السلطة الفلسطينية تواجه غضبا شعبيا

لقاء خاص - تطورات المشهد الفلسطيني - محمود عباس / رئيس السلطة الفلسطينية
undefined
حتى بعد أن تباطأت محاولات إنهاء الاحتلال الإسرائيلي السنوات الأخيرة، أشاد الفلسطينيون ومؤيدوهم في المجتمع الدولي بالاقتصاد النامي للضفة الغربية كخطوة حاسمة على الطريق إلى الدولة. والآن السلطة الفلسطينية غارقة في أزمة مالية، وهناك شعور متنام بأن جهود التنمية الاقتصادية التي كانت تهدف لإرساء قاعدة للاستقلال قد أتت بنتائج عكسية.

وقالت صحيفة واشنطن بوست إن هذا الشعور تعزز هذا الشهر بعدما حذر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أن عجزا متزايدا يهدد مكاسب السلطة الفلسطينية، ولاما إسرائيل على عدم قيامها بما يكفي لتسهيل الأعمال والتجارة. وكانت الدول المانحة قد تعهدت بتقديم الدعم في اجتماع بروكسل الأسبوع الماضي، ورصد المشرعون الأميركيون مبلغ 88.6 مليون دولار في شكل معونة تنمية تم تجميدها منذ أغسطس/ آب. لكن المخاوف ما زالت، وهي أن المساعدة الخارجية ستستمر في الانخفاض، مع تركيز الغرب على نوائبه الاقتصادية وتصارع الدول العربية المجاورة في معالجة ثوراتها السياسية.

ففي الضفة الغربية، حيث تباطأ ازدهار المعمار وارتفعت البطالة، تركز الاستياء على قيادة السلطة الفلسطينية، بما في ذلك رئيس الوزراء التكنوقراطي سلام فياض الذي أدخل زيادات ضريبية وإجراءات تقشف أخرى. ويقول المحللون إن تلك الخطوات ساهمت في انخفاض تقييمات قبول فياض والرئيس محمود عباس.

والغضب من هذه الإجراءات الذي التقى مع الانتقاد المستمر لإستراتيجية فياض لبناء المؤسسات وتطوير القانون والنظام، الذي يعتبره كثيرون ناجحا، لم يقرب الفلسطينيين من الدولة المنتظرة. فقد تباطأت محاولة للاعتراف بها أمميا، ويبدو أن خطط تصالح الفصيلين السياسيين الفلسطينيين الرئيسين قد جُمدت ومباحثات السلام مع إسرائيل تعثرت وإدارة أوباما لا تدفع القضية للأمام علنا.

توسع الأعمال التجارية الفلسطينية، التي هي مصدر رئيسي للدخل الضريبي، يعتمد على إسرائيل التي تتحكم في 60% من الضفة بالإضافة إلى حدودها والموانئ التي تدخل عبرها السلع المستوردة

كما أن الضرائب المرتفعة وتحركات كبح الإنفاق على الموظفين الحكوميين، قوة عاملة من 165 ألف شخص تمثل العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني، تبدو كإهانة. لأن معظم الأموال تُنفق على الأمن الذي ليس له علاقة بالشعب الفلسطيني.

وأشارت الصحيفة إلى تقرير البنك الدولي الذي قال إن توسع الأعمال التجارية الفلسطينية، التي هي مصدر رئيسي للدخل الضريبي، يعتمد على إسرائيل التي تتحكم في 60% من الضفة بالإضافة إلى حدودها والموانئ التي تدخل عبرها السلع المستوردة. وأضاف التقرير أن إسرائيل لم تبذل جهدا كبيرا في تسهيل القيود عام 2011.

وردت إسرائيل من جانبها بأنها ساعدت الاقتصاد الفلسطيني العام الماضي من خلال إجراءات مثل إزالة ثلاث نقاط تفتيش بالضفة والموافقة على أكثر من خمسة آلاف تصريح عمل إسرائيلي للفلسطينيين. ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن الفلسطينيين قدموا مقترحات قليلة للتطوير وإن المفاوضات فقط، وليس الانتعاش الاقتصادي، ستقود إلى الدولة.

ونوهت الصحيفة إلى أنه بالإضافة إلى أن مخاوف الموازنة تعرض الثقة في مشروع بناء الدولة للخطر فإن السؤال الذي يتردد في رام الله هو ماذا سيتم بعد ذلك؟ وقالت إن البعض يعتقدون أن السلطة الفلسطينية قاربت من تفكيك نفسها. والبعض الآخر يقولون إن عباس يأمل أن يقوم الرئيس أوباما، إذا ما أُعيد انتخابه، بإعطاء الأولوية لتسهيل حل الدولتين.

ويقول معاونو عباس إنه يعمل الآن على صياغة خطاب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشرح فيه بالتفصيل، من وجهة نظره، كيف أحبطت إسرائيل عملية السلام. وقالوا إن هذا الخطاب بمثابة جهاز إنذار مبكر وإن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر.

والخيار الثاني، كما قال مسؤولون فلسطينيون، هو الاستمرار في متابعة قضيتهم دوليا. وبناء على طلب السلطة الفلسطينية وافق مجلس حقوق الإنسان الأممي مؤخرا على نشر بعثة تقصي حقائق للتحقيق في تأثير المستوطنات الإسرائيلية على الفلسطينيين. لكن إسرائيل وقفت في وجه هذه البعثة وانتقدتها بشدة على أنها جهد لتجنب المفاوضات، ولوّح المسؤولون الإسرائيليون باحتمال اتخاذ إجراء تأديبي يمكن أن يشمل منع العوائد الضريبية التي تُجمع نيابة عن الفلسطينيين.

المصدر : واشنطن بوست