الاحتلال بغزة يحول سرادق عرس إلى بيت عزاء

عدد من المعزين الذين قدموا الى سردق الفرح الذي تحول الى بيت للعزاء في غزة

عدد من المعزين قدموا إلى سرادق الفرح الذي تحول إلى بيت للعزاء (الجزيرة نت)

أحمد فياض-غزة

لم تكن تعلم المسنة هنية عبد الجواد أن الثياب الجديدة التي ارتدتها لتشارك ابن شقيقها فرحته لحظة زفافه ستزف بها إلى خالقها تاركة وراءها الأهل والأحبة يقفون في سرادق استقبال جموع القادمين معزين لا مهنئين.

هنية أصابتها شظايا من مبنى وزارة الداخلية القديم تطايرت إثر قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية للمبنى الذي يتوسط أحد الأحياء السكنية بمدينة غزة عصر الجمعة.

عائلة عبد الجواد التي كانت تتهيأ لزفاف ابنها محمد وعروسه رغدة الأشقر، وسط أجواء من الفرح العارم على وقع الأهازيج والأغاني الفلسطينية الشعبية إيذانا ببدء التجمع والتحرك نحو منزل العروسة، تحولت فجأة إلى لحظات سيطرت فيها صرخات الأطفال وعويل النساء وأنين الجرحى المضرجين بدمائهم على كل مظاهر الفرح.


العريس محمد (يمين) ومعه أخوه موسى المصاب وبينهما ابن شقيقه المصاب أيضا (الجزيرة نت) 
العريس محمد (يمين) ومعه أخوه موسى المصاب وبينهما ابن شقيقه المصاب أيضا (الجزيرة نت) 

عائلة محتسبة
ورغم كثرة المصابين وخطورة بعض الإصابات  واستشهاد عمة العريس فإن العائلة بقيت صابرة على ما أصابها لأنها تؤمن أن قدرة الله منعت مجزرة بحق العائلة وجموع المحتفلين الذين كانوا سيصطفون بعد دقائق قليلة أمام بوابة المبنى المستهدف في انتظار وصول الحافلات التي ستقلهم إلى منزل العروس ثم إلى صالة الأفراح.

شقيق العريس موسى عبد الجواد -الذي أصيب هو الآخر في القصف- رفع يده إلى السماء حامدا الله على حالهم رغم الألم، وقال "الحمد لله على حالنا فلو أن القصف تأخر دقيقتين لراح منا العشرات".

وأوضح للجزيرة نت لم أصدق أن العرس الذي كنا نجهز له سيتحول إلى مأتم وبيت للعزاء نستقبل فيه المعزين والقادمين للاطمئنان على حال المصابين.


حال العروسين
وقع الحدث كان قويا لم يتحمله العريس محمد، فانهار وتحطمت نفسيته ليرقد على سريره مصابا بصدمة عندما أخبر أن والداه كان من بين الشهداء ولم يهدأ حاله إلا بعد أن رآهما مصابين لا قتلى.

أما العروسة رغدة التي أبلغت من والدها ساعة القصف أن تبدل ثوب زفافها الأبيض بثوب العزاء الأسود، لم تعد بعدها تستطع أن تنطق أو تعلق على الحدث وأصبحت الدموع تنطق بحالها بعد أن تحول مكان فرحها إلى عزاء.


مبنى وزارة الداخلية التي استهدفته طائرة حربية من نوع إف 16 (الجزيرة نت)
مبنى وزارة الداخلية التي استهدفته طائرة حربية من نوع إف 16 (الجزيرة نت)

تاريخ يعيد نفسه
في مكان العزاء الذي كان فرحا جلست الحاجة مدللة عبد الجواد شقيقة الشهيدة هنية  تبكي وتتحسر على حال العائلة.

وقالت إن رفيقة دربها الشهيدة هنية ارتقت إلى خالقها بعد أن ارتطم برأسها حجر من الأحجار الكبيرة التي تطايرت بفعل قوة القذيفة الصاروخية التي هدمت مبنى الداخلية المكون من خمسة طوابق.

وأشارت إلى أن مشهد الدماء الغزيرة التي انبجست من رأس الشهيدة على مدخل المنزل لا يفارقها ويبكيها ويحرمها من النوم ويجعلها في حالة يقظة مستمرة على الرغم من انقضاء ثلاثة أيام على استشهادها.

وذكرت الحاجة مدللة للجزيرة نت أن ما تعرضت له العائلة تاريخ يعيد نفسه، مشيرة إلى أن الحادث أعاد إلى ذاكرتها أصعب لحظات طفولتها عندما طاردت العصابات الصهيونية أبناء قريتها السوافير في العام 1948 مما اضطر والدها إلى ترك القرية وقدم إلى غزة للإقامة فيها بعيدا عن المذابح والجرائم الصهيونية.

المصدر : الجزيرة