بختام المفاوضات اليمنية.. تفاؤل مشوب بالحذر

Yemen peace talks in Sweden- - STOCKHOLM, SWEDEN - DECEMBER 12: UN Secretary-General Antonio Guterres, UN special envoy to Yemen Martin Griffiths, Foreign Minister of Sweden Margot Wallstrom and other officials pose for a photo during a press conference within the closing session of Yemen peace talks in Rimbo town of Stockholm, Sweden, on December 12, 2018.
اليمنيون يعلقون آمالا كبيرة على نتائج المفاوضات (رويترز)

محمد عبد الملك-الجزيرة نت

تفاعل اليمنيون مع ما تم الإعلان عنه في ختام المفاوضات اليمنية في السويد، وانقسمت آراؤهم بين التفاؤل بهذه الخطوة التي من شأنها إنقاذ البلد وإنهاء الحرب، والحذر من إخلال أحد الأطراف بنتفيذها. 

وبمصافحة حارة وصور جماعية بين رئيسي وفدي الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، بدا المشهد في ختام مشاورات السويد، التي انتهت باتفاقات مبدئية على ثلاثة ملفات رئيسية من أصل ستة ملفات، شكلت أجندة المباحثات التي استغرقت أسبوعا كاملا.

تبادُل الأسرى، وفتح معابر مدينة تعز، وانسحاب الحوثيين من الحديدة ومينائها؛ هو أبرز ما تم إعلان التوصل إلى اتفاقات بشأنها، وأكده أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وكذلك مبعوثه الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث.  

وبحسب مصادر في الوفد الحكومي المشارك في المشاورات تحدثت للجزيرة نت، فقد تم ترحيل بقية الملفات الأخرى (مطار صنعاء، والملف الاقتصادي) إلى جولة قادمة يُتوقع أن تكون في نهاية يناير/كانون الثاني المقبل، بحسب ما أكدته المصادر.

‪غريفيث قاد المباحثات اليمنية وسعى إلى تقريب وجهات النظر‬ غريفيث قاد المباحثات اليمنية وسعى إلى تقريب وجهات النظر (رويترز)
‪غريفيث قاد المباحثات اليمنية وسعى إلى تقريب وجهات النظر‬ غريفيث قاد المباحثات اليمنية وسعى إلى تقريب وجهات النظر (رويترز)

إمكانية التنفيذ
كيف؟ ومتى سيتم تنفيذ الاتفاقات؟ لعل هذا السؤال الذي شغل اهتمام اليمنيين وهم يستمعون إلى التصريحات والمؤتمرات الصحفية في اليوم الأخير من المشاورات. 

وبحثا عن إجابة لتلك الأسئلة، تواصلت الجزيرة نت مع أعضاء من الحكومة اليمنية الشرعية المشاركين في المشاورات، وكان ردهم بأن الأمم المتحدة هي من تتحمل مسؤولية التنفيذ لكل ما تم الاتفاق حوله.

وأوضح مشاركون في وفد الشرعية بالسويد في اتصالات هاتفية مع الجزيرة نت أن الحكومة لن تتمكن من الذهاب إلى أي جولة من المشاورات مستقبلا، في حال لم يلتزم الحوثيون بتنفيذ الاتفاقات التي جرى التفاهم حولها في السويد. 

‪محادثات اليمنيين بالسويد تشهد انفراجة بشأن المعتقلين والأسرى‬ (الجزيرة)
‪محادثات اليمنيين بالسويد تشهد انفراجة بشأن المعتقلين والأسرى‬ (الجزيرة)

اتفاق مرهون
"لا يوجد اتفاق ملزم وبشكل واضح حتى الآن". هذا ما يراه رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث عبد السلام محمد، الذي تحدث للجزيرة نت قائلاً "لم نر صورا للتوقيع، وهذا ما يجعلنا نستخدم مصطلح التزام الحوثي بالانسحاب من ميناء ومدينة الحديدة، في حين يبقى الاتفاق الواضح هو اتفاق إطلاق سراح المختطفين والمعتقلين وأسرى الحرب، ولذلك فإن كل الذي حصل في مشاورات السويد مرهون بمدى تنفيذ الحوثيين له.

فالحوثيون أرادوا من خلال المشاورات إصدار قرار دولي جديد يلغي القرارات الدولية السابقة، وتحديدا القرار 2216، إضافة إلى رغبتهم في التقاط أنفاسهم بعد ضغط الحكومة الشرعية والتحالف عسكريا في الحديدة وصنعاء وصعدة والضالع خلال الأيام الأخيرة، بحسب عبد السلام محمد. 

ووفقا للمتحدث ذاته، فإن هناك ضغوطا دولية على الحكومة الشرعية وعلى التحالف بقيادة السعودية، وقد أظهرت جولة المشاورات في السويد حرص الحكومة على استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب من خلال السلام وليس الحرب.

‪كرمان باركت نتائج المفاوضات‬ (رويترز)
‪كرمان باركت نتائج المفاوضات‬ (رويترز)

تفاعلات اليمنيين
وسرعان ما تفاعل اليمنيون مع النتائج التي خلصت إليها سبعة أيام من التشاور في السويد، وانعكست على مواقف الكثير من الناشطين والصحفيين على مواقع التواصل الاجتماعي.

حيث باركت الناشطة اليمنية توكل كرمان للأطراف اليمنية على إنجازهم الخطوة الأولى في اتجاه السلام بتفاهمات السويد حول المعتقلين والأسرى وملفات تعز والحديدة.

وكتبت كرمان في تغريدة لها على صفحتها في فيسبوك "أنا على يقين أن التسوية السياسية العادلة هي من ستكفل بناء دولة اليمنيين القوية والمستقلة وصاحبة السيادة والمدنية أيضا، لا الانتصار العسكري".

ولكن هناك من ذهب للتقليل من تلك النتائج، وكتب أحدهم تعليقاً ساخراً على فيسبوك "صفقة تبادل أسرى "مُعلقة" وصورة جماعية فقط.. هذا كل ما أنجزته الأمم المتحدة من خلال مشاورات السويد بإمكان شيخ قبلي في مناطق التماس في الجوف أو مأرب أن ينجزه".

"سيعود المشاركون في مشاورات السويد بألبومات صور ذكرى اللقاءات والتجول هناك، أما السلام وتحقيق شيء على الأرض فلا زال بعيد المنال". هذا ما كتبه أيضاً الصحفي اليمني عامر الدميني في تدوينة له على صفحته في فيسبوك.

وكان لصورة مصافحة ممثلي الوفدين في ختام المشاورات حضور بارز على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انهالت تعليقات وانتقادات عبّر عنها الكثير من الناشطين اليمنيين.

مشاعر متناقضة
ونشر رئيس وفد الحكومة اليمنية خالد اليماني مقطع الفيديو أثناء المصافحة على حسابه في تويتر، وكتب: هذا ما قلته للسيد الأمين العام للأمم المتحدة عندما حاول تقريبي ومحمد عبد السلام للمصافحة: "لا داعي للتقريب في ما بيننا فهذا أخي، رغم انقلابه على الدولة وتدميره للوطن وتسببه بهذه المأساة الإنسانية، إلا أنه يظل أخي".

وكتب الناشط اليمني سامي العنسي: "سبق أن تصافحا رئيسا الوفدين خلال المشاورات السابقة ولم ينتج شيء عن تلك المصافحة، الانقلاب لا ينشد السلام فلا تفرطوا في التفاؤل".

أما الناشط اليمني يسري الأثوري هو الآخر لم يتردد في الاعتراف بشعوره بالإحباط من نتائج المشاورات، وكتب في تغريدة له أيضا: "اتفاق الحديدة لغم جديد في حياة اليمنيين ومسيرتهم نحو بناء الدولة لأنه يخلق كيانا جديدا يساهم في تمزيق اليمن، أشعر بالإحباط".

المصدر : الجزيرة