لماذا خرج الزعيم كيم من عزلته؟

زعيم كوريا الشمالية يبعث من بكين رسائل تهدئة لواشنطن
كيم في أول زيارة خارجية مع الرئيس الصيني ببكين (رويترز)

قالت "فايننشال تايمز" إن كثيرا من التحليلات ذهبت إلى أن السبب وراء زيارة الزعيم الكوري الشمالي إلى بكين الأخيرة هو الاستعداد للقاء القمة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، متجاهلة تحليلات أخرى لا تقل أهمية تؤكد إحكام كيم جونغ أون قبضته على السلطة.

وأوضحت الصحيفة في تقرير أن كيم -الذي يحكم بلدا له جيش قوامه مليون جندي ويدير برنامجا للتسلح النووي- كان يخاف طوال السنوات الماضية من انقلاب جنرالاته عليه أو انقضاض قوة خارجية على نظامه لتقضي عليه.

لكن هذه الأفكار قد تهاوت الأسبوع الماضي بالزيارة التي قام بها كيم إلى بكين، لتسجل لتغيير كبير في الطريقة التي يحكم بها الزعيم الكوري الشمالي بعد أن أحكم قبضته بما يكفي لمغادرة بلاده لعدة أيام.

وكان كيم قد اتبع إستراتيجية ثلاثية الأهداف: تمتين قبضته على السلطة، قمع سياسي للنخبة المدنية والعسكرية، تحرير اقتصادي يبدأ من قاعدة المجتمع يتزامن مع تطوير لا ينقطع للبرنامج النووي.

تحقيق النتائج المطلوبة
وقد حققت سياسات كيم هذه النتائج المطلوبة بحصوله على التأييد الواسع من عامة الشعب، وإحكام قبضته على الجيش، وإسكات أي صوت معارض إلى درجة تغيير سبعة وزراء دفاع خلال سنوات حكمه الست واغتيال أخيه غير الشقيق في ماليزيا العام الماضي، أما تطوير برنامجه النووي والصاروخي فتشهد عليه التجارب المعلنة للعالم كله.

وقالت فايننشال تايمز إن هذه التطورات مهمة للغاية بالنسبة للدبلوماسية في المنطقة. فالزعيم الكوري الشمالي يشعر حاليا بأنه على استعداد للسعي وراء سياسات خارجية طموحة مثل القمة مع ترمب، ولقاء غريمه الرئيس الجنوبي.

ومثلما كان الوضع في الصين الماوية، رسخ كيم شخصيته فوق الصراع بين فئات الكوريين وأصبحت يُعرض في وسائل إعلام الدولة بابتسامة عريضة أو يظهر منخرطا في أنشطة هامشية أو غير جادة مع صغار الجنود أو عامة الناس.

رضاء شعبي
وأهم من كل ذلك سمعته حيث شهدت البلاد فترة من الهدوء والإصلاح الاقتصادي المتدرج بالسماح بانتشار الأسواق والشركات الخاصة والتي قادت إلى زيادة في مستوى الأجور والمعيشة، وبلغت نسبة نمو الناتج الإجمالي المحلي 4% عام 2016، كما أن دراسة بالجامعة الوطنية في سول قد انتهت إلى أن مستوى الرضا الداخلي عن الرئيس كيم إيجابي بشكل عام.

وأشارت الصحيفة إلى أنه من غير المحتمل أن يتخلى كيم عن برنامج التسلح النووي كما يعتقد بعض المحللين، لأن هذا البرنامج هو الذي يمنحه الدعم الهائل لدى إقدامه على لقاء قادة كوريا الجنوبية أو أميركا أو حتى الصين نفسها، قائلة إنه وبدلا عن ذلك من الممكن أن يوافق على تجميد هذا البرنامج.

ومن الأفكار اللافتة للانتباه في التقرير قول كيم إن كثيرا من المراقبين يعتقدون أن الدافع الوحيد للنظام في كوريا الشمالية للتمسك بالبرنامج النووي وتطوير الاقتصاد هو نجاة الزعيم "الذي يرغب في الموت موتا طبيعيا بعد عمر طويل".

ويعتقد كيم حاليا أن لديه رادعا كافيا ضد أي هجوم أميركي يستهدف أمنه الشخصي.

المصدر : فايننشال تايمز