الكونفدنسيال: السترات الصفراء حركة بلا قيادة تمثل المجتمع الفرنسي بكامله

blogs احتجاجات السترات الصفراء
أحد المشاهد من احتجاجات السترات الصفراء

تواجه الحكومة الفرنسية مشاكل جدية وكبرى في التفاوض مع أصحاب السترات الصفراء، وهي المجموعة التي لا يتولى قيادتها أطراف واضحة أو تتبنى أيديولوجية محددة. ورغم التنوع الذي يميّز أفراد المجموعة، فإنه توجد نقاط مشتركة تجمعهم.

وقالت مراسلة صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية في باريس باولا روساس إن عملية تحديد هوية حركة أصحاب السترات الصفراء صعبة نوعا ما. وعلى الأقل، لا يمكن تحديد تعريف يمثل جميع مكونات هذه الحركة. وبشكل رئيسي، تمثل الحركة الطبقة الوسطى في فرنسا، لكن لا يمكن حصر مكوناتها في هذه الطبقة، فهي تشمل جميع مكونات المجتمع.

وأضافت الكاتبة أن جميع الأطياف السياسية من اليمين إلى اليسار ممثلة في الحركة، نظرا لنجاحها في بلورة استياء جميع الأطراف التي تشعر بالإحباط بسبب حالة عدم المساواة المتنامية بالمجتمع وتدهور الوضع المعيشي.

كيف نشأت الحركة؟
وأوردت الكاتبة أن حركة السترات الصفراء هي ردة فعل على الزيادة الضريبية الجديدة على الوقود التي أعلنتها حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ويتمثل الهدف المعلن من هذه الزيادة في الحد من استخدام الوقود الأحفوري، الذي أعلنه ماكرون في وقت سابق في برنامجه السياسي للانتقال نحو طاقة أنظف بفرنسا.

ونقلت الكاتبة أن المواصلات العامة تسجل حضورا ضعيفا في المناطق الريفية في فرنسا، الأمر الذي يجعل من استخدام السيارة في الحياة اليومية أمرا ضروريا. ولا تعد هذه الزيادة الضريبية على الوقود في صالح "مساندي حركة السترات الصفراء" الذي ليسوا على استعداد لتحمّل تكلفة "الطاقة النظيفة" والانتقال إلى "سياسات صديقة للبيئة" بمفردهم.

وأوردت الكاتبة أن أصحاب السترات الصفراء يعتبرون أن اعتماد المجموعة التي ينتمون إليها على السيارة أصبح المنفذ الذي لا تكف الحكومة الفرنسية عن استغلاله لصالحها.

كما يعتبرون أنه من السهل سن تشريعات مشابهة لزيادة الضريبة على الوقود انطلاقا من باريس، التي تغطي فيها شبكة القطار كامل المناطق، ولن يدفع تكلفة الزيادات المتتالية في أسعار الوقود إلا أفراد أمثالهم يعانون من ندرة وسائل النقل العمومية في المناطق التي يعيشون فيها.

وأشارت إلى أن الحركة بدأت نشر عريضة إلكترونية على موقع "شينغ دوت أورغ" للمطالبة بتخفيض سعر المحروقات. ومن هنا، ظهرت مجموعات على موقع فيسبوك وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي لتأييد المطالب، وانتهى الأمر بتنظيم ثلاث مظاهرات كبرى شارك فيها عدد كبير من أصحاب السترات الصفراء.

من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، حاولت جميع الأحزاب السياسية المعارضة الاستفادة من حركة السترات الصفراء،

ما مطالبهم؟
أشارت الكاتبة إلى أن مطالب أصحاب السترات الصفراء تغيرت مع تقدم الوقت. وبعد أن احتجوا ضد زيادة الضرائب على الوقود فقط، ثار الفرنسيون ضد تراجع القدرة الشرائية. وفي وقت لاحق، قدم أفراد المجموعة وثيقة للصحافة تشير إلى كامل مطالبهم وكانت في حدود 42 مطلبا.

وذكرت الكاتبة أن هذه المطالب تنوعت وشملت شتى المجالات والقطاعات، فقد تضمنت إنهاء سياسة التقشف، وزيادة الحد الأدنى للأجور، والحد من الضرائب وتحسين الخدمات الاجتماعية، كما شملت قطاعات التعليم والنقل وغيرها من الخدمات بالمناطق الريفية.

وبينت الكاتبة أن غياب التنظيم بين صفوف أفراد الحركة أصبح بمثابة الكابوس بالنسبة للحكومة الفرنسية في ظل غياب محاور واضح ومطالب محددة للتفاوض حولها.

ما موقف المعارضة الفرنسية؟
من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، حاولت جميع الأحزاب السياسية المعارضة الاستفادة من حركة السترات الصفراء، لكن مع ضمان عدم ظهورهم في الصورة. وفي ظل شلل الحكومة سارعت المعارضة بتقديم الحلول الخاصة بها لمعالجة الأزمة. وفي ظل تعدد حلول المعارضة، أكدت جميع الأحزاب الممثلة لها أنها تحمل المطالب نفسها التي تدافع عنها السترات الصفراء.

وفي هذا الصدد، تعد التصريحات الصادرة عن ممثلي المعارضة مثيرة للاهتمام، وعلى رأسها تصريح السياسي جان لوك ميلانشون، الذي أكد أن برنامجه الانتخابي ومطالب المتظاهرين ليست مختلفة كثيرا في محتواها. 

وتساءلت الكاتبة: في ظل الدعم الشعبي الهائل للحركة الذي وصل إلى حدود 75% وفقا لآخر الإحصاءات، كيف لا يمكن للأحزاب السعي للاستفادة من الحركة واحتجاجاتها؟

المصدر : الصحافة الإسبانية