صحف بريطانية تعلق على اعتراف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل

القدس المحتلة، ديسمبر 2017 بلدية الاحتلال تضيء سور القدس التاريخي بالعلمين الأميركي والإسرائيلي قبيل خطاب ترمب(الجزيرة نت)
بلدية الاحتلال تضيء سور القدس التاريخي بالعلمين الأميركي والإسرائيلي قبيل خطاب ترمب (الجزيرة)

فاضت أبرز الصحف البريطانية اليوم بتداعيات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل وأبرزت ردود الفعل المتباينة في جل مقالات الرأي والافتتاحيات والتقارير التي تناولت هذا الحدث.

فقد وصف مقال بصحيفة ديلي تلغراف هذا الاعتراف بأنه غير منطقي سياسيا ودبلوماسيا، وأرجع ذلك إلى أن طريقة تفكير الرئيس غالبا ما تحير زملاءه، ناهيك عن بقية العالم، وكان هناك براهين أكثر وضوحا من قراره هذا غير المفهوم للاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل.

ويرى كاتب المقال ستيفن بولارد أن الإشكالية الحقيقية هنا ليست ما إذا كان هذا الفعل صوابا أم خطأ. فهو بالنسبة للإسرائيليين عين الصواب ولكنه ليس كذلك لكثيرين غيرهم. ومهما كانت حجج ترمب بأن هذا الأمر لن يؤثر في حل الدولتين، يبدو أن هذه الخطوة تدمر فكرة أنه يمكن إيجاد حل توافقي.

وأضاف أن الاعتراف بالقدس لن يحل أهم القضايا التي يرغب معظم السياسيين الإسرائيليين أن تحلها الولايات المتحدة، والأكثر إلحاحا والأهم هو الحاجة إلى إستراتيجية أميركية متماسكة للتعامل مع النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة. وفي هذا الأمر يبدو ترمب "يقول ولا يفعل".

وتساءل الكاتب مستهجنا عن سبب قيامه بهذه الخطوة، وخلص إلى أن الاستنتاج الذي ينبغي التوصل إليه هو ببساطة أن "الرئيس ترمب كونه الرئيس ترمب فهو شخص مبهم ومستفز وغبي تماما".

المراوغات السياسية
وفي مقال آخر بالصحيفة نفسها قال الكاتب روب كريلي إن ما فعله ترمب كشف عورة السياسة الأميركية بشأن القدس، وأضاف أن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل ووعده بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب ليس مجرد تغريد متبجح أو استفزازي خارج عن المألوف، فهو يجعله متماشيا مع التيار السائد للسياسة الخارجية الأميركية.

ما فعله ترمب كشف عورة السياسة الأميركية بشأن القدس، واعترافه بها عاصمة لإسر ائيل ووعده بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب ليس مجرد تغريد متبجح أو استفزازي خارج عن المألوف، فهو يجعله متماشيا مع التيار السائد للسياسة الخارجية الأميركية
undefined
 
ولابد أن يعلم الجميع الآن أن هذا الرئيس غير مكترث بالمراوغات السياسية والتذبذب ويسميها "نفاقا". وهذا يشكل جانبا كبيرا من سبب فوزه في الانتخابات.

وأضاف الكاتب أن ترمب لا يعرف التنازلات، وهذا يجعله الشخص الصريح والمباشر الذي تحتاجه أميركا أو "الأحمق المفيد" الذي يكشف ضعف سياسة بلاده. وأردف بأن النتيجة هذه المرة ستكون قبيحة، فأي مناقشة عاقلة لعملية السلام في الشرق الأوسط تجعل وضع القدس الشائك خطوة نهائية في أي اتفاق، وليس الخطوة الأولى. وللفلسطينيين كل الحق في الاحتجاج بأن مطالبتهم بعاصمتهم المحتلة القدس قد رفضت، وهذا ما يجعل العنف واقع لا محالة.

وسوف يلوم الليبراليون ترمب، لكن الحقيقة هي أن هذه هي النتيجة الحتمية لسياسة أميركية، التي سار عليها الرؤساء الديمقراطيون والجمهوريون، تقوم على استئجار الأرض في القدس وتعزيز المصالح الإسرائيلية والدفاع عنها بينما تدعي أنها وسيط نزيه في المنطقة.

خطوة حمقاء
أما افتتاحية الصحيفة فقد أبرزت عدم تراجع ترمب عن المضي في وعوده التي قطعها أثناء حملته الانتخابية عندما وعد بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وأن هذا ما فعله أمس رغم كثرة الإدانة الدولية. وقالت ديلي تلغراف إن الخوف الآن هو أن تؤدي مبادرة ترمب هذه إلى اندلاع اضطرابات بين الفلسطينيين وربما انتفاضة أخرى في الضفة الغربية.

لكن الحقيقة هي أن الدول العربية لم تعد مشغولة بالقضية الفلسطينية، كما أنها لا تعتبر أي تسوية مع الإسرائيليين علاجا لجميع أمراض الشرق الأوسط. وبالنسبة لبلدان مثل السعودية، لم يعد العدو الرئيسي لها إسرائيل بل إيران.

ووصف تقرير بصحيفة غارديان خطوة ترمب بأنها حمقاء وأنه سيكون لها عواقب سلبية يستحيل التكهن به. واعتبر ما فعله، رغم تحذير زعماء العالم العربي والشرق الأوسط وأوروبا، سيجعل حل الصراع على فلسطين أكثر صعوبة.  ووصف هذا اليوم بأنه يوم سيئ للقانون الدولي ولفلسطين ولجميع من يهتمون بالسلام في الشرق الأوسط.

ومن جانبها، قالت الإندبندنت إن الرئيس الأميركي في تسرعه للوفاء بوعده أثناء حملته الانتخابية قد اختار تجاهل تعقيدات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. واعتبرت قراره ذلك خاطئا ومتهورا.

ولخصت افتتاحية للتايمز الأمر بأنه سيتعين على الرئيس ترمب الآن العمل بجدية مع السعودية والفلسطينيين لتمهيد الطريق للسلام بدلا من المزيد من الصراع.

المصدر : الصحافة البريطانية