هل تنجرف إسرائيل نحو حرب مع إيران بسوريا؟

An Israeli F16 fighter jet takes off during a joint international aerial training exercise hosted by Israel and dubbed
رويترز

الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الأسبوع الماضي من إسقاط إسرائيل طائرة مسيرة تتهم الإيرانيين بإطلاقها، ومن ردها على ذلك بقصف مواقع إيرانية في سوريا، وما تلا ذلك من إسقاط المضادات الأرضية السورية لإحدى الطائرات العسكرية الإسرائيلية، أثار المخاوف من تصعيد إقليمي لا يمكن التنبؤ بعواقبه.

وفي هذا الإطار، تنقل "لوموند" الفرنسية عن المدير بوزارة الاستخبارات الإسرائيلية شاغاي تزرويل تعبيره عن ارتياحه بعد أن أدرك الجميع أهمية التحذيرات التي ما فتئ يكررها منذ العام الماضي حول "المخاطر" التي يشكلها الوجود الإيراني في سوريا.

ويرى تزرويل أن سوريا على مفترق طرق، بعد أن دخلت وفقا لرغبات إيران إلى "منطقة رمادية" بعد حربها على تنظيم الدولة الإسلامية، وقبل بداية إعادة الإعمار، لذا يجب أن تقف إسرائيل في وجه إيران بشكل لا هوادة فيه، خاصة وأن طهران بدأت تزيل القناع شيئا فشيئا عن وجودها في سوريا.

ويتساءل الخبراء -على سبيل المثال- عن الغرض من الطائرة بدون طيار. هل كانت مهمة استطلاع أو استفزازا أو طعما أطلقه الإيرانيون لرصد رد الفعل الإسرائيلي؟

ومهما يكن فإن تزرويل لا يرى أن شيئا قد تغير، إذ أننا "سنواصل القيام بما يلزم لفرض خطوطنا الحمراء، وإذا تجاهلنا أي انتهاك يقوم به الإيرانيون، فنحن ننفذ إستراتيجيتهم، ونلعب لعبتهم ".

وهذه الخطوط الحمر التي أوضحها الإسرائيليون للروس وهي: لا لمليشيات شيعية على الجانب الآخر من مرتفعات الجولان والمنطقة الحدودية، ولا لميناء أو مطار إيراني بسوريا، ولا لمصنع صواريخ عالي الدقة في يد حزب الله اللبناني.

وهذا لا يعني بالضرورة -وفق الرئيس السابق لمجلس الأمن الإسرائيلي ياكوف اميدورور- أن تل أبيب تنسق في عملياتها بسوريا مع الروس "بل إننا لا نطلب الإذن منهم للقيام بما نريد، ولكننا نوضح لهم مسبقا منطق سياستنا، وهم لا يوافقون عليها، ولكنهم يتفهمون موقفنا، وهذا أحد مظاهر نجاح دبلوماسيتنا".

بيد أن تزرويل دعا كذلك إلى مشاركة الولايات المتحدة بقوة أكبر في هذه المعركة لأنها "معركة حاسمة، ويجب على كل من يصرون على مواجهة إيران بالشرق الأوسط أن يفهموا أن الحملة يجب أن تبدأ أولا في سوريا".

فما البديل عن مواجهة خطر التصعيد ومنع إيران من الحصول على منصات لإطلاق الصواريخ ونقل التكنولوجيا لحزب الله، يجيب اميدورور "سيكون أمرا مخيفا لا يمكن تخيله وهو منح طهران ضوءا أخضر يجعلنا عاجزين بعد ذلك عن الدفاع عن أنفسنا".

المواجهة المباشرة
وهذا ما جعل الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي سيما شاين تذهب إلى الاعتقاد بأن تل أبيب دخلت مرحلة من المواجهة المباشرة مع إيران في سوريا.

ولكن -وفق ما ذكرته هذه المسؤولة السابقة في الموساد– فإن "توقيت الأحداث لا يلعب في صالح طهران بسبب الحركات الاحتجاجية المحلية، وكذلك جهود الأوروبيين خاصة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإقناع واشنطن بالإبقاء على الاتفاق النووي" وسيسلط تصعيد السبت الضوءَ على احتمال زعزعة إيران للاستقرار في سوريا والمنطقة ككل.

وترى "لوموند" بافتتاحيتها أن التحذيرات التي وجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجب أن تؤخذ مأخذ الجد خصوصا أنه يتخبط في قضايا داخلية ولا يريد أن يظهر بمظهر الضعيف، كما ينبغي لإسرائيل أن تعيد مصداقية ردعها الجوي بعد أن فقدت طائرة لأول مرة منذ 35 عاما، وبعد أن تبجح النظام السوري بأن هذه هي "نهاية أسطورة التفوق الجوي الإسرائيلي".

غير أنه -من وجهة نظر السلطات الإسرائيلية- يشكل "تجذر" إيران في سوريا تحديا أمنيا كبيرا للغاية ينبغي التعامل معه بكل حزم.

ففي الوقت الراهن، يبدو أن كل الأطراف تريد اختبار خصمها لكن خطر الانزلاق يظل أمرا محتملا، فتخيل مثلا ما كان سيحدث لو سقطت الطائرة الإسرائيلية بالأراضي السورية، وتم القبض على الطيارين، على حد تعبير "لوموند".

المصدر : لوموند