أسر فلسطينية تنشد مقومات الحياة

جميع منشآت التجمع البدوي مخطرة بالهدم

جميع منشآت التجمع البدوي مخطرة بالهدم (الجزيرة نت)

عوض الرجوب-الخليل

تواجه الأسر الفلسطينية التي تتعرض مساكنها للهدم صعوبة بالغة في تدبير أمورها، خاصة مع غياب سياسة وبرامج رسمية وأهلية واضحة تساعدها على البقاء والاستمرار في العيش ضمن مناطق غير مستقرة ومهددة بالاستيطان.

وبينما تقدم السلطة الفلسطينية ومنظمات أهلية إغاثات طارئة، يتطلع السكان إلى مساعدتهم في توفير الحد الأدنى من مقومات الصمود والبقاء ضمن برامج واضحة، ومن ذلك إعادة بناء مساكنهم، وتحمل تكاليف المحامين الذين يترافعون عنهم في المحاكم الإسرائيلية، وتوفير مداخيل ثابتة لأسرهم، خاصة وأن غالبيتهم عاطلون عن العمل.

بيت من الصفيح يؤوي أسرتين بعد هدم منزلهما (الجزيرة نت)
بيت من الصفيح يؤوي أسرتين بعد هدم منزلهما (الجزيرة نت)

هدم وملاحقة
تعيش في منطقة "أم الخير" أقصى جنوب صحراء الضفة الغربية، 26 أسرة بدوية فلسطينية، حياة قاسية في ظل الملاحقة المتواصلة من قبل الحكومة الإسرائيلية وأذرعها العسكرية والمدنية العاملة في الأراضي المحتلة.

ومقابل الاضطهاد الذي تعيشه هذه الأسر، وفقدانها لأقل مقومات الحياة وبينها الكهرباء والمياه، يستمر العمل في مستوطنة كارمئيل المحاذية والمقامة على أراضيهم لإضافة المزيد من الوحدات الاستيطانية.

فعلى مسافة أمتار من سياج المستوطنة، هدمت الجرافات الإسرائيلية قبل أيام بيتا من الزينك يؤوي عائلتين مكونتين من 17 فردا هم أرملة وابنها وأطفالهما، والحجة أن المسكن البدائي شيّد دون ترخيص، بينما سلمت مساكن أخرى إخطارات بالهدم.

وتقول أم طارق إن مرارة الهدم هذه المرة أنه أقسى لأنها ألقت بها وأطفالها الـ17 إلى البرد، موضحة أنهم يعيشون الآن بغرفة صغيرة من الزنك مخطرة بالهدم أيضا، ولا تعرف كيف تتدبر أمورها مع قلة الحيلة والدخل وفقدان رب الأسرة.

طابون (تنور) لأغراض الخبز مخطر بالهدم(الجزيرة نت)
طابون (تنور) لأغراض الخبز مخطر بالهدم(الجزيرة نت)

الوجود البدوي
ويعود الوجود البدوي بهذه المنطقة، إلى نكبة عام 1948 حيث وصلوا هذه المنطقة قادمين من منطقة عراد داخل الخط الأخضر، واشتروا مئات الدونمات من الأراضي وأقاموا فيها، لكن منذ مجيء الاحتلال عام 1967، وإقامة مستوطنة كارميل عام 1981 تحولت حياتهم إلى جحيم.

من جهته يقول علي محمد، أحد سكان المنطقة، إن بعض العائلات تقدم على بيع بعض الأغنام لإعادة بناء بيوتها، لكن الأغلبية ليس لديها دخل، وأعداد أغنامها قليلة ولا تستطيع بيعها، فتضطر للعيش مع عائلات أخرى في حالة من الضيق والحرج، مطالبا بتوفير دخل ثابت للعائلات الأكبر عددا وأكثر معاناة.

أما قريبه زياد الهذالين، صاحب أحد البيوت المهدمة، فيقول إن التجمع البدوي المحاذي للمستوطنة تعرض لخمس عمليات هدم، في حين باقي المنشآت وبينها مساكن الصفيح وحظائر الأغنام، وحتى طابون مخصص للخبز (التنور) مخطرة بالهدم.

ويقول رئيس المجلس المحلي إبراهيم الهذالين إن المواطنين يغامرون -رغم قلة إمكانياتهم- فيعيدون بناء ما يدمره الاحتلال، مضيفا أن جميع مساكن العائلات المحاذية للمستوطنة إما تعرضت للهدم وما زالت مهدومة أو أعيد بناؤها أو لدى أصحابها إخطارات بالهدم.

ويضيف أن أكثر ما يتطلع إليه السكان هو توفير الحد الأدنى من مقومات الصمود، وتحديدا خزانات المياه وإعادة بناء المساكن المدمرة، وتوفير مصدر دخل ثابت للسكان يساعدها على البقاء وحماية أراضيها.

مساعدات طارئة مقدمة من الرئاسة الفلسطينية(الجزيرة نت)
مساعدات طارئة مقدمة من الرئاسة الفلسطينية(الجزيرة نت)

مساعدات طارئة
وتزامنت زيارة الجزيرة نت لقرية أم الخير مع حضور وفد رسمي فلسطيني لتقديم مكرمة من الرئيس الفلسطيني لهذه العائلات، وهي عبارة عن حرامات واحتياجات منزلية، لكن عددا من السكان همسوا بحاجتهم إلى أكثر من ذلك.

وفي حديثه للجزيرة نت أوضح، نائب محافظ الخليل مروان سلطان، أن السلطة تعمل ضمن برنامجين هما البرنامج الإغاثي والبرنامج التنموي، مضيفا أن المناطق المهمشة من أولويات السلطة الفلسطينية، وأن الرئاسة ووزارة الشؤون الاجتماعية على الاطلاع بأحوالهم.

وأضاف أن ما تقدمه السلطة لهؤلاء هي أمور رمزية، وأن الفلسطينيين يتطلعون للدول العربية لإغاثة هؤلاء في ظل محاولات الاحتلال لفرض الهجرة القسرية على الفلسطينيين خاصة في مناطق شاسعة شرق وجنوب الضفة.

وطبقا لمنظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية فإن الإدارة المدنية الإسرائيلية تخطط قريبا لطرد حوالي 27 ألف بدوي يعيشون بمناطق "ج" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية بالضفة الغربية، على أن يتم بالمرحلة الأولى طرد 2300 شخص قرب القدس.

المصدر : الجزيرة