البؤر الاستيطانية تستشري بالضفة

بؤرة استيطانية جنوب مدينة الخليل
undefined

عوض الرجوب-الخليل

من أصل 462 موقعا استيطانيا في الضفة الغربية -وفق معطيات فلسطينية- تنتشر مئات المواقع الاستيطانية الصغيرة المسماة بالبؤر الاستيطانية، بهدف إحكام الطوق على التجمعات الفلسطينية ومصادرة أكبر مساحة ممكنة من الأراضي.

وتكمن خطورة البؤر الاستيطانية في كونها قابلة للاتساع على حساب الأراضي الفلسطينية بدعم من المؤسسة الرسمية الإسرائيلية والجمعيات اليهودية، حيث تحظى هذه البؤر بحماية أمنية من جيش الاحتلال رغم عدم الاعتراف بها رسميا "كمستوطنات شرعية" حسب تعبير الاحتلال.

وتُعرّف وزارة شؤون الجدار والاستيطان الفلسطينية "البؤرة الاستيطانية" بأنها أي بناء جديد محدود المساحة وينفصل عن مسطح بناء المستوطنة، يتم بناؤه بهدف توسع مستقبلي لمستوطنة قائمة أو تمهيدا لإقامة مستوطنة جديدة، بينما تعرّفها منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية بأنها "مستوطنات لم يتم الاعتراف بها بصورة رسمية رغم إقامتها بمساعدة من السلطات".

‪اعتصام سابق أمام بؤرة استيطانية في قلب الخليل‬ (الجزيرة)
‪اعتصام سابق أمام بؤرة استيطانية في قلب الخليل‬ (الجزيرة)

العدد والهدف
تفيد معطيات سابقة لوزارة الجدار بأن عدد البؤر الاستيطانية في الضفة يبلغ 251 بؤرة، في حين يبلغ عدد المستوطنات 189 مستوطنة، إضافة إلى مواقع أخرى مختلفة الاستخدامات ومئات المواقع العسكرية، في حين تشير تقديرات منظمة بتسيلم إلى وجود مائة بؤرة فقط.

ووفق نفس المصدر فإن معظم البؤر الاستيطانية (40 بؤرة) تقع في محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية، تليها محافظة نابلس (36 بؤرة) شمال الضفة، ثم محافظة بيت لحم (32 بؤرة) وسط الضفة، وأقلها في محافظة طولكرم (5 بؤر) شمال الضفة.

ويفيد مدير البحث الميداني في منظمة بتسيلم كريم جبران بأن معظم البؤر الاستيطانية مقامة على أراض فلسطينية خاصة، أو أراض حكومية حسب التصنيف الإسرائيلي، مشددا على أن ذلك لا يعطي شرعية لإقامة البؤر الاستيطانية أو حتى المستوطنات.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن منظمته خاضت تجربة طويلة مع القضاء الإسرائيلي بخصوص البؤرة الاستيطانية "ميجرون" شمال شرق القدس، مشيرا إلى مماطلة الحكومة والقضاء في إسرائيل بشأن هذه البؤرة رغم ثبوت إقامتها على أراضي فلسطينية خاصة.

وبعد سنوات طويلة من المداولات -يتابع جبران- صدر قرار قبل شهور يدعو الحكومة لإخلاء هذه البؤرة حتى مارس/آذار القادم، مضيفا أن الحكومة تستجدي عطف المستوطنين كي يوافقوا على إقامة حي جديد لهم داخل مستوطنة قريبة والاعتراف به حيا مرخصا.

ويؤكد جبران عدم جدية الحكومة الإسرائيلية في التعاطي مع البؤر الاستيطانية خاصة مع سعيها لتشكيل لجنة لدراسة تشريع هذه البؤر، نافيا إزالة أي بؤرة بشكل كامل "بل تواصل إقامة بؤر استيطانية جديدة وتوسيع بؤر قائمة".

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عيّن أواخر يناير/كانون الثاني الماضي قاضيا في المحكمة العليا لرئاسة لجنة معالجة قضية البؤر الاستيطانية غير القانونية.

وأوضح أن عددا من المستوطنات بدأت بكرفان (بيت متنقل) يقيمه أحد المستوطنين أو الاستيلاء على مساحة من الأراضي واتسعت بشكل كبير جدا مثل "نيغرون" وأصبحت بها اليوم عشرات "الكرفانات"، وتحاول التوسع يوميا على حساب الملكيات الفلسطينية الخاصة.

وبين جبران أن البؤر غير المرخصة تحظى بخدمات حكومية مثل شق الطرق والكهرباء والمياه، وتنفق عليها وزارة الإسكان الإسرائيلية ملايين الشواقل رغم أن الحكومة تصنفها بـ"غير المرخصة أو العشوائية".

جميع المستوطنات في الضفة الغربية بدأت ببؤر استيطانية

لا إنصاف
من جهته يقول الناشط في قضايا الاستيطان شمال الضفة الغربية غسان دغلس إن جميع المستوطنات في الضفة بدأت ببؤر استيطانية، مضيفا أن البؤرة تبدأ عادة بكرفان أو خيمة يتم مدها بالكهرباء والمياه وتنتهي ببناء استيطاني وتوسع.

وأضاف أن إقامة البؤر الاستيطانية تعني الحاجة لحراسات أمنية، وبالتالي منع أصحاب الأرض الفلسطينيين أو رعاة الأغنام من دخول أراضيهم، أو الاقتراب منها لمئات الأمتار، وبالتالي حدوث مزيد من المصادرات والاستيلاء على الأراضي.

واعتبر دغلس تشكيل لجنة لدراسة ملف البؤر الاستيطانية محاولة لشرعنة هذه البؤر وتوسيعها، مشيرا إلى وجود مرافعات أمام المحاكم الإسرائيلية لكنه استبعد الإنصاف، استنادا إلى التجربة الطويلة مع محاكم الاحتلال.

وبينما تبدأ البؤر غالبا بكرفانات وخيم، تأخذ في قلب مدينة الخليل شكلا مختلفا، إذ استولى المستوطنون على خمسة عقارات فلسطينية وحولوها إلى بؤر استيطانية، شلت بموجبها الحياة الفلسطينية في مركز المدينة.

المصدر : الجزيرة