عندما كان نبي الإسلام بطل أوروبا

A sign that reads
في إسبانيا امرأة تحمل لافتة كتب عليها "الإسلام يساوي السلام" (رويترز)

ظل محمد صلى الله عليه وسلم مصدر إثارة وإعجاب للأوروبيين منذ القرون الوسطى، يصورونه في كتبهم كما يشاء لهم موقفهم من الإسلام، ولكنه حاضر دائما في ثقافتهم وإنتاجهم الفكري.

ورغم الصور المشوهة التي وضعها من رأوا في الإسلام نقيضا للمسيحية في تلك العصور، فقد كان ينظر إلى محمد صلى الله عليه وسلم في عصر الأنوار على أنه رجل نموذجي إصلاحي منفتح.

ولعل عبارة القس الأسكتلندي المستشرق مونتغومري وات ذات دلالة في هذا السياق، حيث يقول "من بين جميع الرجال العظام في العالم أجمع كان محمد صلى الله عليه وسلم أكثرهم مناوئين على الإطلاق".

ولكن هل يفسر كلامه هنا هذا الصدام الحضاري الواقع بين الشرق والغرب منذ القرن السابع (تاريخ الانفصام الكبير الذي حدث في عالم البحر الأبيض المتوسط والذي قسمه إلى جزأين، جزء مسيحي وجزء إسلامي)؟

ولفهم هذه الحقيقة تجدر قراءة كتاب المؤرخ جون تولار "محمد الأوروبي" الذي نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية ملخصا له في عددها الصادر اليوم.

ففي هذا الكتاب تبدو الأمور أكثر تعقيدا في الغرب، خاصة في فرنسا، إذ لم تكن صورة محمد صلى الله عليه وسلم سلبية كليا، بل كانت تتغير حسب الظروف السياسية والاجتماعية إلى درجة أن نبي الإسلام والإسلام نفسه أصبحا جزءا لا يتجزأ من الثقافة الأوروبية كما يزعم الكاتب.

وهنا يجب ألا نخلص إلى أن ماضي أوروبا الإسلامي هو بدرجة ماضيها المسيحي، لكن الكاتب يريد أن يلفت الانتباه إلى أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يشغل الكتاب الغربيين، سواء المسيحيون منهم أو العلمانيون.

مسيح دجال أو رجل عظيم
حسب الكاتب، تطورت صورة محمد صلى الله عليه وسلم من مسيح دجال في عهد الصليبين إلى صورة أحسن في عهد النهضة عندما قام فرانسوا الأول بعقد تحالف مع الأتراك ضد إمبراطورية هاسبورغ، لكن تحسن صورة محمد صلى الله عليه وسلم الملموس لم يلحظ فعلا إلا ابتداء من القرن الـ17 حين اعتبره الغرب رجلا إصلاحيا نموذجيا ومنفتحا حارب سلطة الكنيسة، لذا مدحه فولتير وجيبون رغم اتخاذ الأول نقده للرسول الكريم ستارا لمدحه، وقد أطراه مدحا كذلك كل من الكونت بنيفي وغوته ونابليون ولامارتين، وأبدوا إعجابا كبيرا به.

ورأى مؤلف الكتاب أن هذه النظرة الإيجابية لدى كتاب عهد الأنوار لمحمد صلى الله عليه وسلم تختلف كثيرا عن النظرة التي نجدها اليوم لدى السلفيين والإخوان المسلمين.

وقد أهمل الكاتب المقاربة بين النظرتين، مما يعد قصورا في كتابه، خاصة في البابين العشرين والـ21، حيث يظهر وكأنه يشاطر ماسنيوه ووات وكونغ رؤيتهما الوهمية على غرار الفاتيكان 2 التي تؤمن بحوار الأديان بل وبإمكانية تشكيل دين جديد واحد وموحد.

المصدر : لوفيغارو