إسرائيل تتبع سياسة الإنذار المباغت لهدم منازل الفلسطينيين

منزل عمر الملوك الذي استهدفه صاروخ أطلقته طائرة إسرائيلية

أحمد فياض-غزة

في الوقت الذي تتواصل فيه جرائم الاحتلال المستعرة على مناطق قطاع غزة، يلجأ ضباط المخابرات الإسرائيلية إلى الاتصال ببعض المواطنين الفلسطينيين ممن تنوي قوات الاحتلال تدمير منازلهم، بغية إبلاغهم بإخلائها استعدادا لقصفها من قبل الطائرات الحربية.

هذا السلوك الإسرائيلي الجديد، لم يعهده سكان القطاع، منذ اندلاع الانتفاضة في 28 سبتمبر/أيلول عام 2000. فعلى مدار اليومين الماضيين دقت هواتف بعض المواطنين الفلسطينيين الخلوية وتحدث من خلالها ضباط من المخابرات الإسرائيلية يطالبونهم بلهجة عربية ركيكة وبعبارات محددة، بإخلاء منازلهم استعدادا لقصفها خلال دقائق أو ستين دقيقة على أكثر تقدير.

ويقول المواطن عمر المملوك (40 عاما) الذي قصفت طائرة إسرائيلية من نوع أف 16 منزله الواقع في حي الشجاعية إلى الشرق من مدينة غزة إنه كان جالسا في منزله قرابة الساعة 11.30 من مساء يوم الاثنين الماضي، وفجأة رن جرس هاتفه المحمول، وكان المتصل يتحدث من رقم خاص مجهول عرف نفسه بأنه من جيش الدفاع الإسرائيلي وأبلغه بأن عليه إخلاء المنزل لأن طائرات سلاح الجو ستقصفه خلال بضع دقائق.

ويتابع المملوك، "لم يمنحني المتصل فرصة الرد أو التأكد مما قال، واعتقدت للحظة أن المتصل يمزح لكني علمت أن الأمر تكرر مع غيري فأسرعت إلى إخلاء المنزل وأبلغت جيراني بإخلاء منازلهم" خشية تضررهم من القصف.

undefined

كومة من ركام
وأكد المملوك للجزيرة نت أنه لم يمض سوى أقل من نصف ساعة على إخلاء المنزل، وإذا بطائرة حربية إسرائيلية تطلق صاروخا واحدا لتحول المنزل المكون من طابقين إلى كومة ركام، فيما لحقت أضرار فادحة وجزئية في خمسة منازل مجاورة للمنزل المستهدف.

ما جرى مع المواطن المملوك سبق وأن حدث مع الموطن محمد الشيخ ديب قبل 24 ساعة من معسكر الشاطئ الذي يقع إلى الغرب من مدينة غزة، حيث رن جرس هاتفه النقال وأبلغه المتحدث بأنه الضابط "داني" من جهاز المخابرات الإسرائيلية، وطلب منه إخلاء الأطفال والنساء والأثاث إذا أراد, لأن سلاح الجو سيستهدف المنزل خلال مدة أقصاها ساعة واحدة وهو ما حدث بالفعل.

الملاحظ في كلا الحالتين والحالات الأخرى التي رصدتها كاميرا الجزيرة نت، أن القصف والتدمير لم يطل منازل من تم إبلاغهم بل تعداه إلى جميع المنازل الواقعة في محيط هذه المنازل.

"
سياسة تحذير السكان لا تمنح الاحتلال حق التنصل من جرائمه العدوانية ومسؤولياته الجنائية
"
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان

تطهير عرقي
من جانبه اعتبر مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان راجي الصوراني أن سياسة تحذير السكان بضرورة إخلاء منازلهم قبل قصفها، لا تمنح الاحتلال حق التنصل من جرائمه العدوانية ومسؤولياته الجنائية.

وأضاف أن ممارسات الاحتلال تحولت مؤخرا من انتهاج سياسة الأرض المحروقة وتدمير المنازل والمنشآت شمال وشرق قطاع غزة، إلى سياسة التطهير العرقي للسكان في كل مكان، لافتا إلى أن سياسة تبليغ المنازل قبل قصفها تعد رسالة لكل فلسطيني فحواها أنه غير آمن وسيكون عرضة لأي استهداف إسرائيلي عسكري.

وأوضح الصوراني للجزيرة نت أن تقاعس المجتمع الدولي والأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وفشلها في اتخاذ إجراءات فعالة لوقف جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي، تشجع قوات الاحتلال على اقتراف المزيد من جرائم الحرب ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم.

وأشار أيضاً إلى أن الحماية القانونية التي توفرها الولايات المتحدة لإسرائيل وإلى جانبها مؤامرة الصمت التي تمارسها الدول الأوروبية اتجاه الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين، تضع تل أبيب فوق طائلة القانون الدولي الإنساني، وتدفع قواتها نحو الاستمرار بجرائمها بحق المدنيين الفلسطينيين وتعريضهم للهلاك.
ـــــــــــ
مراسل الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة