أربعة آلاف بيت معرض للانهيار بالقدس

عائلات يهودية تستوطن فوق أسطح البلدة القديمة
undefined

وديع عواودة-القدس المحتلة

يعاني سكان بعض أحياء البلدة القديمة في القدس المحتلة من تصدع وانهيار منازلهم ويشكون عدم العناية بطلبات المساعدة التي يقدمونها لجهات فلسطينية وعربية، في حين تعمل الجمعيات الاستيطانية ليل نهار للاستيلاء على عقاراتهم وترميمها من أجل جلب اليهود للسكن فيها.

ويقيم في البلدة القديمة نحو خمسين ألف نسمة معظمهم من المسلمين يسكنون في نحو أربعة آلاف منزل تحتاج كلها للترميم لقدمها وطريقة بنائها، فيما تبلغ كلفة ترميم المنزل الواحد خمسين ألف يورو، وفق تقديرات مهندسين.

ويعجز أصحاب هذه البيوت عن ترميمها بسبب الفقر والكلفة العالية للعملية التي تحتاج جهودا كبيرة لإدخال مواد البناء وإخراج مخلفاته عبر الأزقة الضيقة، إلى جانب عراقيل البلدية حيث تشترط الحصول على ترخيص للقيام بأي خطوة.

حي القرمي
وحتى الآن تمكنت مؤسسة القدس للتنمية من ترميم نحو خمسين بيتا ومنشأة خلال أربع سنوات، وهناك عشرة بيوت قيد الترميم كما يؤكد مديرها خالد زبارقة.

‪الأسمر يرابط مع عائلته بمنزله الآيل للسقوط في البلدة القديمة‬ (الجزيرة)
‪الأسمر يرابط مع عائلته بمنزله الآيل للسقوط في البلدة القديمة‬ (الجزيرة)

وردا على سؤال الجزيرة نت، يقول الزبارقة إن استغاثة المقدسيين لم تلق استجابة من قبل الدول العربية والإسلامية، مشيرا إلى أن الدعم الذي يتوفر أحيانا يتأتى من مصادر أهلية وشعبية.

ومن أبرز أحياء البلدة القديمة حي القرمي العريق الذي تقيم فيه ستون عائلة يبلغ تعداد أفرادها 351 نسمة بينهم 150 طفلا.

وقد تعرض 28 منزلا في حي القرمي لتشققات تهددها بالتداعي نتيجة أعمال الحفر الإسرائيلية تحت أرض الحرم.

ويبدو احتمال الانهيار جليا للزائر فور دخوله الحي، فالكثير من بيوته متداعية وتبعث شعورا عميقا بالخطر على من فيها أو يمر بجوارها.

ومن المباني التاريخية المتداعية في حي القرمي عمارة الدولة البدرية، الشيخ محمد القرمي، وعمارة اللؤلؤية، وكلها استخدمت كمدارس دينية منذ العهد المملوكي الأيوبي وباتت اليوم مساكن عادية.

وبسبب خطورة السكن في المنازل المتصدعة، غادرت الحي حتى الآن 16 عائلة تشتتت منذ شهرين في أنحاء المدينة، كما يؤكد عضو لجنة الحي تيسير الأسمر.

ويشير الأسمر إلى أن قلة حيلة سكان القرمي وعجزهم عن ترميم منازلهم تعكس ضائقتهم الاقتصادية والاجتماعية.

ويوضح أنه وأسرته شعروا بالبيت يهتز وباتوا يسمعون أصوات حفر أسفل أساساته قبيل تصدعه نهاية الصيف الماضي.

جمعيات استيطانية
ويرجح أهل الحي أن بلدية الاحتلال متواطئة مع جمعيات استيطانية مثل عطيرت كوهنيم، وشوفو بانيم وجاليتسيا بتشجيعها بمواصلة الحفريات ومنع الترميم والتدعيم حتى تسقط المنازل أو تتم مساومة الفلسطينيين عليها طمعا بالبناء الاستيطاني بدلا منها.

‪إسرائيل تستغل تصدع المنازل لتهجير المقدسيين من البلدة القديمة‬ (الجزيرة)
‪إسرائيل تستغل تصدع المنازل لتهجير المقدسيين من البلدة القديمة‬ (الجزيرة)

وهذا ما يؤكده أيضا مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية زياد حموري، حيث يوضح أن البلدية "تستغل بشكل ماكر" مأساة الحي من أجل تهجير سكان بعض الأحياء القديمة من خلال إعاقة ترميم بيوتهم وإخافتهم من احتمال انهيارها عليهم.

ويبين للجزيرة نت أن بلدية الاحتلال تكتفي بتثبيت لافتة في مدخل الحي تحذر فيها من دخول "المكان الخطير" وبالمقابل تفرض غرامات بقيمة 120 دولارا يوميا على كل من لا يخلي بيته المتداعي.

وعن استهداف حي القرمي بالذات، يقول مختاره بسيم القدومي إن ذلك يعود لقربه من قبة الصخرة والمسجد الأقصى.

ويشير القدومي إلى أن أهالي الأحياء المتضررة يشكون منذ نحو عامين من اهتزاز أسس منازلهم نتيجة حفريات تجرى أسفلها، منبها إلى أنهم يتلقون وعودا كثيرة لا تطبق على الأرض.

ويضيف أن السلطة الفلسطينية قدمت مساعدات عينية لست عائلات في الحي ريثما يتم ترميم منازلها، بينما تحملت جمعية "تيكا" الحكومية التركية ترميم خمسة منازل.

وفي حديث للجزيرة نت، يوجه القدومي نداء استغاثة لفلسطينيي الداخل من أجل تخليصهم من محنتهم القاسية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، عبر مساندتهم في ترميم بيوتهم حتى يبقوا فيها.

المصدر : الجزيرة