سؤال في الغرب.. أين اختفت الرجولة؟

أزمة رجولة بالغرب
الباحثون يدقون ناقوس خطر أزمة غير مسبوقة للرجولة بالبلدان الغربية (لوفيغارو)

بدأ بعض الباحثين يدقون ناقوس خطر أزمة غير مسبوقة للرجولة بالبلدان الغربية، تجلت في تراجع المستوى التعليمي للذكور بالمدارس، وانتشار ثقافة غياب الرشد والنكد الجنسي (أي ما يمنع إقامة علاقة جنسية جيدة).

وهو ما يرجعه الكثير من الباحثين إلى الثورة النسوية في ضوء الحملات المناهضة للتحرش والمطالبة بمساواة الجنسين في الرواتب والحقوق والواجبات.

صحيفة لوفيغارو الفرنسية سلطت الضوء على هذه الظاهرة في تحقيق للكاتبة إيجني باستيي، حيث استطردت فيه ما جاء في بعض الدراسات والمحاضرات والمواقع حول هذه الظاهرة.

ففي 21 مايو /أيار الماضي نظمت الصحفية الفرنسية المتخصصة في التعليم ناتاشا بولوني طاولة مستديرة في مسرح دو لوفير بباريس تحت عنوان "هل الرجولة في طور الانقراض؟" وذلك بحضور الباحثة أوليفيا غازالي، مؤلفة كتاب "أسطورة الفحولة" والكاتبة فيجيري ساستري والطبيب النفسي جان-فرانسوا بيتوت.

أوليفيا غازالي عبرت عن أسفها و"شفقتها على هؤلاء الرجال الذين أجبروا على الاعتذار عن كونهم رجالا"، أما الفيلسوف الفرنسي فرانسوا غوشي، الذي خصص ملف العدد 200 من دورية "ديبا" (الحوار) لهذه الظاهرة؛ فإنه علق عليها قائلا "لا يمكن أن نظل غير مبالين بالتغيير الأنثروبولوجي الذي يتم أمام أعيننا: المكان الجديد المخصص للرجال، في عالم لم يعد يبرز فيه ما يدل على أي فصل بين الجنسين".

فاهتمام الجمهور يركز بشكل طبيعي على تمكين المرأة على جميع المستويات، أو على ما تعانيه من عدم المساواة، لكن كيف يمكن ألا تؤثر هذه "الثورة الأنثوية" على الجنس الآخر؟ إن التحول ليس أقل أهمية في هذا الجانب"، على حد تعبير غوشي.

الفحولة الملتوية
وتتفق الكاتبة بمجلة لوبوان الفرنسية لاتيتا ستراوتش بونار مع هذا الطرح في كتابها "هل عفا الزمن على الرجال؟" والذي تشخص فيه تراجع ترتيب الرجال، مستعينة بالعديد من الدراسات، وقد روت في هذا الكتاب قصة "الجنس الذي فقد صلاحياته، وفقد سبب وجوده".

فالمرأة استفادت كثيرا من اقتصاد المعرفة، والواقع أن الرجال فقدوا سيطرتهم على الإنجاب وأصبحوا في ذيل الترتيب بالفصول الدراسية، هذا في الوقت الذي لم تعد فيه القوة البدنية التي كانت من اختصاصهم ذات فائدة اجتماعية تذكر.

وتلاحظ اختصاصية علم الجنس تيريزا آرغو أن الرجال أصبحوا منكبين على الأفلام الإباحية، كما تزايدت الخيانة الزوجية بين النساء، "فالكثيرات منهن لم يعدن يرغبن في أزواجهن لأنهم فقدوا فحولتهم".

وشجبت الكاتبة نانسي هوستون بعض المفارقات التي ميزت هذه الظاهرة تحت ما أسمته "الفحولة الملتوية"؛ إذ تقول للوفيغارو "أعتقد بأننا نطلب المستحيل من الرجال في آن واحد، يطلب منهم أن يكونوا أقوياء وضعفاء وقساة ومتفهمين، وجلادين وعديمي الرحمة في عالم العمل، ولطفاء مثل الحملان عندما يكونون بالمنزل".

ويلاحظ المربي مارتين دكيسر في مقال له بدورية "ديبا" تأخر الرجل الغربي في دخول سن الرشد، حيث يقول "إن الدخول إلى حياة البالغين غدا أكثر صعوبة بالنسبة للشباب مقارنة بالشابات".

فهم يتقوقعون على أنفسهم في ثقافة مراهقة تطبعها العبثية الممنهجة، ويعبرون عنها بشكل رئيسي على الإنترنت أو عبر ألعاب الفيديو، إنهم يميلون إلى الفرار من الواقع، تاركين مسؤولية إدارة العالم للنساء خاصة الأمهات، حسب الكاتب.

وختمت إيجني باستيي مقالها المطول بطرح الأسئلة التالية: أليس هذا مدعاة للقلق؟ هل أزمة الرجولة الغربية مجرد نسخة زلزالية من الثورة الجنسية، المحكوم عليها بالموت من تلقاء نفسها، أم أن علينا أن نخشى من رد فعل عنيف يتجلى في تمجيد الرجولة في صورتها البدائية؟

المصدر : لوفيغارو