هل يستطيع الأسد تنفيذ هجمات كيميائية جديدة؟

لئن كانت واشنطن وباريس ولندن تتبجح بأنها حققت "نجاحا عملياتيا" بسوريا، فإن ثمة من يشكك في ذلك ويرى ضرورة التفريق بين المآرب السياسية والنصر الميداني. فهل فعلا شلت ضربات هذه الدول قدرة النظام السوري على تنفيذ المزيد من الهجمات الكيميائية ضد مناطق المعارضة؟

هذا ما استبعده الخبير في مؤسسة البحث الإستراتيجي الفرنسية أوليفيي ليبيك، أولا لأن النظام السوري كان يعرف -قبل ساعات من القصف الثلاثي- الأهداف التي سيطالها، و"من غير المحتمل أن يكون قد ترك موقعا لم يخله كليا أو جزئيا من ترسانته".

ثانيا لأن ﻣﻌﻈﻢ الهجمات الكيميائية التي نفذها نظام الأسد منذ بدء الصراع كانت باستخدام غاز الكلور الذي لا يوجد ضمن قائمة المواد المحظورة من طرف المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية، ولا يعتبر سوى عنصر صناعي سام ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻮﻳﻠﻪ إﻟﻰ ﺳﻼح كيميائي بدائي، كما أنه متوفر في المحلات التجارية، ولذلك لا يمكن حظره على الدول فضلا عن تدمير جميع مخزونه في بلد ما.

الردع الدبلوماسي
وعليه فإن النظام السوري قادر على شن هجمات كيميائية جديدة ولا يمكن أن يمنعه من ذلك إلا الردع الدبلوماسي، بحسب ليبيك الذي كان يتحدث في مقابلة مع صحيفة لوموند الفرنسية.

ويضيف الخبير الإستراتيجي أن ذلك قد ينفذ بكل بساطة باستخدام غاز الكلور الذي لا يتطلب سوى موازنة للجرعات.

أما ما يتعلق بالعناصر السامة الأخرى وبالذات غاز الأعصاب (السارين)، فإن الباحث يؤكد أن سوريا رغم التزامها بتدمير مخزونها منه تحت مراقبة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عام 2014، فإنها ما زالت تحتفظ بجزء من ذلك المخزون، وهو ما دل عليه استخدامها لهذا الغاز بعد عام 2014، خاصة في مدينة خان شيخون في أبريل/نيسان 2017.

وأضاف أن أجهزة المخابرات تقدر ما تبقى لدى سوريا من مخزون هذا الغاز بثلاثين طنا، لا يُعرف بالتحديد مكان وجودها، مشيرا إلى أن جزءا منها ربما تأثر بالضربات الغربية.

غير أن ليبيك لفت إلى أن عشرات الليترات من غاز السارين تكفي لإحداث أضرار جمة بين المدنيين، مستبعدا أن تكون قدرة النظام السوري على استخدامه من جديد قد شلت.

من ناحية أخرى استغرب الباحث تشكيك البعض في أن الضربات الغربية طالت مخزونات كيميائية لأن القصف لم يحدث "غيمة سامة"، قائلا إن ذلك "لي لعنق الحقيقة" مؤكدا أنه لا يخرج عن "القائمة الطويلة لأوهام التآمر التي يزخر بها الملف السوري".

وأضاف أن ما "نتحدث عنه هنا هو عناصر هشة للغاية وشديدة الحساسية لدرجات الحرارة المرتفعة، فما بالك بالحرارة الهائلة الناتجة عن انفجار الصواريخ المدمرة".

المصدر : لوموند