إعلام إسرائيل يكرس فرضية "اللا شريك"

CAI03 - Cairo, -, EGYPT : A hand out picture provided by the Hamas press office shows Palestinian president Mahmud Abbas (R) meeting with the exiled leader of the Palestinian Islamist movement Hamas, Khaled Meshaal (L) in Cairo on December 21, 2011. Palestinian factions, led by the former rivals Hamas and Fatah meeting in Cairo are mulling ways to reactivate their national parliament
undefined
وديع عواودة-حيفا

تؤكد دراسة إسرائيلية أن الصحافة الإسرائيلية تشارك المستوى السياسي في اعتماد فرضية "اللا شريك" الفلسطيني عبر تغطية غير موضوعية للصراع.

وتوضح د. عينات ليفي معدة الدراسة التي نشرها المركز الإسرائيلي لدراسات الإعلام والسياسة (كيشيف) أن الصحافة الإسرائيلية تتبنى رواية إسرائيل الرسمية منذ فشل اتفاقية أوسلو واندلاع الانتفاضة الثانية نهاية 2000، والزاعمة أن لا شريك فلسطينيا للسلام، وهو أمر استمر حتى بعد أن حل محمود عباس عام 2004 محل الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي "تعرض لمحاولات شيطنة ممنهجة".

وتحمل الدراسة عنوان "لا شريك.. تغطية المصالحة الفلسطينية الداخلية والمعركة الأخيرة في غزة مطلع العام الحالي".

عباس وعرفات
يُشار إلى أن رئيس الحكومة الأسبق وزير الدفاع الحالي إيهود باراك أول من استخدم مصطلح "اللا شريك" في محاولة لإلقاء الكرة في الملعب الفلسطيني.

تغطية الصحافة العبرية ظلت نمطية وسلبية حتى بعد إنجاز اتفاق المصالحة وتوقف حماس عن إطلاق النار

ومثل دراسات أكاديمية أخرى، تتهم الدراسة الصحافة الإسرائيلية بأنها تتبنى منذ عام 2000 مواقف رئاسة الحكومة الإسرائيلية التي تحمّل الفلسطينيين مسؤولية "العنف" وجمود المسيرة السياسية.

كما تشير إلى أن تغطية الصحافة العبرية ظلت نمطية وسلبية حتى بعد إنجاز اتفاق مصالحة بين الفلسطينيين العام الماضي وتوقف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن إطلاق النار عملا بالهدنة مطلع العام الحالي.

وتضيف "وبذلك ظلت الصحافة العبرية أسيرة الخوف، وفكرة (اللا شريك) ضللّت الإسرائيليين وأبقتهم أسرى لها".

كما تجاهلت الفرص الإيجابية الكامنة في المصالحة، واختارت التركيز على الدلالات السلبية عبر تغطية سطحية ومقّلة في التفاصيل.

وضمن أمثلة توردها الدراسة تغطية صحيفة "يسرائيل هيوم" للمصالحة الفلسطينية تحت عنوان "أبو مازن رئيس حكومة حماس" وهي محاولة للقول إن "السلطة الوطنية باتت جهة أكثر تطرفا".

وفي الصفحات الداخلية تناولت الصحيفة الموضوع بعنوان "إما سلام وإما حماس" مقتبسة وكأنها حقيقة مزاعم سياسية رسمية.

مخاطبة المشاعر
وتشير الدراسة إلى إفاضة التغطيات في استخدام لغة الأحاسيس، كالقول "غضب في إسرائيل" أو "الفصائل الفلسطينية تتبّسم" في محاولة لتقديم المصالحة على أنها خطر أو استفزاز لإسرائيل.

أما "هآرتس" -التي تعتبر معتدلة- فقد اختارت عنوانا رئيسيا أقل دراماتيكية، لكنها عناوينها الفرعية تتبنى موقف نتنياهو مثل "إما سلام وإما حماس".

وخلت تغطية "هآرتس" من فحوى اتفاقية المصالحة "ولم تتساءل عن تبعات الاتفاقية على مكانة عباس وتحوله رئيسا يمثّل كافة الفلسطينيين، كما كانت إسرائيل تطالب".

كما تجاهلت الأثر الإيجابي المحتمل على حماس، واختارت التشديد على الخوف وتقزيم الأمل.

حماس أو الجهاد
وتلفت الدراسة إلى التصعيد في غزة بعد شهر من المصالحة مع اغتيال إسرائيل سكرتير اللجان الشعبية زهير القيسي، مذكرة بأن تبادل إطلاق النار استمر أسبوعا دون أن تشارك فيه حماس، التي كانت تريد أن تفوت على إسرائيل فرصة اجتياح جديد.

لكن الصحافة ركزّت على ظهور الجهاد الإسلامي كـ"تنظيم متطرف" لا على التغيير الطارئ بموقف حماس، فعنونت "معاريف" تغطيتها بـ"المواجهة القادمة: حماس ضد الجهاد".

تقنيات التحرير
ورغم أن الدراسة تشير إلى أن "معاريف" نشرت مقالات رأي مغايرة، فإن رسالتها المركزية ظلت تقول إن "غزة باتت أكثر تطرفا بقيادة الجهاد الإسلامي" مركزة على تصاعد قوة جهة "متطرفة" بالقطاع بما يخدم نظرية "اللا شريك" ومعتمدة في ترسيخ ذلك تقنيات تحريرية هدفها إخافة الإسرائيليين وتكريس حالتهم كضحايا.

الصحافة الإسرائيلية تقدم للإسرائيليين فكرة اللا شريك كبديهية أبدية
"
 الأكاديمي الإسرائيلي دان كسبي

وتقول الباحثة بمجال الإعلام عينات ليفي للجزيرة نت إن الصحافة الإسرائيلية ترى في الفلسطينيين إما شعبا موحدا ومتطرفا لا ينفع شريكا للسلام، وإما شعبا منقسما وعاجزا عن "تقديم البضاعة" اللازمة وهي رؤية لا يخدمها تقصي المعلومات.

وعي المتلقين
وتعتقد الباحثة الإسرائيلية أن" التغطية المشوهة" هذه من شأنها التأثير سلبا على وعي الإسرائيليين وتعزيز مشاعر الخوف والعدائية القائمة أصلا لديهم.

ويقول من جهته المحاضر في قضايا الإعلام بجامعة بئر السبع دان كسبي للجزيرة نت إن الصحافة الإسرائيلية تقدم للإسرائيليين فكرة اللا شريك كبديهية أبدية، وتدأب على إيصال هذه الرسالة حتى عندما تمتلك معلومات تعكس صورة مغايرة وأكثر تركيبا.

ويشدد كسبي على أن هذه التغطية تكرّس حالة الجمود، داعيا الصحافة الإسرائيلية للتمحيص في المزاعم القائلة إن إسرائيل "لم تترك حجرا إلا وقلبته" بحثا عن السلام.

المصدر : الجزيرة