السعودية سعت لاستضافة مكتب لطالبان قبل الدوحة
وكانت فكرة أنس -الذي سينشر قريبا كتابا بعنوان "الجبال.. حياتي في الجهاد الأفغاني"- لبدء العملية بسلسلة من الزيارات قام بها إلى أفغانستان ثم إلى السعودية في الفترة من 2006 إلى 2008، وأيضا بعض الجولات في الإمارات.
مع الأمير مقرن
وخلال تلك الفترة (من 2006 إلى 2008) شارك أنس بنشاط في دعم وتنسيق ضمن مهام الوساطة بين الأطراف الأفغانية شملت ليس فقط رئيس أفغانستان آنذاك حامد كرزاي، ولكن أيضا للأمير مقرن بن عبد العزيز الذي كان في ذلك الوقت المدير العام للمخابرات السعودية، وأخيرا الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز.
وشارك مع والد زوجته الدكتور عبد الله عزام في تأسيس مكتب الخدمات الأفغاني مع أسامة بن لادن. وقد أتاحت وزارة الدفاع السعودية الأموال لتجنيد المجاهدين الأجانب للحرب ضد السوفيات.
أبواب الرياض ودبي
طرحت فكرة باكستان وإيران مكانين محتملين للمحادثات باعتبارهما بلدين جارين، ولكن في المقابل تبقى لديهما أجندتهما الخاصة، ومن هذا المنطلق -كما يقول أنس- وجد نفسه يطرق أبواب السعوديين، وكانت أول زيارة له هناك في مايو/أيار2007.
بدأ أنس المسار السعودي مع قدامى المجاهدين السعوديين بالحرب الأفغانية التي كان يعرفها. حيث أوصى أحدهم بالمحامي منصور صالح خنيزان الذي شرح له أنس مهمته، وأخذه إلى أفغانستان وأطلعه على اتصالاته، وأصبح خنيزان مقتنعا بأن التوصل إلى اتفاق سلام ممكن وأبلغ القصر الملكي في الرياض بذلك.
وفي وقت لاحق، جاءت دعوة إلى أنس للعودة إلى الرياض، حيث أخبره خنيزان بأن الملك "وافق على بدء محادثات السلام، وأن لديه السلطة الكاملة لدعوة قائمة الأشخاص الذين يريدهم من أفغانستان". وكان هناك شرط واحد، وهو دعوة الزعماء الأفغان إلى مكة للحج بعد شهر رمضان عام 2008.
تسربت ما يسمى محادثات مكة إلى وسائل الإعلام، ولكن تقرر المضي قدما في كل الحالات، وبعد ذلك سافر أنس إلى الإمارات يرافقه شقيق كرزاي، ليلتقي هناك "بعض الأطراف من طالبان".
ويشير أنس إلى أنه عام 2011، أحس بأنه يجري إبعاده عن العملية. آنذاك -كما يقول- كان الربيع العربي قد اندلع، وتم اغتيال برهان الدين رباني أول رئيس للمجلس الأعلى للسلام الذي أنشئ حديثا في كابل، كما انقسمت طالبان بسبب وفاة الملا عمر. وبحلول الوقت الذي تم فيه إنشاء مكتب طالبان في الدوحة، تم فصل أنس.
وبالاستناد لرواية أنس، يعقب مصدر آخر لموقع "ميدل إيست آي" بأن قطر فتحت مكتب الاتصال لطالبان في يونيو/حزيران 2013 بعد فشل السعودية في إنشاء آلية فعالة للاتصال.
وقال المصدر إن الرياض تم تكليفها بمهمة من قبل رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون آنذاك والرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، ويشير إلى أن المحامي خنيزان نفسه ساعد عبد القيوم على القيام برحلة إلى دبي، حيث فتح حسابات مصرفية له.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد نشرت رسائل إلكترونية مسربة من السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة كشفت أن الإمارات سعت من جهتها لاستضافة مكتب اتصال طالبان.
وفي رد على مقال الصحيفة، أكد العتيبة أن دولته كانت مستعدة لاستضافة طالبان، ولكنها زعم أنها فرضت ثلاثة شروط: أن تندد الحركة بتنظيم القاعدة، وأن تعترف بالدستور الأفغاني، وأن تلقي أسلحتها. وهو ما يتناقض مع مصادر "ميدل إيست آي".