حتى مغادرة الأميركيين.. الفرات فاصل بين المتحاربين بسوريا

A view shows part of Tabqa Dam on the Euphrates river, near Raqqa, Syria July 16, 2018. Picture taken July 16, 2018. REUTERS/Rodi Said
مشهد جزئي من سد الطبقة على الفرات في يوليو/تموز الماضي (رويترز)

سيظل نهر الفرات يفصل بين القوى المتصارعة في شمال شرق سوريا إلى أن تغادر القوات الأميركية، ولا يعلم أحد متى يعود سكان الفرات للعيش معا مرة أخرى.

ففي شرق النهر قرب الحدود التركية ترابط مليشيات الأكراد التي تدعمها القوات الأميركية، وعلى الضفة الغربية ترابط قوات عربية معارضة تدعمها تركيا.

وأكبر البلدات في تلك المنطقة هي "زور مغار" التي ظل سكانها المزارعون يعتمدون على مياه النهر لآلاف السنين، يروون حقول القمح والباذنجان ودوار الشمس وينظمون رحلاتهم الأسرية على ضفتيه ويقوم أطفالها الكبار بتعليم الصغار السباحة في النهر.

لكن وبعد سبع سنوات من الحرب، أصبح النهر -المسافر من الشمال إلى الجنوب- جهة معادية تفصل بين الأطراف المتحاربة، وهجر أهالي زور مغار بلدتهم بعد أن حُرموا حتى من مياه الفرات تاركين منازلهم الطينية وحقولهم دون زراعة.

منبج
وعلى طول الفرات الذي كان جزءا من الهلال الخصيب أحد مراكز الحضارة القديمة، تجد الأرض القفر ببلداتها الخالية من السكان ومصانعها الفارغة. وإلى الجنوب والغرب من زور مغار نجد مدينة منبج التي يسيطر عليها الأكراد والقوات الأميركية. 

ويمضي مراسل نيويورك تايمز في وصفه للوضع الذي آلت إليه منطقة الفرات بسوريا، قائلا إن هذا النهر -في الوقت الذي كان فيه الرئيس السوري يركز جهوده على هزيمة المعارضة في جنوب البلاد وشمالها- قد أصبح نقطة التصادم بين القوى الدولية وحلفائها المحليين الذين يحاربون من أجل النفوذ شرق سوريا.

دير الزور في قبضة النظام السوري(الجزيرة)
دير الزور في قبضة النظام السوري(الجزيرة)

وفي جنوب الفرات نجد القوات السورية تدعمها روسيا وإيران، أما تنظيم الدولة فلا يزال يسيطر على جيب على طول النهر بالقرب من الحدود مع العراق.

خوف من المغادرة
ويتصف هذا التقسيم بالاستقرار حتى الآن لأنه لا توجد حاليا أي قوة هناك ترغب في مجابهة القوات الأميركية التي يبلغ قوامها ألفي جندي، وتسيطر مقاتلاتها على الأجواء.

ورغم أن العالم كله قد قبل باستمرار الأسد في حكم سوريا، فإن المواجهات والأرض المنقسمة على طول الفرات تثير الشكوك حول قدرته على إعادة سوريا إلى وحدتها مرة أخرى.

والسؤال الذي يدور في جميع الأذهان حاليا هناك هو: إلى متى ستبقى القوات الأميركية بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه يرغب في سحب قواته؟ وإذا نفذ ترامب ما أعلنه، فإن حلفاءه الأكراد يخشون من حدوث الأسوأ والفوضى الكاملة في المنطقة لأن مجرد وجود القوات الأميركية يبعث برسالة إلى النظام السوري وإلى الأتراك بعدم التدخل.

سد الطبقة
وإلى الجنوب من منبج يوجد سد الطبقة الذي بناه السوفيات عام 1973 لتتشكل أكبر مساحة من المياه بسوريا في ما يُسمى بحيرة الأسد، حيث يتم توليد الكهرباء التي تتزود بها معظم مناطق سوريا.

وكان سد الطبقة تحت إدارة تنظيم الدولة لسنوات، وبعد أن تراجع التنظيم عن تلك المنطقة قام بتدمير "توربينات" السد. والآن عاد العمل بالسد جزئيا بتشغيل ثلاثة "توربينات" من ثمانية فيه. ويشهد هذا السد وإعادة العمل به على التعاون النادر بين أطراف الصراع السوري.

الرقة ودير الزور
وإلى الجنوب من منقطة سد طبقة نجد الرقة التي أصبحت عاصمة لـ"دولة الخلافة" خلال السنوات الماضية بعد أن كانت المركز التجاري للمنطقة التي تُعتبر سلة غذاء سوريا، والآن أصبحت مدينة من الخرائب، بعد أن دمرت الحرب ثلثي مبانيها.

وعلى الفرات جنوب الرقة نجد دير الزور التي تسيطر عليها الحكومة، وهي أكبر المدن السورية على الفرات، لكن الجسر الذي يربط بينها وبين أحيائها شرق النهر قد دُمر.

وسيطر الأكراد وحلفاؤهم العرب والأميركيون على شرق المدينة بعد أن أقاموا قواعد داخل حقول النفط والغاز بالمنطقة، لمنع الحكومة السورية وداعميها الروس والإيرانيين من استعادتها.

المصدر : نيويورك تايمز