عمارة القاق

منى جبران – القدس
تختزن عمارة القاق التاريخية في حي الفاروق في جبل المكبر جنوب القدس والمطلة على الحرم القدسي الشريف أحداثا مفصلية في تاريخ القدس وفلسطين.

فبعد الاحتلال الإسرائيلي للجزء الشرقي من مدينة القدس، كانت عمارة القاق محل نزاع شرس في بداية السبعينات.

فقد حاول المستوطنون الاستيلاء عليها لوقوعها في ما يعرف بخط الهدنة أو منطقة الحرام (أو ما عرف بخط وقف إطلاق النار بين إسرائيل والأردن في ذلك الوقت).

ولموقع هذه العمارة أهمية خاصة فهي تجاور الكلية العربية التي خرج من حرمها العديد من رجالات العلم والاقتصاد والسياسة الفلسطينيين أمثال رشيد الخالدي ووليد الخالدي وأنيس الصباغ وغيره، وكذلك لقربها من مبنى الأمم المتحدة الحالي والذي كان سابقا مقرا للمندوب السامي البريطاني.

يقول الدكتور أنيس القاق السفير الفلسطيني لدى سويسرا والذي يقوم بزيارة للقدس: لقد حاول الإسرائيليون الاستيلاء على منزلنا هذا المشيد منذ بداية القرن العشرين، وبذلوا جهودا كبيرة ولجأوا إلى العديد من الحيل والخداع، ولكن إصرارنا على العودة إلى منزلنا الذي اضطررنا للنزوح منه نتيجة لحرب 1948 ووقوعه في منطقة الحرام .. الأمر الذي حرمنا من إمكانية استخدامه حتى قيام حرب 1967.

ولدى محاولتنا العودة إليه فوجئنا بجهات إسرائيلية تدعي ملكيته ..

ثم أقامت فيه ثم تمكننا من انتزاعه من ثلة من المستوطنين أقامت فيه بهدف وبعد معركة قانونية وقضائية طويلة استطعنا انتزاع البيت من ثلة من المستوطنين اقامت فيه بهدف الاستيلاء عليه كامر واقع …؟!

ثم استطرد بالقول "لقد تعرضنا إلى الكثير من الاستفزازات والمتاعب ولكننا تمسكنا بهذا البيت الذي نعتبره وطننا الصغير بعد وطننا الكبير فلسطين".

وأقام الإسرائيليون منتزها ضخما في الأرض المجاورة لهذه العمارة أصبح بمثابة منتجع سياحي يقصده السياح من مختلف أنحاء الدولة العبرية، بالإضافة الى سياح العالم.

ومازالت جدران عمارة القاق تحمل آثار النيران والقنابل المتبادلة أيام حرب 1948 و1967 بين القوات الإسرائيلية والقوات العربية.

ولا ريب أن أقواما كثيرة مرت من فوق السفح الذي تجثم عليه هذه العمارة التاريخية.

فكم من جيوش متحاربة مرت ببساطيرها الثقيلة فوق تراب هذا البيت وفنائه الواسع، وكم من وفود أجنبية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة شخصت إليه بعيونها وهي تتأمل مدينة القدس ومآذنها وقبابها الذهبية والفضية والنحاسية.

وبعد أن تحولت الكلية العربية إلى أطلال دارسة ..حيث تم تحويلها الى معهد لتعليم اللغات او تعليم " الحياة الاسرائيلية في الكيبوتس" لطلاب اجانب معظمهم من يهود العالم يأتون الى اسرائيل للتعرف على دولة "اللبن والعسل " ؟!!…وبعد ان تحولت الارض المجاورة الى منتزه للعشاق السياح وممارسي الرياضة الصباحية او المسائية ..فأن عمارة "القاق " تبقى شاهدا حيا على جزء هام من تاريخ القدس وفلسطين.

يقول عصام بدر أحد المجاورين لعمارة القاق "تذكرني عمارة القاق برواية لأديب مصري صدرت حديثا بعنوان :" عمارة يعقوبيان " يرصد فيها الاجيال المتعاقبة التي مرت على هذه العمارة ..راويا حكايات اهلها باسلوب ممتع شيق .
وينظر بدر إلى عمارة القاق وهو يردد "تزول آثار أقدام الغزاة المحتلين، وتبقين أيتها العمارة الفلسطينية الشامخة رمزا لعروبة القدس وفلسطين.
ــــــــــــــــــ
مراسلة الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة