انقسام بصحف إسرائيل بين الدعوة للتسوية والحسم

سجال بإسرائيل يعقب الانسحاب البري من غزة بشكل احادي الجانب
سجال في الصحف الإسرائيلية بشأن تداعيات العدوان على غزة (الجزيرة)

عوض الرجوب-الخليل

هاجمت بعض الصحف الإسرائيلية ومحللوها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، واتهمته بخوض حرب تستنزف الإسرائيليين دون فائدة أو حسم.

وعموماً انقسمت الآراء بين فريقين أحدهما يطالب بالمضي في الحرب حتى القضاء على حركة حماس، والآخر يدعو إلى اختصار الطريق وإرسال وفد إلى مفاوضات القاهرة والدخول في تسوية مع الفلسطينيين.

وهاجمت صحيفة يديعوت أحرونوت بشدة رئيس الوزراء، ذلك لأنه يَعِد بإيجاد حل لقضية الأنفاق دون أن تصدر عنه كلمة واحدة عن حل آخر، وتسوية تضمن حياة الشعبين على جانبي الحدود.

وأضافت في افتتاحيتها أن نتنياهو اختار في نهاية الأسبوع الانسحاب من قطاع غزة دون تسوية ودون حسم "واختار الاستمرار في إنهاك الإسرائيليين بحرب استنزاف ليس لها أجل مسمى".

خيبة وثمن
ووصفت الصحيفة بالهراء الحديث عن وقوف قيادة حماس على حجم الدمار الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي، مؤكدة أنه في اللحظة التي يتلقى فيها المجتمع الدولي الصور سيوجه كل النقد والتحريض على إسرائيل التي ستقف أمام لجان تحقيق دولية.

وفي غياب أي حل أو تسوية لدى نتنياهو، تقول الصحيفة "تخيلوا دولة مُسوّرة من فوق الأرض وتحتها، تحميها منظومات صواريخ…".

وتابعت "أورثنا نتنياهو الآن خيبة أمل يصاحبها غضب بسبب الثمن الذي دفعناه من حياة الإنسان والجرحى". وخلصت إلى أن 28 يوماً من الحرب دون حسم ليست شيئاً يستحق الفخر به.

هناك قائمة طويلة من الدول في مقدمتها مصر التي يفرحها أن تجرد حماس من سلاحها، وأن تدمر منظومة الأنفاق التي أنشأتها

وفي سياق متصل رأى الكاتب بن كسبيت في صحيفة معاريف أن مشكلة نتنياهو تكمن في أنه لا يريد مفاوضات ولا اتصالات ولا تحالفات، ولهذا لا يرغب في حسم المعركة مع حماس، حتى لا ينفرد به (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن فيضطر إلى عقد السلام معه بشروطه.

ورأى الكاتب أن إسرائيل لم تجرب الحسم مع حماس، وأن نتنياهو بالذات "الذي يروج لحسم حماس منذ الأزل هو الذي يقودنا إلى جولة أخرى بلا غاية من التراشقات المتبادلة عديمة الجدوى".

وخلص إلى أن نتنياهو لا يريد الحل، ولا المفاوضات، بل يريد حماس حاكمة في غزة لكنها مرتدعة ومستضعفة.

ضبابية
وخلافاً ليديعوت ومعاريف، أبرزت صحيفة إسرائيل اليوم مقربة من الحكومة إشادة مصدر عسكري وصفته بالكبير بمجريات الحرب، وقوله إن "حملة الجرف الصامد" ستسمح بالوصول إلى تغيير جذري في الوضع في الجنوب.

لكنها مع ذلك، وفي مؤشر للضبابية في الموقف، نقلت عن المصدر قوله إنه في الأيام القريبة القادمة سيُتخذ القرار فيما إذا كانت ستتواصل المعركة أو الوصول إلى ترتيب.

وفي سياق الضبابية أيضاً، تنقل الصحيفة عن وزير الشؤون الإستراتيجية يوفال شتاينتس قوله إن إسرائيل تحتفظ بكل الأوراق، واصفاً ما يجري بأنه نوع من حرب الاستنزاف دون أن يشطب أي خيار عن الطاولة.

إذا ما نجحت المفاوضات في القاهرة، فإنها سترسم خطوط الواقع، معتبرة أنه سيكون من الخطأ على إسرائيل أن تمتنع عن المشاركة في المباحثات التي تعنى بمسائل حيوية لأمنها

وحسب الصحيفة فإنه في هذه المرحلة لا نية في الجيش لتسريح القوات من منطقة قطاع غزة، لا من النظاميين ولا من جنود الاحتياط، وذلك من أجل مواصلة المعركة عند الحاجة.

من جهته وبعيداً عن الحلول السياسية، دعا موشيه آرنس في هآرتس الجيش الإسرائيلي إلى أن يُتم مهمته وهي تجريد القطاع من السلاح والقضاء على بنية حماس التحتية، موضحاً أن ذلك لا يكون إلا بعملية برية كبيرة.

وأضاف أنه توجد قائمة طويلة من الدول في مقدمتها مصر التي يفرحها أن تجرد حماس من سلاحها، وأن تدمر منظومة الأنفاق التي أنشأتها، معتبراً أن الجيش الإسرائيلي وحده القادر على نزع سلاح القطاع "وإذا فعل ذلك حقاً فينبغي أن يحظى بالتشجيع من جهات كثيرة، لكن يجب عليه أن يحرز ذلك بقواه الذاتية".

ثمن الغياب
وفي افتتاحيتها، سلطت صحيفة هآرتس -المنتقدة غالباً لسياسات الحكومة- الضوء على تغيب إسرائيل عن مفاوضات القاهرة، معتبرة أن هذا التغيب ربما يعود عليها سهماً مرتداً.

وأوضحت أنه لا يمكن لإسرائيل أن تتجاهل التوافقات التي تتحقق بين مصر والوفد الفلسطيني (بحضور الوفد الأميركي)، بدعوى أنها لم تحضر المفاوضات وبالتالي فإنها ليست ملتزمة بنتائجها.

وأكدت أنه إذا ما نجحت المفاوضات في القاهرة، فإنها سترسم خطوط الواقع، معتبرة أنه سيكون من الخطأ على إسرائيل أن تمتنع عن المشاركة في المباحثات التي تعنى بمسائل حيوية لأمنها.

وفي ذات الصحيفة اعتبر مراسلها للشؤون العربية عاموس هارئيل أنه مع عدم حضور إسرائيل مفاوضات القاهرة فقد تشهد أروقتها اتفاقاً مصرياً فلسطينياً لن يكون بمقدور تل أبيب التحلل منه بزعم أنها لم تحضر المباحثات.

وقال إن الشعور بعدم الثقة بين إسرائيل وحماس متبادل، لكن حماس فقط تطلب ضمانات عربية ودولية لتنفيذ كل "تسوية"، في حين ستكتفي إسرائيل بضمانات مصرية. واعتبر المراسل أن إسرائيل لا تعتمد على دول عربية ولا تريد أن تضمن دول الغرب سلوك حماس "حتى لا تحظى باعتراف دولي".

المصدر : الجزيرة