيتون أم فايز تعرض للحرق مرارا على أيدي المستوطنين‬ (الجزيرة نت)

ولتحقيق ذلك تسعى الحاجة الفلسطينية وبكل قوتها للبناء على سطح منزلها بهدف حمايتها من الاقتحام المتكرر، ولتثبيت حقها فيه أكثر، "ولكن سلطات الاحتلال ترفض منحها الترخيص".

وما يقلق أم فايز ومعها أهل قريتها هو التصعيد الخطير والمستمر للاستيطان فيها -الذي تضاعف 250% بالضفة الغربية والقدس وفقا لتقرير فلسطيني- حيث تقيم إسرائيل ثلاث مستوطنات عليها إضافة لخمس بؤر استيطانية أخرى، وهناك اعتداءات وانتهاكات يومية تخطر كلها بمزيد من المصادرة للأرض، بحسب بشار القريوتي مسؤول ملف الاستيطان بالقرية.

وتصادر هذه المستوطنات نحو 65% من أراضي المواطنين، ولا تسمح لهم بالبناء سوى على مساحة تقدر بـ360 دونما، وهو المخطط الهيكلي للقرية.

معاناة متعددة
وحال أم فايز يشبه حال كثير من النساء الفلسطينيات، سواء تلك اللواتي يقاومن ضد الجدار والاستيطان، أو الرابضات خلف قضبان سجون الاحتلال اللواتي وصلن إلى 13 أسيرة.

وتؤكد عضو المجلس التشريعي الفلسطيني نجاة أبو بكر أن معاناة الأم الفلسطينية لم تتوقف وخاصة معاناتها جرّاء الاحتلال وممارساته، والتي تنوعت بين القتل والاعتقال والإذلال الإسرائيلي لحياتها في أرضها وخلال زيارتها لأسراها، وغير ذلك من الاعتداءات التي لا تنتهي.

وشددت نجاة أبو بكر على أنه بالرغم من ذلك فإن الأم الفلسطينية صامدة في أرضها وتتحمل أكثر، قائلة إنها حصلت على كثير من حقوقها المجتمعية والمدنية، لكنها لم تحصل على حقوقها السياسية "وهي صعبة المنال في ظل الاحتلال".

وتشير استطلاعات الإحصاء المركزي الفلسطيني إلى أن عدد الفلسطينيات في 2012 وصل إلى 2.14 مليون أي ما نسبته 49.2% من السكان الفلسطينيين.

المصدر : الجزيرة