فورين بوليسي: الغرب ترك ليبيا لتمزّق نفسها

تقلبات السيطرة العسكرية على الهلال النفطي في ليبيا
تقلبات السيطرة العسكرية على الهلال النفطي في ليبيا (الجزيرة)

الدول الغربية تركت ليبيا لتمزّق نفسها، وذلك بالسماح بالدعوة لإجراء انتخابات في غياب مؤسسات مستقرة في الوقت الذي تحتدم فيه المنافسة من أجل النفوذ الدبلوماسي والاقتصادي، الأمر الذي لا يعيد بناء البلاد بل يقودها للدمار.

ذكرت ذلك مجلة فورين بوليسي الأميركية في مقال للكاتب جاسون باك، الذي أشار إلى أنه ومنذ 2011 نشبت تسع حروب حول "هلال النفط" الإستراتيجي ومرافقه الحيوية في سدرة ورأس لانوف.

وقال الكاتب إن غالبية القوى السياسية والقبلية والمليشيات الليبية الرئيسية قد شاركت في الصراع حول النفط.

ويضيف أن حديث الحكومات الغربية الفضفاض الأخير عن الانتخابات كان سببا رئيسيا في إثارة الرغبة في الصراع بعد عام من الهدوء، حتى بعد تأكيد الدراسات الأكاديمية أن إجراء انتخابات في غياب مؤسسات قوية سيتسبب في تفاقم الصراع بدلا من المساهمة في إيجاد حل له.

وأوضح أن المؤسسات القوية مطلوبة لتحديد ما سيحصل عليه الفائز في الانتخابات والحماية التي سيحصل عليها الخاسر.

أميركا وبريطانيا
ويقول الكاتب إن أميركا وبريطانيا وروسيا "لا ترغب في الهيمنة على ليبيا"، أما فرنسا وإيطاليا وطيف من الدول الأقل قوة التي لها علاقة بالصراع الليبي فلديها أسبابها الجيوإستراتيجية للضغط بأكبر من وزنها للهيمنة على هذا الملف.

وأشار إلى استضافة فرنسا مؤتمرا كبيرا حول ليبيا في يوليو/تموز الماضي، وإلى تخلي المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة في مايو/أيار الماضي، وبدعم من فرنسا، عن خريطة الطريق السابقة التي أعدها متجاوزا مرحلتين كانت الأمم المتحدة تقول إنهما ضروريتان للإعداد للانتخابات، وهما تعديل الاتفاق السياسي الليبي لعام 2015 وعقد مؤتمر وطني جامع.

وتجاهلت فرنسا والأمم المتحدة وضع قواعد اللعبة أو الإطار القانوني الذي يحكم هذه الانتخابات، ولا يوجد في ليبيا أو العواصم العالمية من يعلم ما إذا كان هذه الانتخابات برلمانية أم رئاسية، ولا ما تم تنفيذه بشأن مسودة الدستور التي تنتظر الاستفتاء عليها.

فرنسا ومصر والإمارات
ولم تحاول فرنسا توضيح هذا الغموض أو تقديم نفسها وسيطا نزيها، بل خلقت علاقات وثيقة مع الجنرال خليفة حفتر، الأمر الذي جعلها الدولة الغربية الوحيدة التي تنسجم سياستها حول ليبيا مع سياسة مصر ودولة الإمارات وروسيا.

وأثارت سياسة فرنسا غضب كل من بريطانيا وأميركا وإيطاليا التي لم يتم تبليغها حتى بتنظيم باريس مؤتمرا لليبيين في مارس/آذار الماضي إلا بعد الإعلان عنه في وسائل الإعلام.

وكان الإيطاليون، الذين نظموا مؤتمرا آخر لليبيين في سبتمبر/أيلول المنصرم، أكثر غضبا من غيرهم.

توتر بين فرنسا وإيطاليا
وقال باك إن من المفهوم أن تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي الليبية بالمزاعم القائلة بأن أعمال العنف الراهنة في الهلال النفطي هي نتيجة مباشرة للتوتر بين فرنسا وإيطاليا.

كما أن أميركا وبريطانيا، اللتين كان يجب عليهما وضع خطة حازمة لحماية البنية التحتية للنفط الليبي وتحذير كل من يهددها بعواقب وخيمة، لم تفعلا ذلك، مؤكدا أنهما لو فعلتا لتوقفت دورات القتال المتكررة المدمرة.

واختتم باك مقاله بالقول إن الدبلوماسيين الأميركيين والبريطانيين المخضرمين يجب أن يتوقفوا عن الكلام "الرخيص" حول الديمقراطية والانتخابات ليحاولوا فرض قواعد اللعبة تصحيحا لذهنية الغلبة الصفرية واحتكار السلطة والنفوذ في ليبيا. 

المصدر : فورين بوليسي